باشر مزارعو #الزيتون في محافظة #عكار استعداداتهم لجني محاصيل #الزيتون لديهم هذا العام، في ظلّ هاجس التعدّيات على كروم الزيتون، الذي يسيطر على أهل المنطقة، حيث يسطو البعض على أشجار الزيتون، ويقطع أخشابها طمعاً في استعمالها للتدفئة، فيما يسرق آخرون المحاصيل بفعل الوضع الاقتصادي الصّعب وسّعياً لتأمين مؤونة الزيت والزيتون، التي تعتبر إحدى العادات الغذائية اللبنانية الأساسيّة.
هذا الواقع المستجدّ فرض على عدد كبير من المزارعين البدء باكراً بجني محاصيلهم، إذ لا حسيب ولا رقيب على البساتين، وما من قدرة على توظيف نواطير لحماية المواسم.
يقول إلياس الراسي وهو مالك ومزارع وصاحب معصرة إن ثمّة صعوبات كبيرة تعترض جني المحاصيل، فأسعار المحروقات إلى ارتفاع متمادٍ، وتكلفة اليد العاملة ونقل المحاصيل إلى المعاصر لإنتاج الزيت ليست زهيدة، وكذلك أسعار الغالونات، وإجار المعاصر (10 دولارات عن كلّ صفيحة). لك ذلك رفعَ كثيراً من احتمالات جنون أسعار زيتون المائدة، وكذلك صفيحة الزيت، التي لا بدّ من أنها ستُباع بما بين 4 ملايين ليرة لبنانية و6 ملايين، حسب نوعية الزيت وجودته.
وأمل الراسي، الذي بدأ باكراً بتحريك عجلة معصرته، في أن يكون الموسم جيّداً ووفيراً، وقال: "ربما وفرة الإنتاج قد تحكم سوق العرض والطلب وتخفّض نسبياً الأسعار"، آملاً في أن يتمّ تصريف الكميّات الفائضة من إنتاج الزيت اللبناني إلى الخارج، لأن ذلك سيُؤمن مدخولاً إضافياً بالعملات الصعبة، لا سيّما أن الزيت اللبناني ممتاز، وتتحقّق فيه كلّ المواصفات العالمية للتسويق.
يُشار إلى أن زراعة الزيتون في عكار باتت تحتلّ مكانة متقدّمة على غيرها من الزراعات الشجريّة المثمرة، لا سيّما أن الزيتون، والزيت المنتج منه، يُشكّلان عنصرين أساسيّين من مؤونة العائلات، ولا يُمكن الاستغناء عنهما.
تمتاز عكار بأنّ رقعة الأراضي المشجّرة بالزيتون ارتفعت مساحتها إلى حدود عشرة آلاف هكتار، وهي ممتدّة بشكل أساسيّ بين قرى وبلدات القيطع والشفت والسهل والدريب وحتى في المناطق الجبليّة وبعض قرى وبلدات منطقة سهل عكار، في وقت يبلغ فيه عدد معاصر الزيت في المنطقة أكثر من 125 معصرة.
يتميّز القسم الأكبر من معاصر عكار بالحداثة، بالرغم من أن هناك معاصر لا تزال تعمل وفق الطرق القديمة، بل يقتصر عمل البعض منها على عصر وإنتاج الزيت العضويّ. لكن معاصر أخرى - في المقابل - توقّفت عن العمل لعدم قدرة أصحابها على تشغيلها.
تبدأ استعدادات المعاصر، على الأغلب، اعتباراً من منتصف أيلول من كلّ سنة، وتستمرّ لغاية أواخر شهر شباط، بمعدّل 24 ساعة يومياً. وتبلغ كميّة الزيتون المنتج في مواسم الإنتاج الطبيعية في عكّار ما يقرب من 60 ألف طن من أصل 80 ألفاً من إنتاج شمال لبنان عموماً، في وقت تحتاج هذه العمليّة إلى جيش من العاملينّ والمشتغلين في هذا القطاع والمستفيدين منه.
مصطفى الأخرس، الذي يملك معصرة زيت في بلدة القرقف، أمل في أن يكون إنتاج الزيتون والزيت جيّداً، وقال إنّ معصرته بدأت عملها باكراً جداً في هذا الموسم بطلب من المزارعين الذين تخوّفوا من سرقة مواسمهم.
لفت الأخرس إلى أن المزارعين يعوّلون على إنتاج شجرة الزيتون المباركة بالنسبة إلى مؤونة الزيتون الأخضر والأسود المكبوس للمائدة، ويبيعون الفائض عن حاجتهم؛ وكذلك بالنسبة للزيت. ولا يمكن التغافل عن كميّات الجفت، التي تأتي من مخلّفات عمليات العصر، والتي تحوّل إلى فحم للتدفئة.
سمير الزير، وهو مزارع ورئيس تعاونية مزارعي الزيتون في شدرا (عكار)، أكد أنّ إنتاج هذه السنة جيّد على كلّ المستويات كمّاً ونوعاً، وشرح آليات إنتاج الزيت النوعيّ والجيّد، وقال: "كلّ مئة كيلوغرام من الزيتون تُعطي إنتاجاً متوسّطه ما بين 30 و40 في المئة زيتاً".
وقال الزير إنه سيبدأ بالقطاف المبكر، وهو المفضّل بالنسبة إليه لضمان جودة الزيت من الزيتون الأخضر، لأن هطل الأمطار غير مضمون، والقطاف المبكر يخفّف من هدر ثمار الزيتون التي قد تسودّ وتتساقط؛ كذلك يخفّف من تكلفة جمع هذه الكميّات المتساقطة، التي لا يمكن الاستفادة منها لإنتاج زيت جيّد، فيما بالإمكان تعويض النقص بالماء والرطوبة المفترضة في ثمار الزيتون بإضافة الماء خلال عملية طحن الزيتون بمقدار نقص المياه أو الرطوبة، لتكوين عجينة صالحة للفرز واستخراج الزيت من ثمار الزيتون.
هذا، وكانت الجمعيات التعاونية الزراعية والجهات المعنيّة بجودة الزيتون توجّهت إلى المزارعين مع اقتراب موسم قطف الزيتون بجملة إرشادات، دعت فيها إلى قطف ثمار الزيتون باليد لا بالعصا، لأنها تتسبّب بإيذاء أطراف الشجرة التي ستحمل الثمار في العام التالي، وشجّعت ظاهرة المعاومة، محذّرة من انتشار الأمراض والآفات وأهمّها: سلّ الزيتون وذبابة أغصان الزيتون.
ونصحت التعاونيات المزارعين بعدم تخزين الثمار لفترة طويلة في المعصرة، وبفصل الثمار المتساقطة على الأرض عن الثمار المقطوفة حديثاً، وبفصل الأوراق والأغصان الصغيرة والأتربة والحصى عن ثمار الزيتون بعد القطف، بالإضافة إلى تعبئة ثمار الزيتون بصناديق بلاستيكية بدل أكياس الخيش أو الأكياس البلاستيكيّة.
وتحدّثت التعاونيات عن أهمية اللكر الغذائي الذي ينبغي طلاء الصفائح به، لأن ذلك يُحافظ على نوعيّة زيت الزيتون، فضلاً عن استخدام خزانات الستانلس ستيل غير القابلة للصدأ، والمختلفة الأحجام لتعبئة زيت الزيتون لفترات طويلة.
تعليقات: