بأوامر شفهية: مدير التعليم الثانوي يحرم الأساتذة من رواتبهم!

الأستاذ غير القادر على تأمين أبسط شروط العيش لا يقمع بفرمان عثماني (عباس سلمان)
الأستاذ غير القادر على تأمين أبسط شروط العيش لا يقمع بفرمان عثماني (عباس سلمان)


بعد القرارات الشفهية بحق أساتذة كثر وإجراء استجوابات لهم في الثانويات، وبعد وقف رواتب أساتذة بملاك الثانوي، أصدر مدير عام التعليم الثانوي خالد الفايد تعميماً على مدراء الثانويات طلب بموجبه إبلاغ الأساتذة التقيد بالنظام الداخلي للثانويات الرسمية، بعدم التصريح أو النشر أو إلقاء مداخلة من دون إذن خطي من الرئيس المختص بوزارته.


استجواب الأساتذة

التعميم أتى بعد اعتراض الأساتذة على الهيئة التنفيذية لرابطة أساتذة الثانوي، التي ألغت محاضر الجمعيات العمومية وألزمتهم بالعودة إلى التعليم. ما اعتبره أساتذة "فرماناً عثمانياً" هدفه كم الأفواه، وأسلوباً بوليسياً، من دون أي سند قانوني، على ما صرح بعضهم لـ"المدن".

بمعزل عن أحقية مطالب الأساتذة من عدمها، وحق الطلاب في التعليم الرسمي بتلقي العلم، بدأت إدارات ثانويات باستجواب الأساتذة الذين أعلنوا مواقف علنية ضد الهيئة التنفيذية لرابطة الثانوي، رغم عدم قانونية الاستجواب، خصوصاً أنه نابع من قرارات شفهية، من دون مراعاة الأسس القانونية.


وقف رواتبهم

وتداول أساتذة أخبارهم على وسائل التواصل الاجتماعي عن تلقيهم بلاغات بوقف رواتبهم أو توجيه إنذارات لهم، من دون كتب خطية رسمية. وشرح الأستاذ بشير جمال الدين، من ثانوية حسين علي ناصر في المعمورة، أنه ذهب لتحصيل راتبه من البنك كالمعتاد، ووجد أنه لم يحوّل. توجه إلى الثانوية فوجد أن اسمه موجود على جدول الرواتب، لكن المدير قال له إن الفايد أبلغه منذ أسبوعين بوقف راتبه، هو وبعض زملائه الذي أضربوا العام الفائت. فأسوة بما يحصل اليوم، قررت الجمعيات العمومية الاستمرار بالإضراب العام الفائت، لكن الهيئة الإدارية أرغمتهم على العودة إلى التعليم.


أسلوب بوليسي

لكن المشكلة لم تقتصر على وقف الراتب، بل إن المدير تبلغ شفوياً من الفايد بالإجراءات، ومن دون وجود أي كتاب خطي. حتى أن زملاء جمال الدين طالبوا الفايد وجاهياً بقرار خطي لوقف راتبهم، تبلغوا أنه لا يوجد أي مستند. لذا اعتبر جمال الدين "أن ما قام به الفايد أسلوب بوليسي، لأنه غير قانوني. فلا صلاحية له ولا حتى الوزير بوقف راتب موظف. وأضاف أن ما يقوم به الفايد مجرد تهديد للأساتذة لجلبهم عنوة إلى التعليم. وعندما لم تفلح تبليغاته الشفهية، أصدر تعميماً لقمعهم ومنعهم من التصريح أو التعبير عن معاناتهم.

بدوره أكد النقابي حسن مظلوم أن ثانويته ما زالت مستمرة بالإضراب المفتوح لليوم الرابع على التوالي رغم التهديدات التي وصلتهم. ولفت لـ"المدن" أن مديرة الثانوية أبلغتهم أن الفايد طلب استجوابهم بسبب تصريحاتهم الإعلامية، وعدم التزامهم بالدوام الرسمي. أما رد مظلوم، بلسان أكثر من أربعين أستاذاً في الثانوية، فكان: "مراسلات الفايد الشفهية لا تمر. فعليه بداية ارسال كتاب خطي بما يريد لينظر الأساتذة به. أي عليه أن يسلك الأطر القانونية لا استخدام أساليب الضغط الحزبية. فقرار الأساتذة واضح بأن الأضراب أتى للدفاع عن حقوقهم، طالما أنهم باتوا لا يثقون بالهيئة الإدارية للرابطة التي ألغت أصواتهم. فبالنسبة لهم لا يوجد مرجعية نقابية غير قوتهم الشخصية، بعدما تخلت الرابطة عن واجباتها. وفي حال تجرأ أي أحد على تنبيه أي أستاذ، أو الإقدام على حسم أي ساعة من راتبه، ستقفل الثانوية طوال العام".


فرمان عثماني

وشرح مظلوم أن الأساتذة كانوا بصدد التفكير بفك الإضراب في الثانوية، قناعة منهم أن جميع أساتذة لبنان سيعلنون الإضراب العام بعد أيام. فهم سيكتشفون، بعد يومين، أن الوعود بتلقي المساعدات والحوافز والمتأخرات في 16 تشرين الأول، ستتبخر. فلا قدرة للوزارة إلا إغداق الوعود. لكن بعد تعميم الفايد حول منعهم من البوح بمعاناتهم، قرروا الاستمرار بالإضراب. وأضاف أن "التعميم الذي قرأه الأساتذة ليس إلا فرمان عثماني لكم الأفواه. فقد سهى عن الفايد أن لبنان بعصر آخر وأن الأساتذة ما زالوا هناك في 17 تشرين منتفضين على أوكار الفساد التي تنخر بالدولة، وظن أنه يستطيع إسكات الأساتذة، في ظل أوضاعهم المأساوية الحالية. لكن الأستاذ غير القادر على تأمين الدفء والخبز والكهرباء والعلم وأبسط شروط العيش لأولاده، لا يقمع بفرمان في زمن ولى فيه جمال باشا السفاح".

تعليقات: