لغز 60 ألف تابليت هبة ألمانية لطلاب لبنان

ثمة استعجال لاطلاق حفل التسلم والتسليم الأسبوع المقبل بعدما كثرت التأويلات (علي علّوش)
ثمة استعجال لاطلاق حفل التسلم والتسليم الأسبوع المقبل بعدما كثرت التأويلات (علي علّوش)


كان يفترض منذ سنتين، أن يتعلم طلاب المدارس الرسمية خلال جائحة كورونا، من بعد، من خلال جاهز التابليت المحمول. مرت نحو سنتين ولم تصل تلك الأجهزة، التي وعد بها الوزير السابق طارق المجذوب، إلى الطلاب. وكان يفترض أن تصل تلك الأجهزة من خلال هبة مقدمة من مؤسسة الوكالة الألمانية للتعاون الدولي في العام 2021. وكان يفترض أن تقدم وزارة التربية حينها 60 ألف تابليت للتلاميذ في القطاع الرسمي، لتسيير عملية التعلم من بعد.


نصف الشحنة

مرت الأيام ولم تصل تلك الأجهزة للطلاب، هذا فيما كان الطلاب يدرسون من خلال هواتف ذويهم، ويتداول أكثر من تلميذ على هاتف والدته الوحيد. ويبدو أن أحداً ما في وزارة التربية كان يتشاطر لعقد الصفقات مع أشخاص في المؤسسة الألمانية، أو العكس صحيح، فيما حرم الطلاب من الأجهزة. وتقول مصادر مطلعة في الوزارة أن المشكلة ليست في الوزارة، لكن يستحيل أن تكون في المؤسسة الألمانية، التي اعتادت ألا تتأخر لحظة في هباتها.

وفي التفاصيل، تشير بعض المعلومات إلى أن الهبة كانت غير كاملة السنة الفائتة ورفضت الوزارة استلامها. فقد أرسلت المؤسسة الألمانية نحو 30 ألف تابليت، وتبين أن بعض المعنيين في الوزارة لم يستلموا الشحنة لأنهم منعوا من معرفة ما هو موجود داخل الصناديق. هذا فيما تشير مصادر أخرى إلى أن التابليت غير مطابقة للمواصفات المطلوبة، فقد أتت بنظام "أندرويد" بينما المطلوب كان أنظمة ويندوز وأوفيس. وفي النتيجة لم تصل الأجهزة إلى الطلاب، ومر وباء كورونا ولم يتعلموا من خلالها.


إجراءات بيروقراطية؟

حالياً، تشير مصادر في وزارة التربية إلى أن المؤسسة الألمانية تسلمت الشحنة منذ نحو أسبوع، بعدما بقيت عالقة على مرفأ بيروت وفي المطار. أي انها تأخرت في استلامها سنتين بسبب الإجراءات البيروقراطية المتعلقة بالجمارك والأمور المالية. فالهبة معفاة من الضرائب والرسوم، وحصل لغط حول هذا الموضوع في الجمارك. وبعد أن حلت الأمور، عادت المؤسسة وتسلمت الشحنة منذ أسبوع وباتت بعهدتها في مخازنها في الكرنتينا، ويفترض أن تتم عملية التسليم لوزارة التربية الأسبوع المقبل. وتبدأ الوزارة بتوزيعها على الطلاب. لكن هذا يتناقض مع المعلومات المؤكدة عن وصول نصف الشحنة منذ نحو سنة ولم يتم تسلمها من وزارة التربية. فاللجنة المعنية بالاستلام ذهبت حينها لتفقد التابليت (نصف الشحنة)، إضافة إلى نحو 5 آلاف كمبيوتر، ومعدات أخرى غيرها، ولم تستلمها لأنها لم تتمكن من فتح الصناديق للتأكد من نوعية البضائع داخلها.

مصادر أخرى في وزارة التربية تؤكد أن المشكلة في التأخير لا تقع على عاتقها، بل على المؤسسة الألمانية، هذا فيما تؤكد مصادر ثانية أن الألمان لا يتأخرون عادة. وحاولت "المدن" التواصل مع الموظف في المؤسسة الألمانية المسؤول عن الملف، والذي كان يتابعه مع وزارة التربية، لكن خطه مقفل. وبعد التواصل مع مكتب المؤسسة في بيروت، أكدت مديرته أن ثمة شخصاً آخر غيره تسلم المشروع. ورفضت الإفصاح عن أي معلومات حول المشروع قبل الاجتماع بفريق العمل. وطلبت معرفة فحوى المعلومات المطلوبة ليصار إلى تنظيم لقاء مع القيمين على المشروع.


شكوك وذرائع

تشوب هذه الأجهزة ألغاز متعددة. فقد يكون سبب التأخير في استقدام النصف الآخر من الشحنة هو آلية وضع المعايير والمواصفات التقنية التي أخذت جدلاً ووقتاً بين الجانبين اللبناني والألماني. أو ربما أمور غير واضحة تذرعت بها المؤسسة. وما بدا مستغرباً الذرائع المختلفة التي كان ينقلها أحد الموظفين في المؤسسة الألمانية حول التأخير بالتسليم، الذي كان يفترض أن يتم منذ سنة، عندما وصلت أول شحنة وقوامها نحو 30 ألف تابليت. وهذا ما يزيد الشكوك بوجود أشخاص في الوزارة قد يكونون متورطين مع أحد الموظفين في المؤسسة الألمانية، الذي تم استبداله بآخر.

يبدو أن الاستعجال في إطلاق حفل التسلم والتسليم، الذي قد يكون في منتصف الأسبوع المقبل، بسبب تكاثر التأويلات حولها، وبسبب تصاعد رائحة شبهات إهمال وفساد حول هذه الأجهزة، بعد تجربة أجهزة الكمبيوتر، التي حصلت العام الفائت، وتبين أن الشركة الملتزمة لها باعتها ولم تصل إلى المدارس. وقد تواصلت أكثر من وسيلة إعلامية مع وزارة التربية للاستفسار عن موضوع التابليت، وبالتالي تم تسريع عملية تسليمها، التي يؤمل أن تتم بعد أسبوع، لتوزع لاحقاً على طلاب المدارس الرسمية.

تعليقات: