كارثة طرطوس: مواكب تشييع تتوالى.. وأربعون جثة مجهولة الهوية

حصيلة غير نهائية: مئة غريق (المدن)
حصيلة غير نهائية: مئة غريق (المدن)


تستمر عمليات البحث عن ضحايا "قارب الموت" قبالة الساحل السوري بمحيط جزيرة أرواد، الذي غرق يوم الجمعة بعد انطلاقه الأربعاء الفائت من شاطئ المنية شمالي لبنان. وفيما لا يزال العشرات بعداد المفقودين، يرقى الحادث إلى مستوى الجريمة المنظمة التي تتجاوز قضية نشاط شبكات التهريب، إلى متورطين غير مباشرين سياسيًا وأمنيًا من الجانبين السوري واللبناني، يتحملون مسؤولية تصاعد رحلات الهجرة غير النظامية.

وحتى الآن، لا حصيلة نهائية لعدد الضحايا، ولا لعدد ركاب هذا المركب الذي وقع فيه المهاجرون ضحية تآمر وخداع من قبل سماسرة والمهرب اللبناني بلال ديب، الملقب بـ"أبو علي نديم" قبل أن يلقي الجيش اللبناني القبض عليه (راجع "المدن").

حتى الآن، ناهز عدد الضحايا الذين عثر على جثثهم العائمة قبالة طرطوس، في حصيلة غير نهائية، المئة غريق، وفق تصريح الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير، المكلف من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالمتابعة عند نقطة العريضة الحدودية.


جثث مجهولة

ويقول خير لـ"المدن": "حتى الآن، يوجد نحو 40 جثة لم يتم التعرف عليها، وندعو ذوي المفقودين من الفلسطينيين واللبنانيين مواكبة الصليب الأحمر يوم الاثنين برحلتين إلى طرطوس، للتعرف عليها، قبل مداهمة الوقت والاضطرار إلى دفنها". وأضاف: "إن التعرف على الجثث يأخذ مسارًا طويلًا ومعقدًا، لأن معظمهم بلا أوراق ثبوتية، ولا يمكن نقل أي منها إلى لبنان بلا التأكد من الهوية وإجراء الفحوص المخبرية DNA".

ويفيد أنه حتى صاحب المركب -وبعد تحقيقات الجيش معه- لا يعرف عدد الأشخاص الذين هرّبهم، وربما يتجاوزون 150 مهاجرًا، ما يعمق أزمة تحديد عدد الضحايا والبحث عن المفقودين.

ويقرّ اللواء أن معظم ركاب هذا القارب هم من الجنسية السورية والفلسطينية، وأن السوريين معظمهم من الداخل السوري، وأن السلطات السورية ستسلم الجانب اللبناني فقط الناجين والضحايا الفلسطينيين واللبنانيين. بينما ستتولى مهمة دفن الضحايا السوريين وإبقاء السوريين الناجين لديها.

وجاءت هذه الكارثة الإنسانية بالجرم المشهود، لتؤكد ما سبق أن تحققت منه "المدن" لجهة أن معظم السوريين المهاجرين من الشواطئ اللبنانية هم من الداخل السوري. الأمر الذي يحتم تحميل النظام مسؤولية سياسية، بتهجير السوريين وفتح الحدود بتسهيلات أمنية لهروبهم إلى أوروبا عبر لبنان، بالوقت الذي يسعى للتظاهر بلعب دور "إنساني" بعيد عنه، أمام الرأي العام الدولي والمحلي، بعمليات الإجلاء (راجع "المدن").


ضحايا وتشييع

ويوم الأحد، نقل الصليب الأحمر ناجيَين لبنانيَين من مستشفى الباسل في طرطوس إلى مستشفى طرابلس الحكومي. هما محمد زين الدين، ودعاء عبد المولى. كما شيعت بلدة برقايل العكارية، جثمان الضحية أحمد علي، ليرتفع عدد الضحايا اللبنانيين حتى الآن، إلى نحو عشرة قتلى، بعد تسليم تسع جثث في اليوم الأول بعد غرق القارب.

فلسطينيًا، تبلغ الفاجعة ذروتها في مخيم نهر البارد، الذي يستعر فيه الغضب الشعبي والمطالبات بإنزال أشد العقوبات بحق صاحب المركب، بعدما سدد المهاجرون له مبالغ ضخمة، قاربت 6 آلاف دولار عن كل شخص. وشيع أبناء المخيم في مأتم مهيب وحاشد الأحد، الضحية سامر الوحيد، وذلك بعد يوم من تشييع كل من عبدالعال عبد العال وخالد عبد العال. كما شيع مخيم شاتيلا في بيروت الضحية أحمد عبد اللطيف الحاج.

وتقدر أوساط فلسطينيّة في لبنان عدد ضحايا هذا المركب بنحو 39 فلسطينيًا، 35 منهم لاجئون في مخيم نهر البارد شمالي لبنان و4 آخرون من مخيم شاتيلا. في حين، وصل إلى لبنان ثلاثة شبان فلسطينيين نجوا من غرق المركب، وهم جهاد مشلاوي من مخيم شاتيلا، وابراهيم شكري منصور ومحمد اسماعيل من مخيم نهر البارد.


سبح 13 ساعة

ووصف مشلاوي في تصريح مصور له أثناء نقله إلى لبنان، الرحلة، بالكابوس. وأنه لن ينسى المشاهد التي عاشها. وقال إن محرك المركب تعطل بهم بعد ساعات من الانطلاق، وقلبته الأمواج، وبدأ ركابه بالاختفاء. ونجا هذا الشاب بأعجوبة، إذ سبح وفق تصريحه نحو 13 ساعة متشبثًا بالمركب إلى أن وصل إلى ساحل طرطوس.

ولم تتضح بعد ملابسات غرق القارب، وتتحدث بعض روايات الناجين أنهم وجهوا نداءات استغاثة عدة من دون الاستجابة لهم، على مدار نحو يومين من مقاومتهم تقاذف الأمواج العالية، إلى أن غرقوا فجر الجمعة. الأمر الذي يطرح السؤال إن كانت رادارات خفر السواحل السورية واللبنانية قد رصدتهم، وأسباب عدم التنبه لنداءات الاستغاثة.

وعثر صباح الأحد على جثتين عند جزيرة حباش السورية. في حين عثر على معظم الضحايا والناجين قبالة جزيرة أرواد، وكذلك ساحل مدينة عمريت والمنطار وغيرها من النقاط البحرية.

تعليقات: