مع غياب السلامة العامة.. مخاطر تهدد حياة اللبنانيين

جانب من العاصمة اللبنانية بيروت
جانب من العاصمة اللبنانية بيروت


على ضوء دخول لبنان أشرس أزمة اقتصادية، بدا مفهوم السلامة العامة عموما منعدما إلى حد كبير في البلاد، سواء لجهة السلامة المرورية أو لجهة سقوط الأبنية، أو غيرها من الحوادث التي تتصدر وسائل الإعلام المحلية.

ويواجه المواطن اللبناني إهمالا كبيرا في تطبيق القوانين التي تحمي حياته، بدءا من قانون السير والسيارات وفوضى الدراجات النارية المخالفة للقوانين، وانعدام إنارة بعض الطرق، إلى عدم تطبيق قانون البناء والأشغال العامة، وعدم تدعيم الجدران والإنشاءات وتأمين السلامة في الأبنية والمنشآت، مرورا بمخاطر تطاير ألواح الطاقة الشمسية نتيجة العشوائية في تركيبها، وصولا إلى سلامة الغذاء وانتشار الكوليرا.

والسلامة العامة ليست محصورة بقانون السير أو البناء أو السلامة في العمل فحسب، بل تعني السلامة في كل مكان وزمان.


إهمال في الصيانة

وفي هذا الصدد، قال مهندس التخطيط المدني، يوسف عزام، رئيس جمعية شبكة سلامة المباني، وهي جمعية غير حكومية تعمل في لبنان منذ عام 2007 وتضم مجموعة من المهندسين، إن "القدرة الإلهية وحدها تحمي المواطن في لبنان".

وعدّد عزام الأسباب، في حديث خاص لموقع "سكاي نيوز عربية"، قائلا :

معظم المباني السكنية قديمة، أجريت عليها تعديلات بعد الحرب الأهلية التي تعرضت خلالها لأضرار جسيمة، ويمكن تصنيفها على أنها غير مطابقة للمواصفات الهندسية وللسلامة العامة.

عقود إيجارات المساكن القديمة.

وتشكل الإيجارات القديمة موضوعا تشريعيا شائكا، إذ هناك أكثر من 10 آلاف وحدة سكنية خاضعة لقانون الإيجارات القديم منذ بداية الحرب مطلع عام 1975، وقد مددت الدولة القانون فبقيت قيمة الإيجارات زهيدة.

وبالتالي لا يتمكن صاحب العقار من صيانته ولا المستأجر يقوم بالصيانة الدورية للبناء، مما يجعل هذه الأبنية مهددة بالسقوط.


المسؤولية

وكشف عزام عن العديد من الثغرات في قطاع البناء، أثرت سلبا على السلامة العامة، أبرزها "عدم إجراء معاينة وكشف دوري للمباني السكنية، إلا القليل منها".

وأضاف: "المسؤولية مشتركة، يتحمل بعضها البلديات والوزارات المعنية وأكثر من جهة في لبنان"، مشيرا إلى أن "كل المدن اللبنانية تفتقر إلى مسح شامل من قبل بلدياتها".


ماذا تقول الأرقام؟

وأوضح عزام: "آخر إحصاءات قامت بها الجمعية بمجهود فردي، نظرا لغياب الإحصاءات الرسمية التي تعود لعام 2014، تبين من خلال مسح وتنزيل الخرائط الخاصة عبر برنامج الصور الجوية GIS وتحليل البيانات، أن 16 ألف مبنى قديم في لبنان بحاجة لصيانة فورية".

وشدد في الوقت نفسه على "وجود افتقار عام لثقافة الصيانة وإعادة التأهيل"، وداعيا البلديات لـ"تحمل مسؤولياتها".


ألواح الطاقة الشمسية.. القلق الداهم

مشكلة أخرى تتمثل في ألواح أجهزة توليد الطاقة الكهربائية من الشمس، والتي انتشرت بشكل فوضوي على أسطح المنازل العام الماضي إثر الانقطاع شبه الدائم للتيار الكهربائي عن المدن والقرى، وعجز مؤسسة كهرباء لبنان الرسمية عن تأمين التيار للكهربائي للمواطنين.

ووصف عزام الوضع بـ"الأسوأ"، متوقعا "وقوع حوادث مع سرعة الرياح في الشتاء، التي قد تخلع العديد من الألواح المنصوبة على أسطح المباني، لتسقط على المارة، لأن تركيبها تم بطرق غير مدروسة في كثير من المناطق".


المحاسبة

من جانبه، شدد المحامي بول مرقص، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، على ضرورة تطبيق "المحاسبة" لكل المسؤولين المقصرين.

وقال: "المحاسبة في لبنان شبه غائبة على جميع الأصعدة، بما فيها ما يسمى (القضاء والقدر)، الذي وإن تحقق يجب ألا يحجب المسؤولية والتعويض عن الضرر، وفقا للأحكام العامة للمسؤولية التي نص عليها القانون اللبناني".

وتابع: "بقدر ما يتطلب الأمر إدراكا من السلطات وتوزيعا للمسؤوليات، فإنه بالقدر عينه يجب أن يكون محل متابعة من المواطن المتضرر حتى الوصول إلى تحديد المسؤول والتعويض".

وأشار مرقص إلى أن "هناك سوابق حصلت لمواطنين ادّعوا على السلطات المحلية، أي البلديات وعلى الدولة اللبنانية ممثلة بوزارة الأشغال العامة أو مجلس الإنماء والإعمار، وجرى تعويضهم نتيجة المراجعة القضائية".


غياب السلامة المرورية

بدوره، وصف مدير مرصد السلامة المرورية في مؤسسة "جوستيسيا" الحقوقية، كامل إبراهيم، السلامة المرورية في لبنان بـ"المأساوية".

وقال لموقع "سكاي نيوز عربية": "ازداد الواقع تدهورا نتيجة غياب المقومات المرتبطة بالسلامة العامة والمرورية، خصوصا في السنوات الثلاث الأخيرة"، مرجعا الأسباب إلى "غياب الإنارة بالطرق، وعدم تطبيق القانون، وغياب التوعية، والمعاينة الميكانيكية للسيارات".

ودعا إبراهيم "الإدارات المعنية للقيام بالمجهود اللازم بالإمكانات الموجودة، ووضع خطة واضحة والانتظام بالعمل وتأمين الاستقرار السياسي، لتعود الإدارات الرسمية للقيام بواجباتها ".

في الوقت نفسه، نوه إبراهيم إلى "بعض الجهود الفردية لمبادرات إيجابية"، إلا أنه وصفها بـ"الحلول المؤقتة"، مختتما حديثه بالقول: "الوضع بحاجة إلى استراتيجية وطنية شاملة تحافظ على حياة المواطنين المهددة بالخطر ".

في سياق متصل، حذر مسؤولون وخبراء صحيون في لبنان، من انتشار مرض السرطان بوتيرة أعلى في محافظة البقاع شرقي البلاد.

وفي ظل غياب الإحصاءات الرسمية، يقول السكان إن "السرطان يتغلغل في بلدات البقاعين الأوسط والغربي بشكل ملحوظ"، وسط تقارير تشير إلى أن "تلوث نهر الليطاني يعد أحد أهم أسباب انتشار المرض".


انتشار الكوليرا

كما يعيش لبنان ظروفا محفوفة بالمخاطر جراء انتشار الكوليرا في المناطق القريبة من مخيمات اللاجئين السوريين.

وقال خبراء لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "الحل يبقى بتأمين المياه النظيفة، والمستلزمات الصحية، واللقاحات، وتنظيف الحفر الصحية، لأن المخيمات هي المكان الأساسي الذي ينتشر فيه الوباء".

تعليقات: