الطبيب القاتل بعد انتحاره
»حب قاتل« وراء جريمة بترومين الكورة..
الكورة :
»ومن الحب ما قتل«... مقولة عاش تفاصيلها أهالي بلدة بترومين في قضاء الكورة الذين استفاقوا صباح أمس على جريمة مروّعة تسبب فيها »حب قاتل« سكن قلب الطبيب النفساني الدكتور جاك حريكي الذي لم ينجح رغم كل محاولاته في الدخول الى قلب المحامية شيريل غانم وفي إقناعها بالزواج منه، وعندما فقد الامل نهائيا في ان يمضي حياته معها، قرر وضع حد لحياتها وحياته معا، فأقدم على قتلها بسلاح صيد وصودف وجودها في سيارة مع والدها غسان غانم وشقيقتها شانتال غانم فكان نصيبهما القتل أيضا، وذلك قبل أن يقدم هو على الانتحار بالسلاح ذاته في حديقة منزله، لتشهد البلدة الوادعة جريمة كبرى أرخت بثقلها على كل العائلات التي شهدت بالطيبة وحسن السيرة والاخلاق الحميدة للضحايا وللقاتل الذي تركت جريمته موجة عارمة من الحزن والاستغراب في صفوف كل من يعرفه.
وفي التفاصيل التي رواها عدد من أهالي البلدة لـ»السفير« ان الطبيب النفساني جاك حريكي (٤٢ عاما) كان قد طلب الزواج من المحامية شيريل غانم أكثر من مرة وكان يواجه بالرفض، فبدأ يلاحقها في كل الامكنة التي تتواجد فيها، حتى ضاقت ذرعا به، وتقدمت بشكوى ضده في مخفر ضهر العين الذي أخذ عليه تعهدا بعدم التعرض لها مجددا، لكن الدكتور حريكي لم يلتزم بالتعهد وإستمر في ملاحقته للمحامية غانم التي واجهته أكثر من مرة برفضها له، وبأنها لا تريد الزواج منه. أمام هذا الرفض المتكرر، بدأ اليأس يسيطر على الدكتور حريكي الذي أفاد جيرانه انه في الآونة الاخيرة تحول الى إنسان انطوائي ولم يعد يتحدث مع أي منهم، وقد فوجئوا صباح أمس بارتكابه هذه الجريمة الثلاثية المروعة وانتحاره.
أما في ما يتعلق بالجريمة فتقول المعلومات إن المواطن غسان غانم (وهو يعمل في مسح الاراضي) ينتقل يوميا عند السابعة والنصف صباحا الى عمله الكائن في طرابلس ويصطحب معه ابنتيه شيريل (تعمل في مهنة المحاماة) وشانتال (تعمل في مكتب للمعلوماتية) وهما في العقد الثاني من العمر، وأن الدكتور جاك حريكي كان يقوم من وقت لآخر بملاحقتهم ليتسنى له التحدث مع شيريل أو انتظارها في بعض الاماكن التي تتردد اليها.
وتضيف المعلومات أنه بينما كان المواطن غسان غانم وابنتاه شيريل وشانتال يخرجون من كاراج منزلهم الكائن على الطريق العام في بلدة بترومين بسيارة من نوع مرسيدس طراز ٣٠٠ تحمل لوحة لبنانية رقمها ١٥٠٨١٨ لحق بهم الدكتور جاك حريكي بسيارته وإعترض طريقهم على بعد نحو مئتي متر من منزلهم، وترجل من سيارته وهو يحمل سلاح صيد متطورا من نوع »بومب أكشن« واطلق عليهم النار من الجهات الامامية والجانبية يمينا ويسارا وأرداهم جميعا، وغادر مسرح الجريمة عائدا الى منزله حيث جلس على كرسي بلاستيكي في الحديقة التابعة له واطلق النار على نفسه مصوبا البندقية على رقبته وقد قتل أيضا على الفور.
وشيئا فشيئا بدأ نبأ الجريمة ينتشر بين اهالي البلدة الذين سارعوا الى إبلاغ الاجهزة الامنية من جيش وقوى أمن داخلي التي حضرت الى مسرح الجريمة وباشرت تحقيقاتها، إضافة الى الادلة الجنائية، وعملت على رفع البصمات وسائر الادلة، كما حضر المحامي العام الاستئنافي القاضي إيلي حلو، ومساعد قائد منطقة الشمال الاقليمية في قوى الأمن الداخلي العميد صباح حيدر وعدد من الضباط الذين أشرفوا على التحقيقات الجارية، وعاين الجثث الأربع الطبيب الشرعي الدكتور عمر دبليز، قبل أن ينقلها الصليب الأحمر اللبناني الى برادات في مستشفيات طرابلس والكورة.
كما حضر ايضا مفوض نقابة المحامين في قصر العدل المحامي فهد المقدم، وأمين السر جوزيف إسحاق واطلعا على سير التحقيقات واستنكرا الجريمة التي اودت بحياة زميلتهم شيريل غانم ووالدها وشقيقتها.
وقد تجمع أهالي البلدة في مسرح الجريمة، واجتاحت بعضهم نوبات من البكاء والعويل لا سيما من قبل اقرباء الضحايا الذين كانوا يتمتعون بمحبة الجميع لا سيما غسان »الرجّال الآدمي«، والمحامية شيريل وشقيقتها شانتال اللتين أدمتا قلوب الصبايا والشباب من الأقارب والاصدقاء.
ويؤكد مروان غانم (شقيق المغدور غسان) أن الجريمة كبيرة جدا، وان أفراد العائلة يهيمون على وجوههم في الشوارع من الصدمة والفاجعة التي حلت بهم، مؤكدا أن الجاني كان يلاحق ابنة شقيقه بهدف الزواج منها، ولما أيقن أن لا جدوى من كل ما يقوم به، خطط لقتلها ونفذ جريمته التي طالت أيضا والدها وشقيقتها، ومن ثم قتل نفسه، راجيا الله أن يلهمه وعائلته الصبر والسلوان. اما في محيط منزل الجاني المنتحر الدكتور جاك حريكي، فبدا الجيران غير مصدقين، متسائلين: كيف يمكن للمثقف والمتعلم الذي امضى ١٦ سنة في فرنسا وله مؤلفات وكتب تعتمد كمراجع في جامعات اجنبية لا سيما في كندا أن يقوم بمثل هذه الجريمة ومن ثم ينتحر؟
ويقول طوني الشمالي (أحد جيران الجاني) إن الدكتور جاك ذو اخلاق حميدة، وكان يريد الزواج من المحامية شيريل غانم لكنها لم توافق على طلبه، وقد شعرنا جميعا قبل فترة أنه يمر في أزمة نفسية وأنه تحول الى إنسان انطوائي ولم يعد يتحدث مع احد. وصباحا سمعنا طلقا ناريا، ولدى خروجنا فوجئنا بالدكتور جاك منتحرا، لكننا لم نكن نعلم أنه قبل ذلك أقدم على جريمة ثلاثية طالت عائلة غانم.
نقابة المحامين
وظهرا عقد مجلس نقابة المحامين في طرابلس اجتماعا استثنائيا وأصدر بيانا جاء فيه: يدين المجلس ويشجب بشدة الجريمة النكراء التي اودت بحياة أفراد عائلة آمنة، ويطالب كل الاجهزة الامنية والقضائية التحرك السريع للوقوف على حقيقة ملابساتها واستئصال الاسباب التي قد تؤدي الى حصول جرائم عنيفة مماثلة ترتكب ضد الانسانية وتتعرض لحياة أناس يفترض ان يكونوا آمنين في حياتهم وديارهم.
ويتقدم نقيب المحامين واعضاء مجلس النقابة بالتعزية الى والدة الزميلة الفقيدة وأقربائها وانسبائها سائلين المولى عز وجل أن يلهمهم الصبر والسلوان وان يسكن الضحايا فسيح جناته، ويدعو المجلس الزملاء المحامين الى التوقف عن العمل الساعة ١٢ من ظهر الخميس في ٢١ آب ٢٠٠٨ حدادا على أرواح زميلتهم المحامية شيريل غانم ووالدها وشقيقتها.
الضحايا في سيارتهم (غسان ريفي)
تعليقات: