اسرائيل: عناصر عرين الأسود من فتح، وأما العقل والدعم فمن حماس (تليغرام)
"عرين الأسود"..إسم بدأ تداوله، منذ أكثر من شهر، لمجموعة من الشبان المقاومين في مدينة نابلس، فتصدرت اهتمام الشارع الفلسطيني والمستويات السياسية والأمنية في إسرائيل، على حد سواء.
ولاقت "عرين الأسود"، التي تبنت عمليات إطلاق النار على جنود الاحتلال والمستوطنين في محاور عدة أخيراً، تأييداً شعبياً متصاعداً، فكانت الهتافات لهم في القدس ورام الله، ومحافظات أخرى.
ثمة أسئلة عديدة تشغل الجميع حيال "عرين الأسود"، من قبيل: هل تعبر، فقط، عن مجموعة مسلحة محلية، أم باتت حالة جديدة تتمدد في الضفة الغربية المحتلة؟، وهل تتبع "كتائب الأقصى" الذراع العسكري لحركة "فتح"، على غرار مجموعات "فرسان الليل" في نابلس خلال الإنتفاضة الثانية، أم أنها مزيج من أحزاب وتوجهات مختلفة لجيل فتيّ؟
يقول مصدر مطلع عن قرب على "عرين الأسود" لـ"المدن"، إنّ المجموعة المسلحة تمثل، بالفعل، حالة فلسطينية جديدة مغايرة لما كان عليه الحال للمجموعات المسلحة الأخرى في الماضي، في نابلس وغيرها، من حيث الظروف وطريقة العمل، وحتى التعاطي معها إسرائيلياً.
وأوضح المصدر، وهو مقيم في نابلس ومتابع لملف المقاومين والمتغيرات التي حدثت منذ الإنتفاضة الثانية، أن المجموعة تمثل حالة مستجدة لأكثر من سبب، أولها أنها تضم شريحة عمرية محددة تتراوح بين (20 إلى 25 عاماً)، وتربط أعضاءها علاقة صداقة وثقة متبادلة، ناهيك عن إجادتها لاستخدام الإعلام، وانتهاج أسلوب "التشويق" في إصدار بياناتها العسكرية المتلاحقة.
اللافت أنّ البيانات التي تصدرها "عرين الأسود" عبر تطبيق "تلغرام"، تلقى تفاعلاً كبيراً من الفلسطينيين، بما يتفوق على الاستجابة لدعوات الفصائل الفلسطينية للمشاركة في مناسبة وطنية معينة، فما أن تدعو هذه المجموعة إلى الخروج إلى الشارع، تعبيراً عن الغضب أو المساندة، حتى تلبي النداء أعداد كبيرة من الناس في مختلف مناطق الضفة، كما حصل في الأيام الماضية.
وهنا، يرى المصدر أنّ "عرين الأسود" لديها أشخاص يجيدون المهمة الإعلامية ومخاطبة الجمهور وبعث الرسائل المطلوبة للناس، والسلطة، والاحتلال، وهو ما شكل عاملاً مساعداً للالتفاف الجماهيري حولها، في مقابل الفجوة المتزايدة بين السلطة والأحزاب من جهة، والشارع من جهة أخرى، في ظل مشهد سياسي وداخلي بلا أفق.
أعداد ومهام
وتتباين القراءات بشأن عدد المنضمين للمجموعة، فمنهم من يقول إنه غير معلوم، وآخرون يُرجحون أنه يزيد عن مئة مسلح في إطار المجموعة، لكن مصادر "المدن" أوضحت أنه بغض النظر عن العدد، فإن "مجموعة العرين" تقدم أسلوباً مختلفاً للعمل. وعلى الرغم من أن أفرادها ما زالوا غير منظمين عضوياً، بالمعنى الدقيق، إلا أن مراقبين ينظرون، على نحو واسع، إلى أن قوتهم تكمن في انعدام التنظيم العضوي.. فهُم شباب في العشرينيات من عمرهم قد قرروا الانتفاض على طريقتهم، وبأسلوبهم.
وبهذا المعنى، لا يعمل عناصر "عرين الأسود" على أساس أو منطلق حزبي، على الرغم من أن أغلبهم، وفق المصادر، ينتمون الى حركة "فتح"، أو كانوا قد نشطوا فيها، إلا أن المجموعة تضم أشخاصاً غير محزبين، أيضاً، وكذلك من أحزاب أخرى، كما أن بعضهم مفرغون بالأجهزة الأمنية الفلسطينية، أو أن آباءهم يعملون في هذه الأجهزة.
من جانبها، تنظر السلطة الفلسطينية، التي تعيش حالة آخذة بالتعقيد، مع تعاظم الفجوة مع الشارع لعوامل ظرفية متراكمة، باهتمام مضاعف إلى "عرين الأسود" خصوصاً، والحالة المسلحة عموماً؛ ذلك أن هذه الحالة المتصاعدة، بحد ذاتها، تراها السلطة مؤشراً على تغيرات في الساحة الفلسطينية، عبر صعود قوى جديدة فيها.
ولأن السلطة لا يمكن لها أن تذهب إلى الاشتباك مع هذه المجموعات، في ظل الالتفاف الشعبي حولها، راحت إلى معالجة الظاهرة، عبر خوض حوارات وعمليات إقناع جماعية وفردية مع عناصر "عرين الأسود"، إذ طرحت عليهم تسوية تتمثل بمساعيها لدى الاحتلال من أجل انتزاع عفو عنهم، في غضون ثلاثة أشهر، ومروراً بعرض لتوظيفهم في الأجهزة الأمنية الفلسطينية، خاصة المسلحين غير الضالعين في عمليات أدت إلى قتل أو إصابة إسرائيليين، وفق المصادر.
ظاهرة وطنية.. لا ظرفية
في المقابل، تسعى إسرائيل لربط أي مجموعة أو أي نشاط مسلح في الضفة، بحركة "حماس"، إذ تدعي أن عناصر عرين الأسود من "فتح"، وأما العقل والدعم من "حماس"، وتحت إشرافها وتمويلها الخاص"، بحسب ما نسبه موقع "نيوز14" العبري لما وصفه بناشط كان أحد كبار قيادات "كتائب الأقصى" في العام 2000، من دون ذكر اسمه.
ووفق الموقع العبري، فإن هذا الناشط الفتحاوي كان قد اعتقل في سجون الاحتلال لسنوات، معتبرا أنه تعاون مع حزب الله اللبناني في الماضي، وقريب جداً من "عرين الأسود". ونسب إلى الناشط، باعتباره تحدث حصرياً للموقع، قوله إن "عرين الأسود تمثل ولادة ظاهرة ثورية وطنية جديدة، بما يسحب البساط من تحت أقدام السلطة الفلسطينية"، على حد تعبير الموقع.
وأضاف الناشط أن أعضاء "عرين الأسود" يؤسسون بنى محلية في مختلف المحافظات، وليس فقط في نابلس، ما يجعلها ظاهرة وطنية أكبر من كونها محلية.
وكان جيش الاحتلال هدد بشن عملية عسكرية واسعة ضد "عرين الأسود" في نابلس، بموازاة فرض حصار مشدد على المدينة.
بدوره، قال الباحث في معهد دراسات "الأمن القومي" الإسرائيلي أودي ديكل إن "عرين الأسود"بمثابة إنذار لتعامل إسرائيل مع التحديات المقبلة، مشيراً إلى أن المجموعة متهمة بمعظم عمليات إطلاق النار التي وقعت بمنطقة نابلس في الأسابيع الأخيرة.
وأضاف ديكيل في مقال له، أن المجموعة تشكل أساس حالة التوتر القائم في الضفة الغربية.
ووفق الباحث الإسرائيلي، فإن عوامل عدة أدت إلى ظهور "عرين الأسود"، أبرزها ضعف السلطة الفلسطينية وازدياد الصراعات الداخلية تحضيراً لمرحلة ما بعد رئيس السلطة محمود عباس، إضافة إلى "الوضع الاقتصادي الصعب للشباب الفلسطيني، والانتشار الواسع للسلاح والذخيرة"، على حد تعبيره.
تعليقات: