وجبة لكل الأوقات وبأشكال هندسية
دمشق:
تنتشر صناعة الفطائر والمناقيش في معظم أحياء وأسواق دمشق الراقية منها والشعبية حتى باتت تنافس محلات بيع الفلافل، ويعتبر الدمشقيون ان الحي او الشارع الذي لا يوجد فيه محل وفرن أو أكثر من محل لتحضير المناقيش والفطائر ولتحضير الفلافل شارع حظ ساكنيه قليل، حيث عليهم التوجه لشوارع أخرى لشراء الفطائر. وتعلق الدمشقيون بالفطائر خاصة في السنوات العشر الأخيرة جعل محضريها يتفننون بتصنيع أنواع كثيرة منها وبأشكال مختلفة منها ما هو على شكل مثلث أو مربع أو دائرة وأشكال هندسية مختلفة أو أن تكون محشوة ومنتفخة ولكل شكل منها حشوة معينة ليميزها البائعون عن غيرها. وقال أحمد حيدر وهو صاحب محل وفرن لتحضير الفطائر والمناقيش في حي القصاع الدمشقي لـ:«الشرق الأوسط»: أصبحت الفطائر والمناقيش في أدبيات الطعام للدمشقيين وجبة لكل الأوقات والفصول فهي تؤكل بشكل أساسي على الفطور والعشاء ولكن حالياً أصبحت تقدم حتى في الغداء كما أنها تؤكل في كل الفصول، خاصة ان المواد الأولية للفطائر باتت متوفرة حتى ولو بغير فصل زراعتها وإنتاجها كالسبانخ والسلق والأعشاب، أما الأنواع التي نحضرها فقد بلغ عددها 20 نوعاً ومنها: 5 أنواع جبنة و4 أنواع لحمة وهي حلوم بلدي وقشقوان وكيري وهناك البقلة والزعتر والزيتون والمرتديلا والشيش طاووق وسجق سبانخ ونسمي بعض الفطائر التي تضم أكثر من مادة غذائية تسميات محلية ومنها مثلاً السنفورة وهي عبارة عن فطيرة من جبن القشقوان والمايونيز والزيتون وهناك مرتديلا مع القشقوان أو زيتون مع القشقوان وما يميز المناقيش الدمشقية ويعطيها خصوصية عدة أمور منها الطعم والمنظر، حيث لكل فطيرة شكل مميز لها كما يضاف لبعضها السمسم وخاصة لفطائر الجبنة، ويضيف أحمد: «نحضر العجين في محلاتنا حيث لكل نوع شكل خاص من العجين المقطع وهذا يحتاج لمختص إذ ان عملية إعداد العجين من الدقيق تحتاج لخبرة ومهارة حتى لا ينتج عجين محمض فتنتزع كل العجنة ونضطر لتبديلها والبعض من العاملين في تحضير الفطائر يحضرون قطعة العجين بشكل كبير حتى تنتج فطيرة كبيرة ويبررون ذلك بأن بعض الزبائن يريدها (شبّيعية) أي تغنيه عن تناول أي وجبة ثانية غير الفطائر.
بائع فطائر آخر في سوق الصالحية الدمشقي قال: من أشهر وأقدم الفطائر الدمشقية هناك (المحمرة) والبعض يطلق عليها اسم (فطائر الفقير) حيث تحضر من مادتين بسيطتين ورخيصتي الثمن وهما: البصل ودبس البندورة (عجينة الطماطم) ويضيف لها البعض الشطة حتى تصبح حادة الطعم، ويقال إن من ابتكرها في دمشق كان قصده أن تكون بديلة لفطائر اللحمة والتي لم يعرف الدمشقيون غيرها قبل عشرات السنين وكان الفقراء لا يستطيعون شراءها أو الطلب من الفران تحضيرها بسبب غلاء لحم الغنم، ولذلك كانت فطائر اللحمة حكراً على الأغنياء وأصبحت فيما بعد المحمرة فطيرة الفقير، ولكن من المفارقات أن الأغنياء استحبوا المحمرة أكثر من اللحمة فأصبحت مطلوبة من الجميع وهي بالفعل لذيذة الطعم ولا تسبب زيادة في وزن من يتناولها، بل انها مفيدة صحياً بينما اللحمة تسبب الشحوم والكولسترول في حال تم تناولها بكثرة.
من الأمور التي انتبه لها بعض باعة الفطائر بدمشق أن هناك الكثير من الزبائن يفضل تناولها فوراً ولا يرغب بأخذها إلى المنزل أو أنه قادم من مدن أخرى ويريد تناول وجبة سريعة ولا يرغب بتناول الساندويتش أو البيتزا والهامبرغر وإنما يريد تناول الفطائر فابتكروا طريقة تناول كالوجبات السريعة حيث وضعوا أمام محلاتهم كراسي صغيرة أو مقاعد بسيطة من الرخام تكون ملحقة بالمحل بحيث يجلس عليها الزبون ويأكل فطائر الجبنة أو الزيتون وغيرها ولم ينس هؤلاء تقديم الشاي معها من خلال كؤوس تستخدم لمرة واحدة حيث لا يوجد في محلاتهم أماكن لتنظيف الكاسات، ولذلك يقدر الزبون ذلك ويشرب بكأس بسيطة ويرميها في سلة المهملات، وهؤلاء بعكس باعة الوجبات السريعة الذين يبيعون مع الساندويتش الكولا وغيرها من المشروبات الباردة، هؤلاء يبيعون فقط الشاي ويبررون ذلك بأن الفطائر لا يمكن تناولها مع الكولا مثلاً وإنما مع مشروب ساخن وتحديداً الشاي.
تعليقات: