بلغت نسبة الخردة المصدّرة من المرفأ نحو 71 بالمئة من مجمل صادراته
يقول مصدر مقرب من ادارة المرفأ:" حتى الآن تم تنفيذ نحو ١٨ بالماية من اعمال المرفأ، من أصل ١٤٠٠م من الأرصفة تم تنفيذ ٢٧٥م فقط. لا توجد تصوينة او سور لحمايته، والقوى الأمنية تقف من دون اي ساتر او خيمة للحماية، ولا توجد انارة ولا شبكة كهربائية والمباني لم تكتمل حتى اللحظة، واهم انجاز تحقق خلال العامين الماضيين تركيب آلة للكشف الإلكتروني للمواد المصدرة والمستوردة". ويحمّل مسؤولية كل هذا للانهيار الاقتصادي والمالي الذي يشهده البلد.
سيرة المرفأ ومسيرته
في ايار٢٠٢١ تم ضبط محاولة تهريب كمية من حشيشة الكيف عبر احدى البواخر المتوجهة من مرفأ صيدا الى مصر.
لم تثرهذه العملية استغراب الناشطين في المدينة، ويومها علق احدهم:" لا معلومات لديّ، وليست هذه وظيفتي، انها مهمة الأجهزة الأمنية المعنية، ولكن واقع حال مرفأ صيدا الحالي وغياب الشروط اللوجستية والامنية تسمح للمهربين باستخدام هذا المرفا للتهريب بعد تحوله الى مرفأ لشحن الخردة بشكل اساسي، وخصوصا بطريقة كبس الخردة وعدم وجود الة للكشف الالكتروني".
وعلق مصدر له علاقة بالمرفا يومها :" الامر الذي حصل عادي جدا، لقد عقد اجتماع يوم ٣٠ آذار ٢٠٢١ ضم المدير العام للنقل البري والبحري في وزارة الأشغال بالوكالة احمد تامر ورئيس بلدية صيدا محمد السعودي ومسؤولي الأجهزة الامنية. يومها طلب مسؤولو الأجهزة الأمنية وقف العمل في مرفأ صيدا الى حين تأمين الاجهزة اللوجستية والتقنية لضبط الوضع في المرفا المذكور وكي لا تحصل اي حادثة غير قانونية، وذلك اثر الانفجار الكبير الذي حصل في الرابع من أب ٢٠٢٠ في مرفأ بيروت، لكن قوى سياسية وادارية رفضت طلب الأجهزة الأمنية ووعدت بتأمين المطلوب قبل ٣٠ حزيران ٢٠٢١.
مرفأ للخردة والتهريب!
ويبدو ان نوع الاختصاص الذي كان يقوم به المرفأ ساعد على استخدامه كممر للتهريب، اذ كانت الخردة هي المادة الاساسية في عمله.
فان كمية البضائع الصادرة والواردة من المرفا واليه بلغت ٢٩٤،١٦٩ طن عام ٢٠٢٠، وأن نسبة الخردة المصدرة بلغت ٧١ بالمية منها.
وان وزن الخردة التي تم تصديرها في العام المذكور بلغ ٢٠٩،٣٣٩ طن من أصل كامل الكميات المصدرة والمستوردة.
وان عدد السفن التي تم تحميلها بالخردة بلغ ٧٦ سفينة من أصل ١١٦ سفينة تم استقبالها في المرفا خلال عام ٢٠٢٠.
من جهة اخرى فان حركة عمل القبان الجسري في مرفأ صيدا خلال العام ٢٠٢٠، شهدت ١٨٧٥٢ "تقبينة"، منها ١٦٨٨٧ تقبينة للخردة اي ما نسبته ٩٠ بالمية من عدد بطاقات الوزن اي التقبينة.
وفي مقارنة لتطور حجم تصدير الخردة، فقد بلغت نسبة الخردة ٤٩ بالمية من حركة المرفا التي بلغت ٢٦٢،٤٢٥ طن عام ٢٠١٧، وارتفعت الى نسبة ٥٣ بالمية من أصل ٢٨٨،٩٢٨طن عام ٢٠١٨. وفي عام ٢٠١٩ بلغت نسبة الخردة ٤٧ بالمية من أصل ٢٤١،٩٧٠ طن. وحلقت النسبة الى ٧١ بالمية من أصل كمية ٢٩٤،١٦٩ طن خلال العام ٢٠٢٠.
هذه الأرقام الماخوذة من وزارة الأشغال العامة، الا تثير الرغبة في معرفة الاسباب التي حولت مرفأ صيدا الى مرفأ لتصدير الخردة؟
احد العاملين في المرفا يعيد السبب الى تدني الرسوم التي تتقاضها مصلحة استثمار مرفأ صيدا عند تصدير الخردة.
لكن احد الناشطين يعتقد ان ضعف المراقبة وغياب الأجهزة الكاشفة جعلت من المرفا المذكور وسيلة لإخراج المواد الممنوعة من خلاله ، على الرغم من الأحلام الوردية التي يحاول البعض تخيلها حول مرفأ صيدا ودوره وإمكانية الاستفادة منه لتنمية وتطوير مدينة صيدا.
عودة إلى الوراء
من المهم العودة قليلا الى الذاكرة. يوم الخميس ٢٨ شباط ٢٠١٩ وقفت النائبة بهية الحريري في قاعة مصباح البزري، وقالت: هل هناك من يتجرأ ويرفض او ينتقد وجود مرفأ في صيدا؟ وكانت تقصد المرفأ الجديد، وذلك خلال لقاء دعا اليه تجمع "علّ صوتك" لنقاش الخيارات الممكنة لاستخدام الأرض ما بين المرفأ ومعمل معالجة النفايات.
فما هو هذا المرفأ الذي لا يجوز نقده او اظهار عيوبه وغياب اي دور له في تنمية المدينة؟
منذ فترة طويلة والعمل متوقف به لان المتعهد لا يريد إكمال العمل بسبب تدهور الليرة اللبنانية. يومها قال رئيس البلدية المهندس محمد السعودي:" العمل بالمرفأ متوقف لان المتعهد داني خوري لا يريد الاكمال بسبب الانهيار المالي، وهو اخذ الالتزام من المتعهد الاساس وهو جهاد العرب".
وكيف يمكن اكمال اعمال المرفأ؟ اجاب السعودي:" لا خيارات لنا سوى اللجوء الى سياسة.B.O.T . من يريد بناء إهراءات للقمح يمكنه المساهمة في إكمال جزء من المرفأ لقاء استثمار لفترة يتفق عليها. علينا اكماله كي يبقى المرفا القديم للصيادين فحسب".
وحسب السعودي، فان طول الرصيف حاليا ١٤٠٠ متر والعمق الملاصق له يبلغ ١٠ أمتار.
اذا كان هذا هو مرفأ تجاري، فاين المرفأ السياحي؟
اجاب يومها:" انه على الطرف الآخر الملاصق للطريق وهو قسم ذو عمق قليل".
ولا تستفيد بلدية صيدا ماليا من المرفأ اذ لا تتقاضى اي رسوم عن حركته التجارية.
وراى السعودي ان وجود المرفا بمكانه الحالي لا يشكل اي ضرر معماري، بل يساعد على تأمين فرص عمل، ومجيء اشخاص من مناطق اخرى الى صيدا.
ويمكن تحويله الى مرفأ تخصصي اذا بني بقربه اهراءات واذا بنيت منشآت نفطية.
ماذا عن حركة المرفأين حاليا؟
استقبل مرفأ صيدا ١٢٦ سفينة في العام ٢٠١٧، كما استقبل ١٣٢ سفينة في العام ٢٠١٨، وانخفض العدد الى ١٠٣ سفن في العام ٢٠١٩، ليعود ويرتفع الى ١١٦ سفينة في العام ٢٠٢٠.
خلال العام الماضي ٧١ بالمية من كمية البضائع الصادرة والواردة كانت خردة للتصدير، و٢٩ بالمية من الكمية هي مواد مستوردة من حديد البناء، صخور ورخام، زفت سائل واليات ومعدات.
دور بلا أفق!
هذه المعلومات تؤشر الى حدود الدور الذي يلعبه المرفأ حاليا، ويبدو ان لا أفق له. ويعمل في المرفأ سبع وكالات بحرية، تستأثر وكالتان منها ب٩١ بالمية من عدد السفن. والوكالتان هما: وكالة صيدا للملاحة لصاحبها محمد بشاشة، والشركة المتحدة للخدمات البحرية لصاحبها خالد الترياقي.
وخلال العام ٢٠٢٠ استقبل المرفأ الجديد ٩٦ سفينة، واستقبل المرفا القديم ١٢ سفينة، فيما تنقلت ثماني سفن بين المرفأين، مرفأ الصيادين والمرفأ الجديد.
في مرفأ الصيادين المستخدم حاليا، قسمان: قسم الصيادين وتشرف عليه رئاسة مرفأ صيدا بمسؤولية ميريام سليمان.
والقسم الخارجي اي السفن التجارية وتشرف عليه مصلحة استثمار مرفأ صيدا بمسؤولية رائف فواز بصفته رئيس مصلحة الاستثمار بالتكليف.
وهناك خلاف وظيفي بين رئاسة مرفأ صيدا ومصلحة الاستثمار لان جزءا من عمل رئاسة المرفأ يتعلق باعطاء اذن دخول للسفن التجارية وخروجها.
يعلق احد المهندسين بالقول:"بني المرفأ بدون مخطط توجيهي، ولا دراسة للاثر البيئي، ولا دراسة للجدوى الاقتصادية".
فساد ومحسوبيات
ولكن هل الأفق مفتوح امامه؟
حتما لا أفق أمامه اذ لا مواصفات عالمية يتحلى بها.
اذا كانت حدود أهميته انه بديل عن المرفأ القديم ويقوم بحدود ما يقوم به القديم، فلا بأس بذلك.
ولكن هل يتخيل احد ان يكون السنسول والرصيف على جهة واحدة من المرفأ؟
انه مرفأ لا يستطيع استقبال مستوعبات باعداد كبيرة لانه غير مجهز لذلك، ولا مكان لتخزينها.
عشر سنوات ومازال قيد الانشاء، عام ٢٠١٦ كان طول السنسول ١٥٠ مترا والان ٢٧٠ مترا، انه إنجاز باهر!
من جهة اخرى انه غير مجهز أمنيا ولا لوجستيا ولا خدماتيا، لذلك لا يمكن تشغيله بطريقة قانونية وصحيحة".
تقول المعلومات، عندما كان عبد الحفيظ القيسي مديرا عاما للنقل ويقوم مقام رئيس مصلحة استثمار مرفأ صيدا اتخذ قرارا بتشغيله، على الرغم من موقف الأجهزة الأمنية برفض تشغيله لنقص في امكانات الضبط الأمني واللوجستي.
لكن كان هناك قرار سياسي بتشغيله اذ أن النائبة بهية الحريري وعدتهم بتأمين التجهيزات اللازمة خلال اشهر.
وبعد انفجار بيروت الكبير وتعيين احمد تامر مديرا عاما بالتكليف بديلا عن القيسي، رأى تامر ضرورة اقفال المرفأ بناء على طلب الأجهزة الأمنية لكن النائبة الحريري أصرت على استمرار العمل وان متابعة التجهيزات تسير الى الامام.
اما بوابة المرفأ فقد دفع تكاليفها الوكيل البحري محمد بشاشة، والتصوينة الصغيرة دفع كلفتها شخص من ال البيطار.
احد الناشطين يقول :" انهم يبيعوننا اوهاما، يقولون انه مرفأ تجاري وسياحي، ومن يفهم بالمرافىء يعرف انه لا يمكن ان يكون في موقعه ووضعه الحالي مرفأ تجاريا. انه مرفأ ينخره الفساد، ولا وجود لمجلس ادارة يدير شؤونه".
ويتابع:"هل يذكر المواطنون وليد البعاصيري، اين هو؟ وماذا حصل معه؟ وكيف تبخرت اموال المرفأ انذاك؟ واين صارت قرارات المجلس التأديبي؟ وخصوصا قرار رقم ٩/ ٢٠١٧.
وما هي شروط وجود مرفأ فعلي يتلاءم مع المدينة؟
يقول احد الناشطين:"عند إثارة اي موضوع له علاقة بمستقبل مدينة صيدا وتطورها وإمكانية وضع خطة تنموية مستدامة، يقفز الى المقدمة موضوع الواجهة البحرية بصفتها المنطقة التي تختزن عوامل التنمية والتطوير للمدينة اذا عرف المجتمع الصيداوي بجميع مكوناته كيف يخطط ويستثمر بطريقة صحيحة".
يشير مهندسون لهم علاقة بالتنظيم المديني، الى ان انشاء مرفأ على الشاطىء الصيداوي، يعني ان يكون ان يكون جزءا من رؤية عامة وخطة استراتيجية للوجهة التنموية التي تحتاج اليها المدينة، اي لا يمكن إسقاط مرفأ ما على مكان ما لا يكون ضمن لوحة شاملة للمدينة.
في ٢١ ايار ٢٠١٨، صدر مرسوم حمل رقم ٣٠٩٣، سمح لبلدية صيدا باستثمار مساحة من الأرض المردومة تبلغ 505 الاف متر مربع، شرط وضع مخطط توجيهي لها. وهذا ما لم يحصل منذ خمس سنوات، اذ اكتفت البلدية وعند انتهاء الفترة الزمنية التي نص عليها المرسوم ( اخر شهر شباط ٢٠١٩) الى تقديم خارطة اولية لوزارة الاشغال، تتضمن اربع مناطق، وبدون أي توضيح للمبررات التي قضت بتقسيم المنطقة الى هذه الاجزاء، يومها قال رئيس البلدية محمد السعودي بأنها خارطة اولية كي لا نخسر الاستثمار على ان نكمل العمل.
أسئلة للنقاش
لم يجر حينها نقاش وجهة استخدام المرفأ الجديد، هل هو مرفأ تجاري؟ ام سياحي؟ أم الاثنين معا؟ وهل تتوفر فيه الشروط المطلوبة للوظيفة المنوطة به؟
هذا النقاش لا يستقيم كما يرى العديد من الناشطين الا بعد الاجابة على سؤال اساسي: اي مدينة نريد؟ هل نريد صيدا مدينة خدمات ؟ أم مدينة انتاجية؟ هل نريدها مدينة تجارية وتخزين واهراءات للقمح كما بدأ الترويج له حاليا؟
أم نريدها مدينة تحتضن منشآت لتخزين النفط والغاز وخصوصا بعد ان توصلت السلطة الى اتفاق على ترسيم الحدود البحرية ؟
ام مدينة سياحية تستفيد من الموقع والتاريخ والآثار وتؤمن الشروط اللازمة لذلك؟
كلها اسئلة بحاجة الى نقاش موضوعي ومن خلال ذلك يمكن التوصل الى وعي مشترك للمرفأ وحدود الدور الذي توفره الخطة الاستراتيجية للمدينة.
التجربة خلال السنوات الماضية أظهرت انه من العبث انشاء مرفأ لمدينة ذات ساحل صغير وفق قواعد الشركات الكبرى ومصالحها وخصوصا التصاقه بالبلد القديمة التي تشكل الكنز الكبير للمدينة، وتشكل الأرضية الاساسية لاستثمار دور المدينة بصورة ناجحة.
وهناك نقطة اخرى للنقاش هل المدينة وإمكانياتها تكون في خدمة مخططات الشركات الكبرى المرتبطة بمصالح الاطراف السياسية القوية، ام يكون دورها وفقا لحاجات الاهالي الفعلية ومنسجمة مع البنى الاجتماعية لاهالي للمدينة؟
وحتى اللحظة لا يعرف احد صلة المرفأ بالسلطات المحلية، وخصوصا في غياب مجلس إدارة له، وانتشار سياسة الهدر والفساد وغياب الإطار الإداري القانوني طوال الفترة الماضية والتي يبدو أنها مستمرة حتى اللحظة الراهنة.
واذا بقي المرفأ كما هو وكما يريد اصحاب السلطة، كيف يمكن التخفيف من الأضرار التي تصيب المدينة من تلوث بيئي للهواء ولمياه البحر وتلوث صوتي بسبب الضجيج المتاتي من الآليات والشاحنات.
وهل المرفأ سيكون في خدمة اهالي المدينة أم العكس؟
الى ان يتم نقاش كل هذه النقاط والتوصل الى خطة واضحة تنموية للمدينة سيبقى اختصاص المرفأ استيراد الخردة وتصديرها.
تعليقات: