برّي يلاحقها قضائياً: غادة عون تحيي لائحة ثروات السياسيين

لطالما كانت تحركات القاضية عون مثير للجدل (مصطفى جمال الدين)
لطالما كانت تحركات القاضية عون مثير للجدل (مصطفى جمال الدين)


استيقظ اللبنانيون على تغريدة خطيرة للغاية من قبل القاضية المثيرة للجدل، النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان غادة عون، نشرت خلالها لائحة بأسماء مسؤولين لبنانيين لديهم حسابات مجمدة في سويسرا،​ وكتبت: "لا أعلم مدى صحة هذه المعلومة. لكن لماذا لا يبادر الأشخاص الواردة أسماؤهم في هذه اللائحة إلى كشف حساباتهم لدى المصارف السويسرية؟ من أجل الشفافية فقط! بمطلق الأحوال أتمنى أن يكون هناك باب في قانون رفع السرية المصرفية، والذي سأنكب على دراسته. وأتمنى أيضاً من الحقوقيين التعليق عليه".

أطّلع رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، كونه أحد المذكورة أسماؤهم في اللائحة المنشورة، على مضمون التغريدة، وتقدّم بواسطة المحامي الدكتور علي رحال بشكوى لدى المدعي العام التمييزي غسان عويدات، للملاحقة والتحقيق وإجراء المقتضى القانوني اللازم. فما هي هذه اللائحة ولماذا نشرتها القاضية عون ولماذا تحرّك برّي؟


تاريخ اللائحة قديم

بحثت "المدن" عن تاريخ اللائحة التي نشرتها القاضية عون، فتبيّن أنه في 16 أيار عام 2019، في زمن الثورة في لبنان، انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كثيف لائحة إسميّة بمسؤولين لبنانيين لديهم حسابات مجمّدة في المصارف السويسرية، وقيل حسب الخبر المنتشر أن هؤلاء غير قادرين على سحب دولار واحد من حساباتهم بتعليمات من الإدارة الأميركية، وأرفق الخبر بتأكيد أن مصدره هو "ويكيليكس"، هو الخبر نفسه الذي أعادت القاضية غادة عون طرحه اليوم على شكل صورة، فيها الأسماء التالية ما عدا الياس المر وبولا يعقوبيان: "فؤاد السنيورة 9.1 مليار دولار،

نجيب ميقاتي 7.8 مليار دولار،

طه ميقاتي 6.8 مليار دولار،

نبيه برّي 6.3 مليار دولار،

ميشال المر 5.9 مليار دولار،

سعد الدين الحريري 5.9 مليار دولار،

رندا بري 5.7 مليار دولار،

رياض سلامة 5 مليار دولار،

وليد جنبلاط 4.6 مليار دولار،

الياس المر 3.6 مليار دولار،

عبدالله برّي 2 مليار دولار،

ميشال سليمان 2 مليار دولار،

نقولا فتوش 1.9 مليار دولار،

فؤاد مخزومي 1.9 مليار دولار،

مريام سكاف 1.6 مليار دولار.


وأرفقت اللائحة بخبر آخر يشير إلى أن هناك عدداً كبيراً من المسؤولين اللبنانيين الذين قد أودعوا أموالهم في البنوك الأميركية والفرنسية ستصدر لائحة بغالبيتهم تباعاً، وهو ما لم يحصل بطبيعة الحال. يوم انتشرت اللائحة تبيّن أن موقع "ويكيليكس" الذي تُنسب إليه المعلومة لم ينشر الخبر ولا الأسماء ولا الأرقام، لكن مع نشرها من قبل قاضية في جهاز القضاء اللبناني، يُصبح من الواجب التحقيق فيها.


المسيئون للقضاء

بالنسبة إلى مصادر رئيس المجلس، تُشير إلى أن برّي لم يتحرك سابقاً قضائياَ للرد على كثير من الشائعات التي طالته خلال كل المرحلة الماضية منذ تشرين 2019 حتى اللحظة، إنما لا يمكنه السكوت أمام ما تنشره قاضية، لذلك هو سيقوم بما يلزم للملاحقة والتحقيق بضمون ما ورد في التغريدة، وتبيان الحقائق.

وتُضيف المصادر عبر "المدن": "خلال التغريدة تسأل عون لماذا لا يُبادر الأشخاص المذكورين بتغريدتها إلى رفع السرية المصرفية، وتحاول الإيحاء كأنها بصدد فتح معركة لرفع السرية المصرفية. وهنا لا بد من تذكيرها بأن رئيس المجلس كان من أوائل المبادرين إلى رفع السرية المصرفية بالداخل والخارج عن نفسه وعن عقليته منذ تشرين الثاني عام 2019"، مؤكدة أن تصفية الحسابات السياسية لا يكون بهذه الطريقة المسيئة للقضاء والقضاة.

كما تذكر المصادر بأن المجلس النيابي أقر في تشرين الأول من العام الجاري قانون رفع السرية المصرفية بعد مناقشته بنداً بنداً وإدخال التعديلات عليه.


عون تُدافع عن التغريدة

لاقت تغريدة القاضية عون ردوداً من الجمهور المؤيد والمعارض لها على السواء، لكنها حاولت في بعض ردودها الدفاع عن موقفها، فتوجهت للصحافي ألبير كوستانيان الذي اتهمها بـ"الخفّة" بالقول: "لمعلوماتك يا حضرة الصحافي أن التحويلات بالدولار إلى الخارج ما زالت تحصل حتى تاريخه ولدي الاثبات. وسيظهر ذلك في حينه. لذلك قبل أن تطلق نعوت لا تليق بك أتمنى عليك أن تتأكد من معلوماتك. مع العلم اني بدأت "التويت" بالتساؤل عن صحة هذا الخبر. أعتقد الخفة تنطبق عليك هنا لاجتزاء الخبر، لا علي"، ثم قالت أيضاً: "على فرض عدم صحة هذا الخبر اقله بالأرقام، مع العلم أن التحويلات أكيد حصلت لأن هناك مليارات الدولارات حولتها المصارف بمعرفة المصرف المركزي إلى الخارج. لكن يبقى السؤال لماذا لا يقر قانون استعادة الأموال المحولة. ولماذا لا يبادر من ورد اسمه في هذه اللائحة لدحض الكذب بكشف حساباته".

وفي وقت لاحق، اضطرت القاضية عون إلى حذف تغريدتها، بعد ان اتخذت القضية طابعاً قضائياً جدياً، ومنحى سياسياً حساساً.

على أي حال، لطالما كانت تحركات القاضية عون مثير للجدل في قضايا تحويل الأموال، والمداهمات التي حصلت لمكاتب تحويل الأموال إلى الخارج، لكن حتى اليوم لم تظهر نتائج عملها إلى العلن، فهل تكشف القاضية عون عما بحوزتها من أدلة تتحدث عنها بشكل دائم، أم يبقى الأمر محصوراً بتغريدات ومواقف تكتسب الطابع السياسي أكثر منها الطابع القضائي؟

تعليقات: