الجامعة اللبنانية: لا مراحيض ولا ماء.. عتمة وأكداس نفايات

اضطر الطلاب والأساتذة إلى إضاءة لمبات تلفوناتهم كي يتمكنوا من متابعة المحاضرة (المدن)
اضطر الطلاب والأساتذة إلى إضاءة لمبات تلفوناتهم كي يتمكنوا من متابعة المحاضرة (المدن)


القول إن العام الدراسي في الجامعة اللبنانية سيكون صعباً وكارثياً، كلام مخفف حيال ما تشهده أبنية الجامعة وما يعانيه "سكانها" من ظروف لا يمكن احتمالها. فأبسط مقومات الحياة مفقودة في مباني الجامعة. والحديث ليس عن الانترنت والكهرباء، وكراسات الامتحانات والمحابر والقرطاسية ولوازم التدريس، بل حتى الماء والمراحيض.


بلا مراحيض

في عمادة كلية الآداب في الدكوانة، التي فتحت أبوابها أمام الطلاب منذ يومين، يعيش الطلاب والأساتذة قهراً أشبه بأقبية المعتقلات. المبنى بلا كهرباء وبلا ماء وجميع المراحيض مقفلة، هذا فيما تتكدس النفايات أمام المبنى. وقد اضطر الطلاب والأساتذة إلى إضاءة لمبات تلفوناتهم كي يتمكنوا من متابعة المحاضرة يوم أمس. أما إقفال المراحيض فيدفع الأساتذة والطلاب إما إلى التبول تحت فيء الشجرة، أو الذهاب إلى مقهى مجاور لقضاء الحاجة.


رمي الامتحانات من السادس

في كلية الآداب الفرع الأول في بيروت الكهرباء مقطوعة منذ أكثر من أسبوع. وحتى في مبنى الإدارة لا يوجد كهرباء. ويقول الأساتذة: أرادت الإدارة جلب جميع الأساتذة لإنهاء امتحانات الفصلين الأول والثاني، وطلبت ممن لا يرغبون بالتعليم أخذ إجازة بلا راتب لمدة سنة. وعندما خضع الأساتذة في نهاية المطاف وحضروا إلى الجامعة، وجدوا أن الصعود إلى المبنى بمثابة أعمال شاقة. فعلى الأساتذة صعود ستة طوابق لأخذ مسابقات الامتحانات، في حين أن معظم الأساتذة في سن الكهولة ولا قدرة لهم على هذا الشقاء. ما دفع بمديرة الكلية إلى وضع المسابقات والكراسات في مغلفات ورميها من شرفة الطابق السادس للأساتذة، بعد التواصل معها على الهاتف.


سياسة التقنين

في الجنوب في الفرع الخامس وفي الشمال في الفرع الثالث، الحال ليس أفضل من العاصمة بيروت. فانقطاع الكهرباء والماء والانترنت حالة عامة في الجامعة اللبنانية. علماً أنه في الشمال، وبعد تأمين المازوت للفرع الثالث، ليصار إلى تقنين تشغيل مولد الكهرباء، للحاجات الضرورية، عمد البعض إلى سرقته من الخزانات. ولم تتمكن الإدارة حتى من تقنين المازوت، الذي بات أمراً طبيعياً في كل لبنان لترشيد الانفاق. فمنذ مدة يعمد القيمون على المباني الجامعية إلى الطلب من الوحدات كافة تجهيز الأمور التي يرغبون القيام بها في وقت محدد لتشغيل مولدات الكهرباء مرة واحدة، وتوفير المازوت.


صفوف بلا أساتذة

عدم توفر الكهرباء والانترنت يؤخر صدور النتائج الامتحانات الفصلية ويلقي الطلاب اللوم على الأساتذة. فهم لا يعلمون أن الأمر بحاجة لإدخال البيانات على النظام الإلكتروني، والجامعة حالياً بلا كهرباء وانترنت. يظنون أن الأساتذة يتكاسلون في التصحيح لأنهم غاضبون من رابطة الأساتذة، التي لم تقدم على أي رد فعل، بعدما خرق العمداء والمدراء الإضراب، وجلبوا الأساتذة عنوة وغصباً عن رابطتهم، التي أعلنت الإضراب المفتوح منذ شهرين ولم تصدر أي قرار آخر لفكه.

أما بما يتعلق بقضية الشواغر (النقص بعدد الأساتذة) فحدث بلا حرج، كما يؤكد أساتذة من أكثر من منطقة. فبعد تقاعد من تقاعد وهجرة من هجر من الأساتذة، ولجوء أساتذة إلى طلب إجازات مفتوحة، بات الطلاب يحضرون إلى الجامعة ويجدون أن لا محاضرات تنتظرهم، بسبب عدم وجود أستاذ للمادة المعينة. يحضر الطلاب ويكتشفون أن الجامعة لم تملأ الشواغر بعد.


أشغال شاقة

لسان حال الأساتذة "حالتنا حالة". ويقولون: "نعمل بظروف قاهرة ولا نعرف إلى متى نستمر بعقوبة الأعمال الشاقة هذه. لا نعرف متى وكيف ينفذ صبرنا وماذا سنفعل. فالأمر لم يعد يقتصر على عدم وجود استقرار وظيفي ومتى نتلقى رواتبنا وإذا كنّا سنحصل على المساعدات التي وعدونا بها، بل فقدنا الثقة بكل شيء".

لسان حال أساتذة الجامعة اللبنانية بات أنهم أشبه بمن يقضي عقوبة أشغال شاقة، أو بمن هو ملزم بالخضوع لدورة تدريب عسكرية للتعود على الصمود في أحلك الظروف.

تعليقات: