أتكون الرئاسة رهن ضمانات قائد الجيش للمقاومة؟

خطاب نصرالله الأخير كان أول موقف سياسي مباشر حيال قائد الجيش
خطاب نصرالله الأخير كان أول موقف سياسي مباشر حيال قائد الجيش


لا يزال الموقف الأخير للأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله، محطّ اهتمام من قبل المراقبين والسياسيين. قراءات كثيرة واستنتاجات متعددة يبديها كثر حول سياقات وأبعاد الموقف.

وهنا لا بد من تسجيل نقطة تتركز على "المواصفات" التي حددها نصرالله للرئيس الذي يريده حزب الله، مستشهداً بتجربة قائدين للجيش، إميل لحود وميشال عون. إذ وصف نصرالله لحود بالرئيس المقاوم، ووصف عون بأنه الرئيس الحليف الذي لم يخضع للضغوط الخارجية. هذه المواصفات، عملياً، لا بد أن يكون لها ارتداد آخر يرتبط بكل الحديث الذي تضج به الساحة اللبنانية حول قائد الجيش جوزيف عون، وإمكانية التوافق على انتخابه رئيساً للجمهورية.


قائد الجيش والباب المفتوح

بداية، وبالنظر إلى المعادلة التي طرحها نصرالله، يمكن تسجيل أنه الموقف الأول والمباشر سياسياً حيال قائد الجيش. سابقاً، وإبان تظاهرات 17 تشرين وحتى بعد تفجير مرفأ بيروت، مرر نصرالله إشارات باتجاه قائد الجيش، حول وجوب التحرك سواء لمنع قطع الطرقات أو لأخذ التحقيق على عاتقه في تفجير المرفأ، من دون أن يؤدي ذلك إلى تفجير الوضع في البلد. صحيح أن الأيام الأولى لمطالبة حزب الله كما رئيس الجمهورية ميشال عون لقائد الجيش بقمع التظاهرات واستخدام القوة لفتح الطرقات، لم تشهد استجابة لدى قائد الجيش، لكنه عمل على إيجاد طريقة أخرى غير الدخول في صدام مع المواطنين، أدت إلى النتيجة المطلوبة. وهذه إشارة إيجابية سجّلت لقائد الجيش.

بعيد كلام نصرالله سرت تحليلات كثيرة حول أن الرجل أراد استهداف قائد الجيش جوزيف عون، علماً أن هذا الأمر ليس دقيقاً، إنما أبقى أمين عام حزب الله الباب مفتوحاً، خصوصاً أنه لم يسم عون بالإسم ولم يستهدفه. فمعادلة نصرالله تقوم على انتخاب رئيس لا يطعن المقاومة، وهذه تعني وجود "الضمانات". يمكن تفسير موقف الحزب بأن خياره لا يزال بتبني ترشيح سليمان فرنجية، ويدعو للتوافق بين القوى المختلفة على انتخابه. أما بحال عدم توفر هذه الظروف، وبحال فرضت الوقائع نفسها بقواعد جديدة لا مفرّ منها، حينها يتطور النقاش إلى البحث عن الشخصية المقبولة، والتي لا بد لها من تقديم الضمانات المطلوبة. في هذا السياق، لا يمكن استبعاد جوزيف عون كمرشح "توافقي" للرئاسة.


الضمانات ومعادلة المقاومة

لا تخفي مصادر متابعة استمرار قنوات التواصل بعملها على خطّ الطرفين. فالجميع يعلم أن لا حزب الله قادر على انتخاب رئيس من دون موافقة الآخرين، ولا خصوم الحزب يمكنهم انتخاب الرئيس الذي يريدونه. بناء عليه، تبقى كل الأبواب مفتوحة على الاحتمالات المتعددة. وقائد الجيش بحكم موقعه أولاً، لا بد له أن يبقى على تواصل مع كل القوى السياسية في البلاد. فلا يمكن للتواصل أن ينقطع، ولا يمكن للتنسيق إلا أن يستمر سواء عبر قنوات مباشرة أو غير مباشرة أو عبر وسطاء. وما أكثر العاملين في هذا المجال.

الأيام الماضية شهدت اتصالات متعددة بين الجانبين، من بينها البحث في أفق المرحلة المقبلة على مختلف الصعد، السياسية، الأمنية والاقتصادية، وحتى ما يعني ملف المقاومة. كل هذه الملفات تبقى عرضة للدراسة من قبل الأفرقاء المعنيين، خصوصاً أن أكثر الأسئلة التي تُطرح هي حول ماهية "الضمانات" التي يريدها الحزب، وأساسها أن يكون الرئيس الذي سينتخب يعرف معنى "المقاومة"، ولا يكون مستعداً للدخول في مواجهة معها. ومن بين الضمانات أيضاً هو ما ستكون عليه صيغة معادلة المقاومة في البيانات الوزارية المقبلة.

تعليقات: