أمازون تدهش العالم: مسيّرات لخدمة التوصيل وروبوتات في المستودعات

يمكن للمسيّرة أن تحلق لمسافة 12 كيلومتراً ذهاباً وإياباً (الانترنت)
يمكن للمسيّرة أن تحلق لمسافة 12 كيلومتراً ذهاباً وإياباً (الانترنت)


دخلت شركة التجارة الإلكترونية "أمازون" عالم الأتمتة من بابه العريض، مع إعلانها عن نيتها البدء نهاية العام بخدمة التوصيل إلى المنازل عبر المسيّرات، وتطويرها ذراعاً روبوتية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي، وقادرة على التقاط ونقل الاشياء والبضائع، التي تختلف في الشكل والحجم والملمس، ببراعة. ليشهد العالم بذلك مرحلة جديدة من استخدام الروبوتات في الشركات العملاقة، ما يطرح تساؤلاتٍ عن مستقبل اليد العاملة البشرية.


خدمة توصيل في الجو

بعد ما يقرب من عقدٍ من الزمن على إعلان جيف بيزوس عن تخطيطه لإطلاق خدمة التوصيل عبر المسيّرات، أعلنت عملاق تجارة التجزئة والتجارة الإلكترونية في العالم "أمازون"، أن المسيّرة "MK27-2"، ستصبح جاهزة للبدء في خدمة التوصيل بحلول نهاية عام 2022، ضمن مناطق محددة في المرحلة الأولى وتشمل: لوكفورد، كاليفورنيا، كوليج ستيشن، وتكساس.

وقد شرحت كالسي هندريكسون، التي تقود إدارة برنامج الطائرات من دون طيار في "أمازون"، بعض خصائص المسيّرة الجديدة قائلةً: "نود أن نشير إلى أن هذه المسيّرة آمنة وتعمل بشكلٍ مستقل، ما يعني أن لديها القدرة على اتخاذ القرار. إذا لاحظت المسيّرة أي شيءٍ له توقيع حراري في الأسفل، فعندها ستمتنع عن تسليم الطرد وستعود أدراجها إلى المحطة. وإذا واجهت طائرة أخرى أثناء تحليقها، فستلتف حولها. كما سيشرف بعض العمال من بعد على عمليات التسليم ومراقبة المجال الجوي بأكمله".


كيفية التسليم

يمكن للمسيّرة أن تحلق لمسافة 12 كيلومتراً ذهاباً وإياباً، وتحتاج إلى مساحة وافرة تحتها لإسقاط الصندوق، يبلغ قطرها حوالى خمسة أقدام ونصف وتزن 36 كيلوغراماً، ويمكن أن تحمل طروداً يقل وزنها عن 3 كيلوغرام، فيما يجب أن تتناسب عمليات التسليم في صندوقٍ واحد بحجم صندوق الأحذية.

يتم تحميل الصندوق في الخلف وتأمينه بالداخل، ثم تقلع المسيّرة عمودياً، على غرار المروحية، باستخدام ستة مراوح. بمجرد وصولها إلى الهواء، تدور في وضعٍ أمامي ويعمل الشكل السداسي المحيط بالمسيّرة كجناحيها. وتطير هذه المسيّرة بسرعة 50 ميلاً في الساعة. وعند وصولها إلى موقع التسليم، تهبط عمودياً، وتمسح المنطقة للتأكد من خلوها من أي شيء، ثم تُسقط الصندوق بأمان من ارتفاع 12 قدماً فوق الأرض.


نسخة فائقة التطور

ولم تكتفِ شركة "أمازون" بالإعلان عن هذه المسيّرة، إنما أرادت أن تبهر العالم بكشف النقاب عن مسيّرة "MK30"، النسخة المحدثة من" MK27-2"، والتي ستدخل الخدمة في عام 2024. وستكون هذه المسيّرة أصغر من حيث الحجم وأخف وزناً من الإصدار السابق، وقادرة على تحمل درجات الحرارة القاسية ومجموعة أوسع من الظروف الجوية.

وبينما تعدّ ضوضاء المسيّرات من أكثر الشكاوى المتوقعة حول إدخال هذه الأنظمة في البيئات السكنية.. ابتكر فريق "Flight Science" في "أمازون"، مراوح جديدة مصممة خصيصاً لتقليل الضوضاء لـ" MK30" بنسبة 25 في المئة.

سيوجد أيضاً على متن المسيّرة أنظمة أمان جديدة مصممة لتجنب مجموعة واسعة من العقبات المختلفة، كالمسيّرات الأخرى والبشر والأشجار والحيوانات الأليفة. وقد كتبت الشركة عن معايير الأمان والهدف المنشود، شارحةً: "في حين أنه من المستحيل القضاء على جميع المخاطر في الطيران، فإننا نتبع نهجاً معتمداً في مجال الطيران لتصميم السلامة في نظامنا. وكما هي الحال دائماً، ستخضع أحدث مسيّراتنا لتقييمٍ صارم من قبل سلطات الطيران الوطنية، مثل إدارة الطيران الفيدرالية، لإثبات سلامتها وموثوقيتها. ويبقى هدفنا النهائي يتمثل بتسليم مجموعة كبيرة من العناصر بشكلٍ مستدام وعلى نطاقٍ واسع في أقل من ساعة، وفي النهاية في غضون 30 دقيقة".


روبوت "سبارو"

ويتزامن ما ذُكر آنفاً، مع إعلان الشركة إياها عن تشغيل الذراع الروبوتية، التي يُطلق عليها اسم "سبارو Sparrow"، بمزيج من الذكاء الاصطناعي ورؤية الكمبيوتر وأكواب الشفط. وتم تصميم هذه الذراع لانتقاء العناصر المكدسة في الرفوف أو الصناديق بحيث يمكن تعبئتها في الطلبات لشحنها للعملاء. وبما أن ما نتحدث عنه يعتبر من أصعب المهام لروبوتات المستودعات نظراً لوجود العديد من العناصر المختلفة، لكلٍ منها شكلها، وملمسها، يواجه "سبارو" هذا التحدي باستخدام التعلم الآلي والكاميرات لتحديد الأشياء المكدسة في سلة المهملات والتخطيط لكيفية الإمساك بواحدة منها باستخدام قابض مخصص به عدة أنابيب شفط.

تختبر "أمازون" حالياً الروبوت في منشأة تقع في تكساس، حيث يقوم بالفعل بفرز المنتجات لطلبات العملاء. وتقول الشركة إن "سبارو" يمكنه التعامل مع 65 في المئة من أكثر من 100 مليون عنصر في مخزونها. وهذا ما يشرحه تاي برادي، كبير التقنيين في "أمازون روبوتيكس Amazon Robotics"، بالقول "لا أحد لديه المخزون الذي تمتلكه أمازون. يستطيع سبارو الإمساك بأقراص DVD، والجوارب، والدمى، وغيرها من الأشياء. لكنه لا يزال يعاني من التغليف المعقد".

وبطبيعة الحال، سيؤدي صنع الآلات القادرة على انجاز بعض مهام البشر بالدقة والسرعة نفسها، إلى تحويل اقتصاديات التجارة الإلكترونية. وقد بدأ عدد من شركات الروبوتات، بما في ذلك " Berkshire Gray" و"Righthand Robotics" و"Locus Robotics"، ببيع أنظمة قادرة على انتقاء الأشياء في المستودعات. لكن مطابقة قدرة البشر على التعامل مع أي شيء بشكلٍ موثوق، وبسرعة عالية، يظل بعيداً عن متناول الروبوتات. وبينما يمكن للإنسان عادةً اختيار حوالى 100 عنصر في الساعة في المستودع. يرفض برادي الإفصاح عن مدى سرعة "سبارو" في اختيار العناصر، معتبراً إن الروبوت "يتعلم طوال الوقت".


ما مصير العنصر البشري؟

هذه الأتمتة المتزايدة في العمل داخل المستودعات، تطرح مخاوف من قيام الروبوتات بإزاحة البشر من وظائفهم. غير أن شركة "أمازون" تنفي جملةً وتفصيلاً أن تنعكس عملية الأتمتة سلباً على العمال، مبينةً أن عدد موظفيها قد ازداد حتى مع توسعها في الأتمتة، نتيجةً لاستمرار أعمالها في النمو. ومع ذلك، أشارت البيانات الداخلية التي نشرتها مواقع أميركية، بأن العمال في المنشآت الآلية للشركة يعانون من إصاباتٍ أكثر لأن وتيرة العمل أصبحت أسرع.

وبينما تقول شركة التجارة الإلكترونية إنها تصنع الآن عدداً من الروبوتات الصناعية سنوياً أكثر من أي شركة في العالم، يجيب برادي عند سؤاله عن إمكانية استبدال العامل بالروبوت مستقبلاً "دور الروبوتات يُساء فهمه. أنا لا أعتبر أنها ستحل محل الناس. إن البشر والآلات يعملون معاً، وإذا كان بإمكاني السماح للأشخاص بالتركيز على مهامٍ ذات مستوى أعلى، فهذا هو الفوز".

تعليقات: