البيطار عائد: سهيل عبّود مستمر في تحدّي القانون


لا يتوقّف سهيل عبود عن «تركيب الأفلام». رئيس مجلس القضاء الأعلى، الذي أصبحَت معالمِ التوتّر واضحة عليه في الآونة الأخيرة، بدأ اعتماد أسلوب جديد في حماية المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، فضلاً عن حماية نفسه. وهو اليوم في صدد إعادة البيطار بعدما قبِل تنحّي القاضي ناجي عيد وتعيين القاضي جان مارك عويس مكانه.

فبعدما وافق على طلب وزارة العدل تعيين قاضٍ عدليّ رديف «لبتّ الأمور الضرورية والملحّة ريثما يتمكّن المحقّق الأصلي من مزاولة مهامه مجدّداً»، كما ورد في كتاب وزير العدل هنري خوري الموجه إلى مجلس القضاء الأعلى، يسعى عبّود للتنصّل من هذا الالتزام. إذ حاول أكثر من مرة تطيير الجلسة بتطيير النصاب واتهام الاسم البديل (القاضية سمرندا نصار) بأنها «عونية»، وادعى قبلَ الجلسة الأخيرة، المظلومية والبطولة في آن، بإصداره بياناً أعلن فيه «رفضه إخضاع المجلس لرغبات السياسيين وتدخلاتهم، بالتالي رفضه حضور الاجتماع الذي دعا إليه وزير العدل الثلاثاء (الماضي)»، للإيحاء بأنه ينتفِض على التدخل في عمل القضاء ويرفض الخضوع. علماً أن عبّود ذاته قبِل والبيطار سابقاً بتنفيذ أوامر بعض المرجعيات الروحية والسياسية بإطلاق موقوفين في ملف التحقيقات، من بينها البطريرك بشارة الراعي ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط.

في جميع الأحوال، استقطب بيان عبّود حملة دعم معه من فريق الدفاع السياسي والشعبي والإعلامي الذي يتولّى تحصين البيطار، فأتاح له ذلك إضافة حلقة إلى مسلسل التسييس والاستثمار في وجع أهالي الضحايا والموقوفين على حد سواء. يومَ الجلسة الأخيرة، لم يتغيّب عبّود وحده عنها، بل طلبَ من أعضاء أمانة السر المغادرة، كما أوعزَ بإطفاء مولدات الكهرباء في المبنى! وبعدها نفذ ما قاله أمام أعضاء مجلس القضاء الأعلى، عن طرح قال إنه «يُمكن أن يكون مخرجاً لإعادة البيطار، وهو تنحية القاضي ناجي عيد الذي مُنِع من البت في دعوى ضد البيطار بسبب دعوى مخاصمة الدولة قدمها عدد من الوزراء المدعى عليهم في القضية أمام محاكم التمييز في حقه»، فعيّن عبوّد مكانه القاضي عويس وباتَ بإمكان الأخير اليوم ردّ الدعوى المقدمة ضد البيطار وإعادته إلى مهامه.

لم يكتف عبّود بذلك. فرئيس مجلس القضاء الأعلى الذي قالَ بصراحة أمام زملائه إنه غير مهتمّ بالموقوفين، وأنه يرفض تعيين قاضٍ رديف «لكي لا يطلق سراح أحد منهم فيُصبِح الملف فارغاً»، سمحَ لعدد من أهالي الموقوفين بالحضور إلى مكتبه أمس، بعدَ تأجيل اللقاء بهم أكثر من مرة. واقترن مجيئهم بـ«مصادفة» غريبة جداً، وهي مرور المحامية ساسيل روكز، شقيقة الضحية جوزف روكز، ووكيلة بعض أهالي ضحايا انفجار المرفأ في المكان، فطلبت السماح لها بالانضمام إلى الاجتماع، فلم يعترض أهالي الموقوفين. كانَ عبّود شديد التوتّر، وفقَ حاضرين في المكتب، إذ تحدّث إلى أهالي الموقوفين بنبرة عالية ومستفزة، قائلاً إنه «لم يقبل بمبدأ القاضي الرديف وأنهم لم ينفذوا ما طلبه مقابل ذلك، أي توقيع مرسوم تعيين القضاة في محاكم التمييز والذي أدرج فيه أسماء قضاة موالين له، وأن المرسوم شرط أساسي». وأكثر من ذلك، هدد عبّود بإرسال الدعاوى وطلبات نقل القضية من يد القاضي بيطار إلى قضاة للبت بها وإعادة البيطار إلى مهامه.


فتح عبود مكتبه لمواجهة بين أهالي الضحايا وأهالي الموقوفين

الجو المشحون الذي نتج من إصرار عبّود على تعطيل الملف واستمرار حجز الموقوفين من دون محاكمة أو إخلاء سبيل، أدى إلى إشكال داخل مكتبه بينَ روكز والأهالي، وهو ما استفاد منه عبّود لدعم موقفه، بعدما وضع أهالي الموقوفين والضحايا في وجه بعضهم البعض، علماً أن الطرفين ضحية الاستثمار السياسي الذي يُعتبر عبّود أحد عرابيه.

أمام هذا الواقع يتجه ملف التحقيقات في تفجير مرفأ بيروت إلى مزيد من التعقيد. أولاً بينَ وزير العدل ورئيس مجلس القضاء الأعلى، وبينَ الأخير وأعضاء المجلس الذي يمنع عبّود من ممارسة صلاحياته مجتمعاً وفقاً للمادتين 4 و5 من قانون القضاء العدلي اللتين تنصّان على أن «يسهر مجلس القضاء الأعلى على حسن سير العمل في المحاكم، وأن ينظر مجلس القضاء في أي أمر خلافي للبت فيه ويتخذ قراره بأكثرية سبعة أعضاء ويكون قراره في هذا الشأن نهائياً وملزماً، ولا يملك أي عضو فيه أياً من الصلاحيات منفرداً ولا حتى التعبير عن رأي المجلس. فضلاً عن أن التحركات التي يحضّر لها أهالي الموقوفين، في ظل معلومات تتحدث عن دعاوى تحضر ضد عبّود نفسه للمطالبة بتنحيته.

تعليقات: