راشد برو الذي يصنّع نحو طن ونصف موسمياً (رامح حمية)
تحولت صناعة الكشك في البقاع من طقس موسمي لتحضير مؤونة الشتاء إلى تجارة يمارسها عدد كبير من العائلات.
تكاد مائدة الشتاء البارد لا تخلو من طبق «الكشك بقورما» الدافئ، فهو الوجبة البقاعية الأشهر، وتعدّ أساس المؤونة الشتائية التي يبدأ إعدادها في الفترة الممتدة بين شهري تموز وتشرين الأول. إلا أن تحضير الكشك في البقاع لم يعد للمؤونة فحسب، بل تحوّل إلى مورد رزق لعدد كبير من العائلات التي تنتج كميات كبيرة منه وتبيعه حسب الطلب لزبائن من مختلف المناطق اللبنانية، إضافة إلى المغتربين.
الحاج راشد برو (77 عاماً) يزاول مهنة إعداد الكشك وبيعه لزبائنه منذ أكثر من 30 عاماً. في السابق كان يعمل حاجباً في إحدى مدارس المنطقة، لكن الاستحسان الذي كانت تلاقيه هداياه من مؤونة الكشك إلى أقاربه وأصدقائه جعلهم يطلبون منه كلّ عام مؤونتهم «إضافةً إلى مؤونة جيرانهم ومعارفهم ومغتربيهم».
هكذا انتقل أبو حسين إلى «العمل» على تحضير الكشك واعتمده مورد رزق له ولأفراد عائلته التسعة، وخصوصاً أن مروحة زبائنه اتسعت ومعهم ارتفعت كمية الكشك التي ينتجها من 50 أو 70 كيلوغرام في الموسم الواحد إلى الطن ونصف طن. ويقول إنه يجهز كل 10 أيام كمية 200 كيلوغرام بـ«بلّة واحدة» (مزج البرغل مع اللبن)، وإن ارتفاع أسعار الحليب والبرغل هذا العام أدى إلى ارتفاع سعر كيلو الكشك من 8 آلاف إلى 15 ألف ليرة، لكن: «الحمد لله لم يخفّ الطلب لأن الكشك مرغوب. ربحنا بعدل الله ولا أريد أكثر من ثمن تعبي وتعب زوجتي التي تساعدني»، مؤكداً أن «من يبيع بسعر أعلى يظلم الناس».
فاطمة شحيتلي امتهنت أيضاً إعداد «الكشك البيتي» وبيعه، بمساعدة ابنتها منذ أكثر من 25 عاماً، ولديها أكثر من 25 زبوناً من الشمال وبيروت والجنوب، وهي تؤكّد أن بيع الكشك يمثّل مورد الرزق الأساسي لها ولعائلتها.
زبائن فاطمة يقصدونها من مختلف المناطق، وهي جهزّت لهذا العام وعلى مدى الأشهر الثلاثة الماضية 200 كيلوغرام، باعت منها حتى اليوم 70، «كما في كل عام يستمر الزبائن بالتوافد لشراء الكشك حتى نهاية شهر رمضان المقبل وبدء فصل الشتاء».
سعر كيلوغرام الكشك عند فاطمة 25 ألف ليرة «لأنه مميّز وبيتي، وأعدّه قبل مربعانية الصيف لأن الطرش (المواشي) في المربعانية يشرب كثيراً والحليب بيصير قليل الدسم». تحضير الكشك لم يعد مجرد «طقس» قروي يمارس كلّ موسم، بل تحوّل إلى مهنة يلجأ ممارسوها أحياناً إلى التجوال في القرى وطرق أبواب المنازل للترويج لها. النتيجة مضمونة، فلا أحد يقاوم كشك البقاع كما يقول عارف البواري أحد المغتربين في كندا، الذي يحرص على التزوّد بكشك الضيعة كلما سافر، وهو أمر لا يخلو من عرقلة إذ يخضع في المطار للكشف في مركز الحجر الصحي للحصول على شهادة تثبت أنه كشك شيء آخر.
تعليقات: