مارست واشنطن خلال الـ24 ساعة الماضية ضغوطاً على لبنان (Getty)
تحت وطأة التحضير للمعركة الانتخابية بين رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لابيد، ومنافسه زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو، رفضت تل أبيب ملاحظات بيروت على مسودة الاتفاق التي اقترحها آموس هوكشتاين. ما أدخل المفاوضات منعطفاً جديداً فُتحت معه الأبواب أمام احتمالاتٍ متعددة. ويبدو أن الأمور تزداد تعقيداً بعض الشيء، مع طرح وسائل إعلام إسرائيلية تكهنات حول ضمانات بالتزام حزب الله بأي تسويةٍ مرتقبة.
مطالب حزب الله
وهذا بالفعل ما أضاءت عليه صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، بقولها إنه ليس من الواضح ما هي الضمانات بأن لبنان الذي يسيطر عليه حزب الله لن يأتي لاحقاً بمطالبٍ جديدة، تختبر الحدود. معتبرةً أنه حتى المياه التي تبدو هادئة يمكن أن يكون لها تياراتٌ خفية خطيرة.
وحسب الصحيفة، قدّم لابيد الصفقة في البداية على أنها وضع مربح للجانبين، مفترضاً أن إسرائيل لن تستفيد وحسب من جزء من أرباح حقل قانا للغاز، بل ستدعم الاقتصاد اللبناني المنهك، ما سيضعف اعتماد لبنان على إيران، ويكبح جماح حزب الله ويحقق الاستقرار الإقليمي. لكن من الصعب معرفة ما إذا كان قراره يعني الدخول في دوامةٍ خطيرة. فطالما أن حزب الله يلعب دوراً مهيمناً في الحكومة اللبنانية، فهو لن ينفق أموال الغاز على نهضة لبنان، إنما سيستمر في محاولة إسقاط الدولة اليهودية.
تفسيرات نصرالله
وتكمل الصحيفة مبيّنةً أنه بينما قد يعتقد لابيد حقاً أنه يشتري السلام، أو على الأقل الهدوء، بصفقة مفيدة للبنان، فمن غير المرجح أن يفسرها نصرالله بالطريقة نفسها. فالحزب لا يعمل بالمنطق نفسه أو العقلانية. وخير دليلٍ على ذلك، مئات الصواريخ التي أطلقها حزب الله على شمال إسرائيل منذ الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي مما يسمى بالمنطقة الأمنية في لبنان عام 2000.
وهكذا، وبدلاً من إزالة تهديدات حزب الله، قد تثير الصفقة شهيته. وتفترض الصحيفة أن للحزب وجهة نظر تفيد بأن تهديداته أدت إلى تراجع إسرائيل، بإلحاحٍ من أميركا. فعلى الرغم من أن الصفقة مع لبنان تم العمل عليها منذ عقدٍ من الزمن، إلا أنها تكثّفت في العامين الماضيين بضغطٍ نشط من إدارة بايدن.
تفسيرات نصرالله
وتكمل الصحيفة مبيّنةً أنه بينما قد يعتقد لابيد حقاً أنه يشتري السلام، أو على الأقل الهدوء، بصفقة مفيدة للبنان، فمن غير المرجح أن يفسرها نصرالله بالطريقة نفسها. فالحزب لا يعمل بالمنطق نفسه أو العقلانية. وخير دليلٍ على ذلك، مئات الصواريخ التي أطلقها حزب الله على شمال إسرائيل منذ الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي مما يسمى بالمنطقة الأمنية في لبنان عام 2000.
وهكذا، وبدلاً من إزالة تهديدات حزب الله، قد تثير الصفقة شهيته. وتفترض الصحيفة أن للحزب وجهة نظر تفيد بأن تهديداته أدت إلى تراجع إسرائيل، بإلحاحٍ من أميركا. فعلى الرغم من أن الصفقة مع لبنان تم العمل عليها منذ عقدٍ من الزمن، إلا أنها تكثّفت في العامين الماضيين بضغطٍ نشط من إدارة بايدن.
صورة إسرائيل واحتمال الفشل
وتضيف "جيروزاليم بوست" أن ما يحدث حالياً مع لبنان، يعطي رسالةً إشكالية عن صورة الدولة العبرية. إذ أن إسرائيل منخرطة في مفاوضات مع قبرص حول خزان حقليّ "أفروديت" و"يشاي" للغاز، الذي يوجد 10 إلى 12 في المئة منه في المياه الإسرائيلية. وبالتالي، يمكن أن تكون نتيجة مفاوضات لبنان هي الإشارة إلى نيقوسيا بأنها تستطيع حمل إسرائيل على التنازل عن المزيد من النقاط قيد المناقشة.
وتذكر الصحيفة بأن السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، هو من بين أولئك الذين أعربوا هذا الأسبوع عن قلقهم بشأن الشروط الناشئة لمسودة الاتفاقية. إذ غردّ على موقع "تويتر": "أمضينا سنوات نحاول التوسط في صفقة بين إسرائيل ولبنان بشأن حقول الغاز البحرية المتنازع عليها. اقتربنا كثيراً من الاتفاقات المقترحة التي تنص على حصة بين 55-60 في المئة للبنان و45-40 في المئة لإسرائيل. ولم يتخيل أحد حينها أن لبنان سيحصل على حصة مئة في المئة مقابل صفر لإسرائيل. أودّ أن أفهم كيف وصلنا إلى هنا".
وبمعزل عن كل ذلك، ترى الصحيفة أنه إذا كان هناك درس واحد كان ينبغي لإسرائيل أن تتعلمه على مدى السنوات التي تم فيها إطلاق الصواريخ من لبنان، بينما وقفت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة متفرجةً، فهو وجوب اعتمادها على نفسها وحسب من أجل أمنها. معتقدةً في الآن عينه بأن صفقة الغاز لا تزال قابلة للانفجار. وإذا فشلت، فبدلاً من فتح البحار على بعضها وتأمين الاستقرار، ستكون إسرائيل أمام سيناريو مقلق على حدودها البحرية.
وزيرة الداخلية تدخل في السجالات
إلى ذلك، قالت وزيرة الداخلية الإسرائيلي، أييليت شاكيد، لقناة "i24NEWS" الاسرائيلية، أنه يجب على إسرائيل ألّا تستسلم لأيّ تهديد من حزب الله بشأن اتفاقية الحدود البحرية. ورداً على سؤالٍ حول المفاوضات التي توسّطت فيها الولايات المتحدة لتعيين الحدود البحرية، أجابت شاكيد أنها ستحضر اجتماعاً قريباً للحصول على مزيد من المعلومات.
وفي إشارةٍ إلى استخراج الغاز من حقل كاريش، قالت "يجب استغلال الغاز من منصة كاريش وهي تحت السيطرة الإسرائيلية".
وعن انتقاد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق وزعيم المعارضة بنيامين نتنياهو بشدة أيّ اتفاق مع لبنان بشأن تعيين الحدود البحرية، عقبّت شاكيد قائلةً "نتنياهو سيحترم الاتفاق رغم كل شيء إذا أصبح رئيس وزراء إسرائيل مرةً أخرى".
عملية رمزية محتملة
من جهته، قال الخبير الإسرائيلي بالشؤون العربية، يوني بن مناحيم، أنّ نصرالله يُقدّر أنّ الضغط الأميركي لاستكمال الاتفاق سيفعل فعله، وكذلك، فإنّ القيادة العسكرية الإسرائيلية ترغب تجنّب مواجهة حزب الله عسكرياً.
ونقل بن مناحيم عبر "تويتر" أنّ رئيس الموساد دافيد برنياع، قال لوزارء الكابينت "نصرالله تعهّد علانيةً بمنع استخراج الغاز من منصة كاريش إذا لم يكن هناك اتفاق". مشدداً على أنّ هناك خشية من أن يُنفذ عملية عسكرية "رمزية".
ورغم لهجة التصعيد، أشارت "هيئة البث الإسرائيلية" إلى أن المحادثات لمحاولة التواصل إلى اتفاقٍ ما زالت مستمرة. كاشفةً أن إدارة بايدن، مارست خلال الـ24 ساعة الماضية، ضغوطاً على لبنان للتخلي عن بعض مطالبه الجديدة.
تعليقات: