رئيس دائرة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعورغير محسوب على أي جهة سياسية (الأرشيف)
لا مؤشرات جدية حول إمكانية تحقيق أي تقدّم إزاء الاستحقاق الرئاسي في الفترة القريبة. الحركة التي تضج بها الكواليس السياسية لا تبدو منتجة حتى الآن، إلا أن هذا المسار لا بد منه. ووسط كم كبير من الأسماء والسيناريوهات والعقد السياسية المتعددة، التي تحبط أي مسعى لتوفير ظروف التوافق على إنتاج الرئيس الجديد، تُجمِع شخصيات سياسية وديبلوماسية على أن المقومات التي لا بد من توفرها لإنجاز تسوية رئاسية تنقسم إلى ثلاث طبقات. الطبقة الأولى داخلية، والثانية إقليمية، والثالثة دولية. ولا بد لحصول تقاطع بين هذه الطبقات ما يفسح المجال أمام إنجاز التسوية المنتظرة.
خيار فرنجية
تجمع القوى الداخلية والخارجية على أنه لا بد من الوصول إلى درجة من درجات التوافق لاتمام الاستحقاق. وهذا ما يبدأ لدى اقتناع اللبنانيين كافة بأنه لا مهرب من التوافق والتنازل عن السقوف المرتفعة. وهذه حتى الآن لم تحصل، خصوصاً في ضوء الاختلاف المستمر بين مكونات قوى الثامن من آذار، وكذلك الاختلاف بين قوى المعارضة.
على صعيد حزب الله وحلفائه، فإن المعلومات تفيد بأن الرئيس نبيه برّي لا يزال يتبنى خيار سليمان فرنجية، وقد توافق مع الحزب على أن يكون توجههما موحداً إزاء الاستحقاق الرئاسي بخلاف ما حصل في العام 2016. وتضيف المعلومات أن برّي يبدي قدرة على إقناع أفرقاء متعددين بخيار فرنجية، بحال نجح حزب الله في إقناع باسيل بتبني خيار رئيس تيار المردة.
المهمة شبه المستحيلة
هنا تعود المصادر إلى كلام برّي في ذكرى الإمام موسى الصدر، حين قال إنه لا بد من انتخاب رئيس يتمتع بحيثية مسيحية وإسلامية ووطنية، ويجمع ولا يفرق. وبالتالي، لدى مقاربة موقع فرنجية من هذه المعادلة، فهو يصاب بضعف "التمثيل المسيحي"، خصوصاً في ظل معارضة القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ والكتائب له. وهذا لا يمكن حلّه إلا بجعل التيار الوطني الحرّ داعماً للرجل. وهي المهمة شبه المستحيلة التي يسعى إليها حزب الله. هذا على المستوى الداخلي، أما على المستوى الإقليمي، فصحيح أن فرنجية لديه علاقات جيدة بالدول العربية، وكان حاضراً في مؤتمر الطائف الذي نظمته السفارة السعودية، لكن خطيئة وزير الإعلام السابق جورج قرداحي تعتبر من الكبائر بالنسبة إلى السعودية. فيما هناك من يعتبر أن رئيس الجمهورية يجب أن يكون وسطياً وغير محسوب على أي طرف، طالما أن رئيس مجلس النواب حليف حزب الله، فالحاجة تقتضي انتخاب رئيس وسطي للجمهورية وخارج الاصطفاف، على أن يكون رئيس الحكومة على علاقة جيدة بالعرب والغرب. وبذلك يمكن أن تتوازن ويمكن فتح مسارات جديدة تعطي انطباعاً إيجابياً للخارج.
بالإنتقال إلى الطبقة الثالثة، والمتعلقة بالمسألة الدولية، فهناك من يعتبر أن فرنجية يحظى بموافقة بعض الدول الغربية، إلا أن هناك وجهة نظر مقابلة ترى أن لبنان وبعد كل الأزمات التي حصلت يحتاج إلى رئيس جديد لا يعطي انطباعاً بأن "المنظومة" -هذه التسمية التي درجت في الآونة الأخيرة- تستعيد نفسها، وأن التسويات والمسارات السياسية لا تزال تسير وفق النهج السابق نفسه.
وهنا لا بد من تسجيل ملاحظة أن كل هذه المواقف قابلة للتغير وفق الظروف ومتغيراتها أيضاً.
مرشّحو باسيل وسلة أسماء
القراءة التي تنطبق على فرنجية تنسحب على حسابات جبران باسيل أيضاً، بغض النظر عن بروز فكرة في التيار الوطني الحرّ للتصويت لاحد أعضاء التكتل، أو لشخصية أخرى من خارجه، إذ يتداول نواب التكتل الكثير من الأسماء، فبعضهم من يسمّع باسم ندى البستاني، والبعض الآخر يفضل ابراهيم كنعان، فيما هناك من يطرح فكرة التصويت لزياد بارود. كل هذه الأسماء ستلاقي تعقيداً في المسار الداخلي، باعتبار أن أي مرشح من هؤلاء هو مرشح جبران باسيل.
على الضفة الأخرى، فلا توافق بين القوات اللبنانية والحزب الاشتراكي مع المستقلين ومع نواب التغيير، وبالتالي لا قدرة لهؤلاء على إنتاج رئيس أو تجيير 65 صوتاً لمرشح مشترك. هنا ستفرض الوقائع نفسها، بالنظر إلى التطورات الداخلية والخارجية، والتي لا بد لها أن تتلاقى في لحظة معينة لإنتاج الاتفاق. بناء عليه يتم التداول في سلّة موسعة من الأسماء التوافقية، من بينها مثلاً قائد الجيش جوزيف عون، بوصفه وسطياً ويحظى بثقة العرب والغرب وعلاقاته جيدة مع كل القوى على الساحة اللبنانية، فيما العقبة الأساسية أمامه هي موقف رئيس التيار الوطني الحرّ. ولكن من يحمل إسم قائد الجيش بجدية يعتبر أنه صاحب تجربة ناجحة ومتوازنة، وقادر على تجديد الثقة بأي تسوية يمكن أن تحصل. وهذا يرتبط بالحكومة التي ستتشكل في بداية عهده ورئيسها.
جهاد أزعور؟
إلى جانب اسم قائد الجيش، ثمة اسم لم يدخل في التداول علنياً بقوة حتّى الآن، على الرغم من أن تداولاً قد حصل حوله، وهو اسم رئيس دائرة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور، أولاً بحكم موقع الرجل، وثانياً بحكم تجربته وعلاقاته الجيدة، مع الإشارة إلى أن أزعور غير محسوب على أي جهة سياسية، وكانت تجربته في وزارة المالية ناجحة، وهي التي خولته لتولي هذا المنصب الرفيع دولياً. والرجل كان قد تخلى عن كل أعماله الخاصة بعائلته في لبنان منذ تعاطيه الشأن العام، وهو إبن شقيقة المرشح الدائم لرئاسة الجمهورية قبل رحيله، جان عبيد. علاقته جيدة برئيس الجمهورية ميشال عون، وبرئيس مجلس النواب نبيه برّي وكذلك بوليد جنبلاط وبمكونات مختلفة، بينها القوات اللبنانية. سمته الأساسية موقعه في صندوق النقد وتكوينه رؤية حول كيفية الخروج من الأزمة، بالاستناد إلى عوامل الثقة التي يمكن تحصيلها دولياً وإقليمياً على أن تكون إدارته مرتكزة على إدارة التوازن.
في السلّة أيضاً أسماء أخرى يتم التداول بها، بينها النائب السابق صلاح حنين، وهو خبير دستوري، بالإضافة إلى التداول باسم وزير الخارجية السابق ناصيف حتي، والذي قدم استقالته من حكومة حسان دياب، فيما هو حريص على احتفاظ لبنان بعلاقاته الجيدة عربياً ودولياً.
كل هذه الأسماء تبقى حاضرة إلى أن يحين موعد إبرام التسوية، فيما لا يمكن إغفال موازين القوى الداخلية والخارجية، والتي وفقها يفترض أن تميل كفّة الانتخاب.
تعليقات: