ما جرى سيؤدي إلى زيادة منسوب الهجوم الداخلي والخارجي على حزب الله (المدن)
تتقدّم حادثة الاعتداء على قوات اليونيفيل في جنوب لبنان على ما عداها من الأخبار. الحدث أخطر مما يمكن أن يتوقع البعض. وبالتأكيد له أهداف بعيدة المدى ومتعددة، وإن كانت تنطوي على سياق تخريبي، للإشارة إلى أن هناك من يسعى إلى العبث أكثر على الساحة الداخلية. وصل الأمر إلى حدود قتل جنود تابعين لقوات الطوارئ. وهي المرّة الأولى التي تصل إلى هذه الحدود منذ سنوات طويلة، تعود إلى العام 2007، بعيد تسلّم اليونيفيل لمهامها الجديدة بموجب القرار 1701، عندما حصل تفجير استهدف إحدى الدوريات على جسر الأولي على مدخل صيدا الشمالي.
في ذروة التأزم
يأتي الإعتداء على اليونيفيل في ذروة التأزم السياسي على الساحة اللبنانية، وفي ظل الفراغ الرئاسي، ومطالبات جهات عديدة بضرورة الذهاب إلى عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان لحلّ الأزمة. بلا شك أن الهجوم على قوات الأمم المتحدة يعطي صورة سيئة حول الوضع في البلاد. وهو لا يهدف إلى ضرب مقومات الاستقرار في المجتمع اللبناني فقط، إنما إعطاء صورة بأن ثمة فلتاناً قابل للتدهور إلى انفجارات متعددة. وهو ما سيؤدي إلى رفع الصوت أكثر للمطالبة بتدويل الأزمة.
يأتي مصطلح تدويل الأزمة على ألسنة العديد من المسؤولين السياسيين، وكان آخرها بيان المطارنة الموارنة، بالإضافة إلى مواقف لكتل نيابية رفضت المشاركة في الحوار، بعدما كانت قد أوحت بالاستعداد للمشاركة به، إلا أنها عدلت عن ذلك، بعد تلقيها إشارات بأن التواصل الدولي شارف على احتمال الوصول إلى صيغة تضع الملف اللبناني على المشرحة الدولية. وهو أيضاً موقف تكرر على لسان عدد من النواب جلال الجلسة العاشرة لانتخاب الرئيس. إذ عبّروا عن أن الحوار الذي يحصل على الصعيد الخارجي بين عدد من العواصم قد يؤدي إلى حلّ وإلى تسوية، وهذا ما لن يؤدي إليه الحوار الداخلي.
رياح متعددة
مما لا شك فيه أيضاً، أن هذه الحادثة ستفتح الأبواب اللبنانية على مصادر رياح متعددة، ليس أقلها زيادة منسوب التوتر في الداخل بين حزب الله وخصومه. علماً أن الحزب قد سارع إلى نفي أي علاقة له في هذا الأمر. وهذا بحدّ ذاته ينم عن موقف سياسي يرفض فيه الحزب أن يكون صاحب أي دور أو علاقة أو صلة بتسعير الوضع الأمني على الساحة الداخلية، أو مع قوات الطوارئ الدولية، خصوصاً أن ما جرى يأتي بعد إنجاز ملف ترسيم الحدود، واعتبار أن ثمة استقراراً أصبح متوفراً في جنوب لبنان.
في المقابل، هناك من يسعى إلى ربط ما جرى بالكثير من التطورات في الخارج، من التصعيد الإسرائيلي ضد لبنان وسوريا وإيران، إلى زيادة الضغوط الأميركية الإسرائيلية منذ سنوات لأجل توسيع صلاحيات عمل اليونيفيل، ومنع أي حركة لنقل الأسلحة من قبل الحزب، وبالتالي يراد إعطاء طابع، أو خلق مناخات لتخريب الوضع في الجنوب، ومن خلاله إرسال رسائل إلى خارج الحدود وبأبعاد دولية، خصوصاً في ظل المواقف الفرنسية المناهضة لإيران والآخذة بالتشدد ضد النظام الإيراني، علماً أن باريس كانت من أكثر الحريصين على تجديد مهلة عمل قوات اليونيفيل في لبنان.
الحزب يتبرأ
وعليه، فبالنسبة إلى البعض، لا يمكن فصل ما جرى عن كل التصعيد السابق الذي حاولت جهات متعددة دولية بالضغط في سبيل توسيع صلاحيات قوات الطوارئ الدولية، وتعزيزها بالمزيد من الآليات العسكرية والأجهزة الحساسة المتقدمة، لرصد أي حركة لعمليات نقل الأسلحة.
وهو أمر بالتأكيد كان حزب الله يرفضه، فيما أعلن رفضه المباشر لحادثة الاعتداء وبرّأ نفسه منها. إلا أن ما جرى سيؤدي إلى زيادة منسوب الهجوم الداخلي والخارجي على الحزب. أما على صعيد التفاصيل اللبنانية الداخلية، فإن هناك من يعتبر أن هذا الاعتداء سيصيب استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية بضربة قوية، من خلال العملية، لتبدو وكأنها نوع من الاستهداف غير المباشر للجيش اللبناني.
تعليقات: