الزعتر مورد رزق اضافي للمزارعين في النبطية والسوريون يزاحمون اهالي المنطقة في القطاف


ينتشر المزارعون الجنوبيون في منطقة النبطية على ضفاف الانهر وفي الاودية والتلال المحيطة ببلداتهم لقطاف موسم الزعتر وهو بنوعيه البلدي المزروع في الخيم البلاستيكية والمساكب ، أو البري الذي ينمو بين الصخور وعلى أطراف البلدات، وكلاهما مصدر رزق آخر للمزارعين حيث يباع الكيلو الواحد مع السماق والسمسم ب 120 الف ليرة.

بعد عدوان تموز 2006 تبرعت منظمة ايطالية للمزارعين المتضررين في بلدات يحمر والزوطرين الغربية والشرقية وقعقعية الجسر، بنبات الزعتر وخزانات بلاستيك لريها، على ان تزرع في الحقول وتروى وتنتج موسمين في السنة وما يعادل مليوني ليرة للدونم الواحد حيث دأب المزارعون على زراعتها في الاوقات صيفا في ايار وتنمو بالري وشتاء في كانون الاول وتنمو بمياه الامطار، حيث عمد البعض الى زراعتها في خيم بلاستيكية على مقربة من نهر الليطاني حيث الحقول الواسعة والمياه المتوفرة للري من الليطاني.

في الوقت نفسه يقوم مزارعون أخرون في تلك البلدات والقريبة منها بقطاف الزعتر البري ونكهته ذكية ويعملون مع مزارعي الزعتر المروي على تسويق الانتاج محليا، والطلب عليه عال وفي اوقات مسبقة حسبما يقول ابو جبران محمد جابر من زوطر الذي يستغل ساعات الفجر الاولى ويخرج من منزله الى الاودية القريبة والمطلة على نهر الليطاني، وبعد أكثر من ساعتين من القطاف والبحث الشاق عن نباتات الزعتر يعود متأبطا رزمتين كبيرتين منه وينقلهما على دراجته النارية الى منزله ، ويعمل على تجميعهم على سطح المنزل، وليلا يقوم مع زوجته وافراد العائلة "بفرط الورق" وتلف الاغصان ثم يقوم "بدقها" بعصا كبيرة حتى تصبح ناعمة جدا ومن ثم غربلتها لفرزها وخلطها مع السماق والسمسم ويبيع الكيلو ب 120الف لسكان بلدته والجوار الذين يقومون بتمونه للاكل وللمناقيش، وهكذا يمضي جابر لكسب قوت عياله الحلال بعرق الجبين، مشيرا الى ان النازحين السوريين يزاحموننا على لقمة عيشنا ويسبقوننا الى الحقول هم والبدو الرحل "النور" ولا يقطفون الاوراق انما يقومون باقتلاع الزعتر من " الكعب " فلا يعود وينمو في السنة المقبلة.

وفي هذا الاطار يقول محمد عليق ويملك 5 خيم بلاستيكية قرب نهر الليطاني الزعتر، ذهب الجنوبيين الاخضر، ففي السنة الواحدة نجني منها 500 كيلو ونحن نبيع لتجار الجملة الذين يتكفلون ببيعه لاصحاب الافران وبدورنا نطلب من الحكومة والمعنيين في القطاع الزراعي منع دخول الزعتر الاردني والسوري الى بلادنا في وقت موسم انتاجنا فأرضنا غنية بالخيرات وهي تعطي بلا منة. وقال: "نبدأ عملنا صباحا ولا ننتهي مع المساء لان موسم القطاف يأتي في هذه الفترة ولا نخاف الا من القنابل العنقودية الاسرائيلية التي ما تزال منتشرة في الارض رغم تنظيفها من قبل المعنيين، كما نخاف من لدغة الافاعي السامة ولكن ما العمل " لقمة العيش مغمسة بالعرق والمخاطر وليس باليد حيلة".

ويقول محمد مكي من فرون: "بدأ مزارعو الزعتر البلدي بقطافه من مساكب الحقول المزروعة به او في الخيم في بلدات شمال الليطاني والّتي عرفت فيها هذه الزراعة منذ ما بعد عدوان تمّوز 2006 بدعم من برنامج الأمم المتّحدة الإنمائيّ وإحدى المنظّمات الإيطاليّة بعدما عجز المواطنون الجنوبيّون من التوجّه إلى الحقول المحيطة ببلداتهم لقطف الزعتر البريّ بسبب انتشار القنابل العنقوديّة الإسرائيليّة فيها. سعر الكيلو الواحد من الزعتر البلديّ في هذه الأيّام يصل ايضا إلى 120 ألف ليرة لبنانيّة، وهو من الصنف الجيّد والممتاز، حيث يتنج الدونم الواحد في الموسم حوالي 40 كيلو إذا كان بعليًّا. أمّا إذا كان مرويًّا فهو ينتج موسمين في السنة؛ الأوّل في حزيران والثاني في آذار حيث يعطي الدونم الواحد عندها حوالي ثلاثة ملايين ليرة لبنانيّة، حسبما يقول المزارع شوقي ناصر في بلدة يحمر الشقيف، والّذي يشير إلى "أنّنا حصلنا على شتلات الزعتر من الأمم المتّحدة ونقوم برعايتها وتنقية الحقل المزروع من الأعشاب، كما أنّ هذه الزراعة منتجة وغير مكلفة نسبيًا فهي لا تحتاج للأسمدة على عكس زراعة التبغ، الّتي يكاد المزارع معها يتكبّد الخسائر نظرًا لارتفاع أسعار البذور والأسمدة وعمليّة الزرع والقطاف والتوضيب وغيره.

سونيا جابرفي الحمرا تهتمّ برعاية حقل مزروع بالزعتر البلديّ وحدها وفقط لمدّة عشرة أيّام في السنة، وتقول إنّ الزعتر البلديّ يباع أخضر خلال الشتاء للأكل ثمّ للمؤونة المنزليّة صيفًا وهو لا يحتاج لمجهود العائلة كما التبغ"، مشيرة "إنّنا نصدّر الإنتاج محلّيًا نظرًا لجودته وارتفاع الطلب عليه وأنّ هذه الزراعة مربحة لكنّها تحتاج لإهتمام الوزارة ورعاية البلديّات وتشجيعها على مساحات واسعة لكنّها بالطبع ليست بديلة عن زراعة التبغ، بل تؤمّن فرص عيش كريم لعائلات، وتدعم دخلها المحدود".

ودعا نائب رئيس بلديّة زوطر الشرقيّة شوقي حرب، الدولة إلى "إنجاز وتنفيذ مشروع الليطاني لإنعاش كلّ الزراعات في الجنوب، لا سيّما الزعتر البلديّ الّذي يعطي انتاجًا مضاعفًا من خلال الريّ، فضلُا عن أنّ هذه الزراعة جديدة في الجنوب ويجب تعميمها ودعمها وهذا ما قامت به بلديّتنا حتّى تجاوزت نسبة أراضيها المزروعة بالزعتر البلديّ 50 دونمًا لأنّها منتجة وأضرارها البيئيّة قليلة على عكس التبغ".

تعليقات: