المودعون للدولة: السجن ولا الفقر!


أعادت المصارف فتح أبوابها، بعد إضراب فرضه اقتحام مودعين علقت أموالهم في خزائنها، ما اضطرهم إلى أخذها بالقوة. فتح المصارف لفروعها ترافق مع إجراءات أمنية مشددة فرضتها كي تمنع المودعين من اقتحامها بعدما بات أمراً عادياً أن يدخل أحدهم بغالون محروقات، مُهدداً بحرق المصرف إذا لم يحصل على وديعته. فقد أدرك المودعون أن هذا هو الأسلوب الوحيد الذي يفهمه أصحاب المصارف.

من هذه الإجراءات، عدم استقبال أي مواطن إلا بعد الحصول على موعد يتم تحديده عبر الهاتف، كما زادت المصارف أعداد الحراس، حتى أن بعضها لجأ إلى استخدام حراس مسلحين. ما لم تفهمه المصارف هو أن الكثير من صغار المودعين اليوم يحملون شعار "السجن ولا المذلة".

ثم عادت صور وفيديوهات مودعين يقتحمون المصارف ويحتجزون موظفيها لتحتل مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم، ورغم تلك الإجراءات كلها. فيديوهات أتت من مختلف المناطق اللبنانية، وبات المودعون المقتحِمون يحظون بدعم شريحة واسعة ومتزايدة من اللبنانيين، حسبما أظهرت التغريدات في مواقع التواصل الاجتماعي. وخفت النقاش الذي دار مع بداية انتشار ظاهرة اقتحام المصارف حول تعريض موظفي المصرف والمواطنين للخطر، كما توقف أسئلة البعض حول من أين أتى المودع بهذه الأموال.

السبب الرئيسي لتضامن اللبنانيين مع المودعين هو أن المقتحمين جميعاً كانوا من صغار المودعين، لم تتجاوز ودائعهم الخمسين ألف دولار أميركي، وعلى الأرجح فإن هؤلاء ما كانوا ليقدموا على تعريض أنفسهم وغيرهم للخطر، لو لم يكن هذا الخيار الوحيد المتاح أمامهم للعيش. فوديعة علي ديب الساحلي الذي اقتحم مصرف BLC في شتورا، تبلغ 24 ألف دولاراً أميركياً تقريباً. أما مقتحم بنك بيبلوس في صور، حسن حدرج، فتبلغ وديعته 40 ألف دولاراً، وحصل زاهر خواجة على وديعته البالغة 11 ألف دولار بعد اقتحامه بنك لبنان والمهجر في حارة حريك.

لم يتمكن الساحلي من استرجاع وديعته، وألقت القوى الأمنية القبض عليه، وكان مؤثراً ما قاله أثناء اعتقاله من أنه سيقدم على الانتحار لو تم الزج به في السجن، هو الذي حاول بيع كِليته بعدما سُدّت في وجهه أبواب الرزق. أما حدرج، فقد سلم نفسه للقوى الأمنية بعدما تسلّم وديعته، والرسالة هنا واضحة.. السجن ولا الفقر، الموت ولا الفقر.

تعليقات: