حزب الله جاهز لإنجاز تسوية بالارتكاز على تقاطعات إقليمية ودولية (Getty)
الأربعاء 2022/12/21
التوتر جنوباً: حزب الله يسعى لتصحيح "معادلة الاستقرار"
increase
حجم الخط
decrease
مشاركة عبر
يتصاعد التوتر بين حزب الله والعدو الإسرائيلي. استأنف الإسرائيليون مؤخراً عملياتهم العسكرية في سوريا. تجددت الغارات على وقع التهديدات التي يستمر بنيامين نتنياهو بإطلاقها. فكانت عملية القنيطرة قبل حوالى أسبوعين، وتم فيها استهداف موقع أساسي للإيرانيين ولحزب الله. تزامن ذلك مع تهديدات من قبل نتنياهو لإيران التي تستمر في رفع نسبة تخصيب اليورانيوم.
فيما بعد جاء تصريح رئيس الأركان الإسرائيلي، أفيف كوخافي، حول نجاح طهران بتهريب الأسلحة لصالح حزب الله في لبنان. حصل ذلك في وقت أشارت تسريبات إسرائيلية إلى استخدام مطار بيروت لتهريب الأسلحة من قبل الإيرانيين. وهو أمر تم نفيه من قبل رئيس الحكومة اللبنانية، وزير الداخلية، والمؤسسة العسكرية بعد إجرائها التحقيقات اللازمة. لكن كل هذه الأجواء التي يتم تسريبها إسرائيلياً تبدو وكأنها تهدف إلى التوتير.
ضربات جديدة
استمرت الأحداث والتطورات في الجنوب. إذ جاء الاعتداء على قوات اليونيفيل، وبعدها الإشكال بين أهالي بلدة رميش وحزب الله، على خلفية سيطرة عناصر من الحزب على مساحات حرجية تابعة للبلدة، وذلك لأهداف عسكرية وأمنية، تتعلق بزراعة أنواع من الأشجار التي يمكنها حجب الرؤية عن الإسرائيليين.
بعدها حصلت ضربات جديدة على محيط العاصمة دمشق، وتحديداً في محيط السيدة زينب. اذ استهدف الإسرائيليون موقعاً لحزب الله أيضاً. بينما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الاستهداف أدى إلى مقتل 3 عناصر يعملون مع الحزب، وهم غير سوريين، ولم تتحدد جنسية القتلى. وهنا لا بد من التذكير بتهديدات حزب الله بأنه في حال سقط له ضحايا في سوريا بقصف إسرائيلي فإنه سيردّ على الإسرائيليين، وأنه ملزم بحق الرد. وهذه المعادلة بالتحديد تنطبق على عناصر الحزب اللبنانيين.
وتيرة متصاعدة
غداة الغارات، أعلن الجيش الإسرائيلي عن إسقاط طائرة مسيّرة لحزب الله، في منطقة زرعيت. وهذه إشارة إلى النشاط المستمر الذي يقوم به حزب الله جنوباً، لتبدو الأمور وكأنها تتصاعد وتيرتها، ولكن ليس بالضرورة أن تقود إلى صدام، إنما إلى إعادة رسم قواعد اشتباك جديدة.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه التحركات والتوترات تحصل للمرة الأولى بهذا الشكل والوتيرة بعد إنجاز ملف ترسيم الحدود البحرية. علماً أن هذا الاتفاق على الترسيم أعطى انطباعاً بجعل المنطقة آمنة ومستقرة، طالما أن هناك جهات إقليمية ودولية ضامنة له. ولكن حتى الآن يحاول الإسرائيليون الاستفادة من هذا الاتفاق بما يتعلق بالاستقرار، ولكن في المقابل يستمرون بالقيام بعملياتهم. وهذا الأمر لا يمكن أن يكون مقبولاً لدى الحزب، الذي ربما لجأ إلى بعض الخطوات المتضمنة لإشارات الاستعداد لأي مواجهة أو صدام، وإن لم يكن يرغب بهما. خطوة إطلاق الطائرة المسيرة تندرج في هذا السياق، على قاعدة أن الحزب لن يرضى بتغيير قواعد اللعبة، وأنه لا يمكنه ترك الإسرائيليين يستثمرون في مسألة الاستقرار بمفعول اتفاق الترسيم فيما هذا الاستقرار لا ينطبق عليه.
خلاصة واضحة
أبعد من ذلك، فإن التصعيد الغربي-الإيراني له صداه في جنوب لبنان أيضاً. ولهذا الصدى سياق سياسي، لا بد من قراءته من تصريحات وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الذي يبدي استعداداً للعودة إلى إحياء مفاوضات الاتفاق النووي من جهة، وتجديد الحوار الثنائي الإيراني السعودي من جهة أخرى.
كذلك لا ينفصل ذلك عن كلام السفير الإيراني في بيروت قبل أيام، حين أشار إلى إمكانية عقد لقاء إيراني سعودي في قمة عمان، وسط مساع فرنسية لجمع الطرفين، والبحث في الملف اللبناني.
قد يقود ذلك إلى خلاصة سياسية واضحة بأن حزب الله الذي نجح في إنجاز إتفاق الترسيم لن يقبل باستمرار الإسرائيليين بحركتهم المعتادة، ولا بتكريسهم لقواعد جديدة للعبة. ولكن من دون إسقاط المبدأ الأساسي، وهو أن الحزب جاهز لحصول توافق في لبنان، وإنجاز تسوية بالارتكاز على تقاطعات إقليمية ودولية. وهذا ما أثبته سابقاً في الترسيم، وفي تعاطيه مع الاعتداء على اليونيفيل. إذ يسعى إلى الإشارة إلى أن لا مشكلة مباشرة لديه مع قوات الطوارئ، ربطاً بزيارة التعزية أو بالتواصل الذي حصل مع قيادة اليونيفيل. وهو ما يرتبط أيضاً بتصريحات مسؤولي الحزب عن الحاجة إلى التوافق حول الاستحقاق الرئاسي وغيره من الاستحقاقات.
تعليقات: