مقتحم المصرف حسين شكر: أريد تعليم أولادي

طلب 800 دولار لتسجيل ابنه في الجامعة فرفض المصرف (المدن)
طلب 800 دولار لتسجيل ابنه في الجامعة فرفض المصرف (المدن)


عاد مشهد اقتحام المصارف إلى الواجهة مجدداً. و المودع المؤهل المتقاعد في قوى الأمن، حسين شكر واحد من بين كثر يريدون استرجاع ، ولو جزء يسير من حقهوقهم ولو بالقوة.

إبن بلدة النبي شيت البقاعية، البالغ من العمر 53 عاماً، اقتحم مصرف الاعتماد اللبناني، في منطقة حارة حريك، للمطالبة بالحصول على وديعتيه كاملتين بالدولار الاميركي والليرة اللبنانية.


اقتحام سلمي

يروي شكر قصته لـ "المدن" فيقول أنه توجه في الثامنة من صباح اليوم الأربعاء، وانتظر حضور موظفي المصرف لفتح الأبواب الحديدية والدخول، فأخبروه بأن يعاود المجيء في يومٍ آخر. فطلب منهم كوب ماء بسبب شعوره بالتعب الجسدي، وخلسةً دخل إلى داخل المصرف وأعلمهم بعدم رغبته بالخروج قبل الحصول على كامل ودائعه.

وقد تواصل صباح اليوم، مع صديقه المتقاعد في قوى الامن، في رسالة صوتية، وأخبره بقرار اقتحامه للمصرف. وطلب منه مساعدته وانتظاره أمام الباب الحديدي، ريثما ينتهي من التفاوض مع الإدارة. علماً انه قام باقتحام المصرف بطريقة "سلمية"، دون إستعمال أي سلاح أو أدوات حادة.


قيمة الوديعة

يملك شكر وديعتين في المصرف نفسه، تبلغ قيمة الوديعة الأولى 48 ألف دولار أميركي، أما الوديعة الثانية فهي تعويض نهاية خدمته في قوى الأمن، وتبلغ 268 مليون ليرة لبنانية.

يقول شكر أن أسباباً عديدة دفعت بالمودع إلى اقتحام المصرف اليوم. السبب الأساسي هو عجزه عن تعليم أولاده، وهو أب لثلاث شبان وشابة، وزوجته متوفاة منذ 5 سنوات. وقال لـ"المدن" أنه لم يعد باستطاعته اكمال تعليم أولاده، فإبنه بحاجة إلى السفر خارج لبنان لاستكمال تعليمه الجامعي ولكنه غير قادر على تأمين هذه التكاليف. وأن وضعه المادي صار صعباً جداً، وهوغير قادر على دفع تكاليف طبابة عائلته أوتعليمهم.

وباتت أمور حياته تتعقد أكثر، فلا وجود للكهرباء بشكل دائم في بيته بسبب ارتفاع تكاليف المولدات الكهربائية. لاسيما أنه توجه مراراً وتكراراً إلى المصرف للمطالبة بأمواله، ولكنهم رفضوا اعطاءه أي موعدٍ. وتواصل مساء أمس مع المدير الإقليمي لمصرف الاعتماد اللبناني، للحصول على موعد سريع، وطلب مبلغ 800$ لتسجيل أبنائه في الجامعة، ولكنه لم يصل إلى أي نتيجة.

وشرح شكر عن احتياجاته الشهرية، التي تتوزع بين إلتزاماته تجاه أولاده إلى جانب تكاليف شهرية مرتفعة لإجراء فحوصات دورية بسبب وضعه الصحي، ورغم إلحاحه على المصرف للحصول على المال، إلا أن الأخير لم يقدم له إلا 5 ملايين ليرة لينانية فقط شهرياً من وديعته، ولم يحصل على أي مبلغ بالدولار الأميركي. كما أنه يتقاضى بشكل شهري مبلغ 2340000 من قوى الأمن والتي لا تتعدى 65$.

بثيابه الرياضية وبروح رياضية أيضاً، توجه شكر إلى المصرف للمطالبة بحقه. وتعمد إعطاء كل معلوماته الشخصية للمنابر الإعلامية من أجل ايصال صوته للرأي العام.


تدخل اللجنة الأمنية

ولأن اقتحام المصرف اليوم، في منطقة الضاحية الجنوبية، "المنطقة الحساسة إلى حدٍ ما"، فخلال دقائق قليلة، إنتشر شبان من اللجنة الأمنية لحزب الله، ومنعوا الإعلام من إلتقاط أي صورٍ أو الإقتراب من أبواب المصرف. وأجروا اتصالات عدة لأكثر من عشرين دقيقة، حتى سمحوا –أخيراً- للمصورين بالتقدم والتكلم مع المودع حسين شكر.

يعلم حسين جيداً أهمية المنطقة المتواجد فيها. لذا، تعمد ولمرات عدة أن يقول أمام الإعلام والصحافة أن "القدس هنا" و"من هنا يجب تحرير الناس" للدلالة على أهمية إعطاء المواطنين حقوقهم وعدم التعدي عليهم تحت أي غطاء سياسي، وللإشارة أيضاً إلى ضرورة تحرير المودعين من الظلم والفساد، إلى جانب شعارات عدة رددها بصوت مرتفع عن الإمام الحسين الذي قاتل من أجل إنهاء الظلم والاضطهاد.


تضامن ومساندة

وأوضح شكر أن المتقاعدين في قوى الأمن تضامنوا معه صباح اليوم، ولكنه لم يحصل أي تواصل مع اللواء عماد عثمان. فيما إعتبر أن اقتحام أي مصرف هو حق للمودع ويجب مساندته والتضامن معه، إذ ليس من المنطق أن أقوم بخدمة وطني 30 عاماً وأحصل بعد انتهاء خدمتي على 69$ شهرياً، وهي لا تكفي لإنارة بيتي في منطقة الجاموس. كما انضم إليه ابراهيم عبدالله من جمعية صرخة المودعين، ودخل معه إلى المصرف للتفاوض على الودائع.


عرض أولي وتدافع

دام التفاوض بين شكر وإدارة المصرف لساعات عدة، وعرضوا عليه مبلغ 30 مليون ليرة لبنانية فقط، إلا أنه رفض هذا المبلغ، وأكد لهم عدم التراجع أبداً حتى استحصال أمواله بالكامل.

وخلال انتظار خروج شكر، حصل تلاسن بين صديقه وعناصر من الأجهزة الأمنية، ما أدى إلى تدافع وعراك وتبادل الشتائم بين أهل المودع والعناصر الأمنية.


التسوية الأخيرة

وبعد مفاوضات طويلة، تم الإتفاق بين المودع وإدارة المصرف على تسليمه كامل الوديعة اللبنانية ، وهي 268 مليون ليرة لبنانية، و3000 دولار أميركي من الوديعة الثانية، وبعد إمضاء الأوراق المطلوبة، استلم شقيق المودع المبالغ المالية وخرج المودع من المصرف.

تم الاتفاق بينهما أيضاً على تعهد المودع بعدم اقتحام المصرف مرة أخرى للمطالبة بالوديعة الثانية، إلى جانب حفظ كامل الوديعة بالدولار، والتي تعني بقاء 45 ألف دولار للمودع داخل المصرف. وتعهد الأخير بعدم رفع دعوى على المودع بسبب اقتحامه.

واليوم باتت المصارف تعلم جيداً، بأن موجة الاقتحامات لن تتوقف. وأن المودعين لن يتخلوا عن ودائعهم، وسيحاولون يومياً الحصول عليها بشتى الطرق السلمية وغير السلمية. فيما يعلم المودعون أيضاً أن المصارف ستحاول ابتداع إجراءات قانونية وأمنية جديدة لكم أفواههم. وستبقى المواجهات مستمرة وإلى مزيد من الاقتحامات..

تعليقات: