القضاء هو المهنة الوحيدة التي يعتاش منها القاضي (علي علوش)
في إطار مواجهة الاتهامات التي تطال القضاة باعتكافهم وإضرابهم، نظمّ نادي قضاة لبنان مؤتمراً صحافياً، صباح اليوم الخميس 22 أيلول، في نادي الصحافة، فرن الشباك، وذلك للوقوف على واقع القضاة الحالي، ولكسر جدار الصمت بعد الحملات السياسية الممنهجة التي يتعرض لها الجسم القضائي.
مواجهة التضليل
شارك في هذا المؤتمر مجموعة من القضاة، من النادي ومن خارجه. واستهل الحديث القاضي فيصل مكي، الذي أوضح أن انعقاد هذا المؤتمر أتى بعد مطالبات القضاة الملحة لضرورة التدخل، ودحض هذه الاتهامات التي يتعرض لها القضاة في الآونة الأخيرة. وشدد على ضرورة كسر جدار صمت القضاة، بعد انتشار معلومات كثيرة ومعطيات عدة، عبر وسائل الإعلام، تتعلق بالسلطة القضائية من دون الإجابة عنها بالطريقة الصحيحة. هذا عدا عن انتشار الأخبار المضللة التي تتعرض لنزاهة القضاة، لاسيما أن "التماهي في السكوت يؤدي إلى تماهي الاتهامات". لذا، شدد مكي على ضرورة المواجهة اليوم. وعرض الوقائع الصحيحة أمام الرأي العام، معتبراً أن مطالب القضاة باتت تعرض اليوم بصورة مشوهة، وذلك يعود للحملات المقصودة لكسر القضاء.
وأشار مكي، إلى أن القضاة تضرروا بشكل أساسي من تداعيات الانهيار الاقتصادي للقضاء، فالأزمة أدت إلى استحالة وصول القاضي إلى عمله، لاسيما أن راتب القاضي لا يتعدى 8 ملايين ليرة فقط، ما ساهم في عجزه عن تسيير أموره اليومية وعن مواصلة عمله. ولهذا الواقع تداعيات خطيرة. إذ سنشهد استقالات القضاة عما قريب.
خراب قصور العدل
وعرض نادي القضاة خلال المؤتمر مجموعة من الصور التقطوها في قصور العدل، ليثبتوا للرأي العام أنها تفتقد إلى الحد الأدنى من المقومات لتسيير أمور المواطنين. وهي بحاجة لإصلاحات متعددة، ومن أهمها تأمين خدمة المياه في قصور العدل، وإحضار المستلزمات التي يحتاجها القضاة لإتمام عملهم، كالأقلام والظروف الورقية وغيرها. كما تضمن العرض صوراً لحيوانات داخل قصور العدل، كالقطط والجرذان والأفاعي والمواشي. وأكدوا أن هذه المشاكل ليست جديدة، وليست وليدة الأزمة الاقتصادية، بل قديمة جداً ولكنها ظهرت بعد عجز القضاة عن استمراريتهم في الدفع على نفقتهم الخاصة لتعديل وتصليح وصيانة المرافق الخدماتية. واختتم مكي قائلاً إن هناك اتهامات تطال القضاة بسبب اعتكافهم، فيرددون على مسامعهم بشكل يومي أن السلطة القضائية لا يجب أن تتوقف عن العمل ولا يجب تأخير المحاكماتز ومن هنا نقول أن السلطة القضائية بحاجة إلى مقومات محددة لتعتبر سلطة وهذه المقومات غير موجودة.
الحل في الضمانات
أما القاضي محمد فواز، فشدد على أهمية إعطاء القاضي كل الضمانات التي يحتاجها. معتبراً أن المستفيد الأول منها هو المواطن الذي سيحصل على حقه وليس القاضي. وأن هذه الضمانات تساعد القضاة على إتمام عملهم بطريقة الصحيحة، فيما اليوم لا تتعدى ضماناتهم راتباً لائقاً أو ضماناً صحياً. وكل ما ينشر أمام الرأي العام عن ضمانات أخرى مقدمة من محروقات ومواكبات وغيرها، غير صحيحة. وإن هذا المطلب المستمر في ضرورة تحصيل الضمانات يعود لسبب أساسي، وهو أنها المهنة الوحيدة التي يعتاش منها القاضي. إذ لا يسمح له اللجوء لمهنة أخرى. لذا، فإن حصر نشاط القاضي في عمل واحد، يفرض وجود ضمانات لتسيير كل قدراته في العمل القضائي.
مسؤولية فردية
من جهته يرى القاضي جوزف تامر، أن نظرة اللبنانيين إلى القضاء بوصفه بطلاً خارقاً أو وحشاً كاسراً هي صورة خاطئة ولا أساس لوجودها. فاليوم يتوزع في القضاء حوالى 600 قاضٍ متوزعين في قصور العدل، ثلاثون منهم يعملون في القضاء المالي. خمسون في مجلس شورى الدولة. وحوالى 500 قاض يعملون في القضاء العدلي، للبت بالنزاعات بين الأفراد، وضمنهم عدد قليل جداً يعنى بمكافحة قضايا الفساد. وهم اليوم، لا يعملون لأسباب عدة، أو يتابعون عملهم القضائي من دون الوصول للنتائج المرجوة لأسباب سياسية. لذا، المسؤولية اليوم ليست جماعية وتشمل كل القضاة، إنما فردية. ويتوجب على الناس عدم شمل جميع القضاة في تعميم مظلم ومجحف بحقهم.
انتفاضة القضاة
أما القاضي حسن حمدان، فشرح عدم قدرة القضاة على الانتفاضة وقال: إن السلطة القضائية ليست جهة سياسية، وتتبع ضوابط وقواعد معينة، وإن تحرك هذه السلطة لا يؤدي إلى تغيير نظام معين، أو إزاحة بعض الأشخاص من مناصبهم لأسباب سياسية. إنما الانتفاضة تكون عبر مطالبتهم بحقوقهم وإصرارهم على تحسين الوضع التشريعي، وحل بعض المشاكل الموجودة في القضاء. واختتم قائلاً: "لسنا جهة حزبية أو جهة منظمة تستطيع التحرك متى أرادت على الأرض، إنما نحن جهة مكلفة بمهام معينة. والتغيير والإصلاح لا يعتبر من صلاحياتنا. ومن هنا نطلق صرخة موحدة للحفاظ على ما تبقى من القضاء.
وهكذا أكد نادي القضاة اليوم ما نستشعره من انهيار في الجسم القضائي في لبنان، وأطلق صرخة لإيجاد الحلول السريعة قبل إعلان موت العدالة في لبنان.
تعليقات: