ظاهرة الفرار من السجون: حرّاس جائعون.. وضباط متواطئون سياسياً

انعدام قدرة الدولة على تغطية أي نفقات جديدة لأي موقوفين جدد (علي علوش)
انعدام قدرة الدولة على تغطية أي نفقات جديدة لأي موقوفين جدد (علي علوش)


درجت منذ فترة عمليات فرار السجناء من مراكز احتجازهم، إما من سجون أو من نظارات أو حتى بعض الموقوفين في المستشفيات.


رشى للحراس

وراء عمليات الفرار هذه أسباب كثيرة، أهمها الأوضاع الاقتصادية والمعيشية السيئة التي يعيشها عناصر الأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى انعدام قدرة الدولة على تغطية أي نفقات جديدة لأي موقوفين جدد. وعلى ما يقول مسؤول امني رفيع، تم اقتياد أحد السجناء إلى المستشفى قبل فترة، وقد وضعت له نقطتا حراسة على مدخل غرفته، استمر عناصر الحماية لأكثر من 36 ساعة بلا طعام، وسط انعدام القدرة على تغطية تكاليف المستشفى، حينها أخذ عناصر الحراسة إشارة بترك الحراسة، ما شكل فرصة للموقوف للفرار.

تجسد هذه الحادثة ما يجري من "قصص" كثيرة مشابهة تعيشها السجون المكتظة في لبنان، والتي تنذر بانفجار كبير، معطوف على أزمات تعيشها الأجهزة الأمنية مالياً ولوجستياً، وحتى اجتماعياً ومعيشياً، ما يشجع الكثير من الموقوفين على دفع رشى للكثير من العناصر، بغية إدخال أمتعة غير قانونية إلى السجون والنظارات، أو دفع مبالغ مالية طائلة لقاء تهريب السجناء، وهذا ما حصل في أكثر من موقع ومقر أو سجن.


الهروب من الثكنة

فجر أمس الإثنين، تمكن تسعة موقوفين من الهرب من ثكنة فخر الدين التابعة للجيش اللبناني في منطقة الرملة البيضاء. وتؤكد المعلومات أن عملية الهروب مرتبطة بورشة إصلاحية كانت تشهدها الثكنة بعد تشكيلات عسكرية جديدة. وحسب ما تقول مصادر قضائية، فإن الأشهر السابقة شهدت تلك الثكنة الكثير من الشوائب وانعدام الانضباط، وهو ما دفع قيادة الجيش إلى فتح تحقيقات مسلكية لأكثر من مرة بحق ضباط. مع العلم أن غالبية الموقوفين في تلك الثكنة هم من تجار المخدرات الكبار، وبالتالي هناك من يقدّم لهم الدعم المالي، ومن يدفع مبالغ مالية طائلة لقاء تقديم خدمات متعددة لهم، مستغلين سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للجنود والضباط.

أشرفت قيادة الجيش بشكل مباشر على التحقيقات المتعلقة بمثل هذه التجاوزات. ولاحقاً، تم إقرار تشكيلات عسكرية جديدة، في محاولة لمعالجة كل هذه التجاوزات، مع الإشارة إلى أن مرجعيات سياسية متعددة حاولت فرض ضباط تابعين لها للحلول في هذه المواقع، إلا أن قيادة الجيش رفضت ذلك، وأصرت على إقرار التشكيلات وفق ما تراه مناسباً، كما هو الحال بالنسبة إلى مواقع متعددة في مختلف المناطق، من دون الرضوخ للضغوط السياسية أو الطائفية.


تنافس بين ضباط

وحسب المعلومات فإن المسؤولين الذين تم تعيينهم حديثاً في تلك الثكنة لم يتسلموا حتى الآن مهامهم بشكل كامل ونهائي، فيما تجري في المقر عملية إصلاح لجعل المقر أكثر أمناً. وتشير المصادر القضائية إلى أن الشوائب التي كانت قائمة طوال الفترة السابقة ربما أدت إلى حادثة الفرار هذه. ولذلك أسباب كثيرة، أبرزها التنافس بين بعض الضباط، ومحاولة البعض منهم عرقلة الورشة التي أطلقت مؤخراً في سبيل تحسين الظروف الأمنية في الثكنة.

وتؤكد المصادر أن ما جرى هو رواسب لمرحلة سابقة، وهناك مساع جدية لمواجهتها، فيما ثمة من يجد نفسه متضرراً منها. وتؤكد المعلومات أن القيادة العسكرية مصممة على الاستمرار في عملية الإصلاح هذه، لا سيما بعد شكاوى كثيرة وردت بحق ضباط سابقين.

تعليقات: