لقاء تضامني لفعاليات بقاعية مع المهندس المتقاعد حيدر عثمان في منزله في بعلبك
لن يمر الاعتداء الذي حصل على المهندس المتقاعد حيدر عثمان، الذي تعرض لجرح بالقرب من عينه من زميله أمين صندوق المتقاعدين ريمون خوري، مرور الكرام في نقابة المهندسين. فرغم أن خوري نجح على لائحة "النقابة تنتفض"، في انتخابات نقابة المهندسين السابقة، إلا أن أول الذين أدانوا فعلته هم مهندسون في مجلس المندوبين انتخبوا على لائحة "النقابة تنتفض".
محاسبة المرتكب
ووفق مصادر "المدن" وقع أكثر من ستين مندوباً كتاباً سيرفع إلى مجلس النقابة لاتخاذ قرارات بحق خوري، لأن التصرف الذي قام به، كما أظهر شريط الفيديو للحادثة التي حصلت يوم أمس، معيباً بحق زميل له، مهما كانت المبررات. فرغم أن الخلافات بين المجموعات السياسية التي شكلت لائحة "النقابة تنتفض" كبيرة داخل نقابة المهندسين، بما يتعلق بالملفات الكثيرة على طاولة مجلس النقابة، إلا أن هناك توجهاً بين العديد من المندوبين بعدم ترك هذه الحادثة تمر مرور الكرام، تقول المصادر وتشدد على أن من يخطأ يجب أن يحاسب ويجب عدم إدارة النقابة بعقلية أحزاب السلطة، التي كانت تحل المشاكل بـ"الطمطمة" والتعتم وقبيل اللحى.
ضربه بالهاتف على عينه
وفي التفاصيل، شهدت نقابة المهندسين خلافاً بين بعض المتقاعدين الذين يطالبون بتحسين رواتبهم مع أمين صندوق المتقاعدين ريمون خوري، بعدما تجمعوا في مكتبه. فأقدم الأخير على خطوات استفزازية من خلال تجاهلهم. وعندما علا صراخهم، لم يضبط خوري أعصابه وضرب المهندس المتقاعد حيدر عثمان بهاتفه، ما أدى إلى جرح قرب عينه.
منذ مدة يقوم المهندسون المتقاعدون بالاعتصام أمام النقابة في بيروت للمطالبة بتحسين رواتبهم. واعتصموا يوم أمس أمام مقر النقابة وأقفلوا أبوابها. لكن تحركهم فشل بعد تأمين مدخل رديف إلى النقابة. وتوجه وفد منهم إلى مكتب خوري وحصل الخلاف. فتدخل نقيب المهندسين عارف ياسين للملمة الحادثة، لكن الفيديو انتشر على جميع وسائل التواصل وشاهده جميع المهندسين.
وتداعى المندوبون إلى ضرورة اتخاذ خطوات بشأن هذا الحادث، خصوصاً أن النقابة شهدت خلافات مماثلة الشهر الفائت، وأقدم بعض المهندسين على شتم بعضهم البعض في أحد الاجتماعات. وقرروا ضرورة تفعيل المجلس التأديبي وعدم لفلفة الموضوع. لذا وقع أكثر من ستين مهندساً كتاباً سيرفع إلى مجلس النقابة مطالبين بتعليق عمل خوري وإجراء تحقيق بالحادثة وإحالته إلى المجلس التأديبي.
لا أصوات لهم
ووفق مصادر النقابة، رغم أن صندوق المتقاعدين يعتبر "أغنى" صناديق النقابة لأن جميع الأملاك توضع باسمه، إلا أن الانهيار المالي في البلد واحتجاز المصارف لأموال النقابة، وعدم وجود خطة لاستثمار أملاك النقابة، أفضت إلى عجز الصندوق عن تأمين مطالب المتقاعدين.
في السابق كان راتب المتقاعد نحو 900 دولار بالشهر، وبات أقل من سبعين دولاراً بسبب ارتفاع سعر الصرف. فرغم تحسين راتبهم باتوا يحصلون على مليوني ونصف بالشهر. وباتوا يشعرون أن لا أحد يبالي بهم لأنه بعد تقاعدهم يخرجون من جدول النقابة، أي لا صوت لهم في الانتخابات.
وتشرح المصادر أنه جرت محاولات سابقة لتحسين الرواتب لكنها باءت بالفشل. فقد رفضت لجنة مراقبة صندوق التقاعد عرضاً قضى بمنح المتقاعد مئة دولار نقداً ومليوني ليرة شهرياً، خوفاً من إفلاس الصندوق سريعاً. لكن وصل المتقاعدون إلى حال لم يعودوا معه قادرين على العيش بأقل من ستين دولاراً بالشهر، خصوصاً أن العديد منهم يعيشون على راتب التقاعد فحسب.
وتضيف المصادر أن تحميل المتقاعدين المسؤولية إلى مجلس النقابة كلام باطل. فالصندوق مستقل ولا يمكن المجلس التدخل في شؤونه، وهو يدار من لجنة تضم النقيب الحالي ونقيبين سابقين. وقد عمل مجلس النقابة على خرق النظام الداخلي للنقابة، لدفع سلفة راتب إضافي لكل متقاعد من دون العودة إلى مجلس المندوبين، نظراً للظروف الإنسانية التي يعيشها المتقاعد. لكن لا حلول في الوقت الحالي قبل إقرار الموازنة الجديدة، والتي من المفترض أن تلحظ رفع رواتب المتقاعدين وتأمين الأموال اللازمة لصندوق التقاعد، سواء من خلال رفع الاشتراكات لتخصيصها للصندوق أو من خلال دعمه من الصناديق الأخرى في النقابة.
فساد أحزاب النقابة
ورث مجلس النقابة الذي فازت به لائحة "النقابة تنتفض" تركة الأحزاب التي عاثت في النقابة فساداً. فالأخيرة كانت بمثابة "الدجاجة التي تبيض ذهباً" للأحزاب. فهي من أغنى النقابات في لبنان سواء من الرسوم التي تحصل عليها على الانشاءات أو من الاشتراكات الشهرية للمهندسين. لكنها تعاني من توظيفات عشوائية. ففي السابق كان هناك مهندسون موظفين لا دور لهم في النقابة، بل تم توظيفهم كمجرد تنفيعات حزبية. هذا فضلاً عن أن المصارف تحتجز نحو 500 مليون دولار (نصفها بالدولار) من أموال النقابة، لم يحسن مجلس النقابة التفاوض مع المصارف لفك أسرها. وأتى الانهيار المالي في البلد وباتت الرسوم والاشتراكات بالكاد تكفي تسديد فاتورة التأمين الصحي لأكثر من مئة ألف مهندس، مع عائلاتهم.
إلى هذه المشاكل المالية، يعاني مجلس النقابة من الخلافات بين المجموعات التي شكلت لائحة "النقابة تنتفض". وتشرح المصادر أن هدف تكتلات مجموعات الثورة كان مجرد اكتساح مجلس النقابة لكن من دون رؤية ولا برنامج عمل موحد. في وقت تعتبر نقابة المهندسين مؤسسة منخورة بالفساد الحزبي وكل مفاصلها ممسوكة من الأحزاب. وأسوة بمجموعات "التغيير" التي تلقت السهام وفقدت ثقة الناخبين، فقدت "النقابة تنتفض" ثقة العديد من المهندسين المستقلين، جراء الخلافات بين المجموعات. ووجهت انتقادات لمجلس النقابة بأنه يتهرب من الانتخابات الدورية التي يفترض أن تطال خمسة أعضاء لتجديد المجلس.
ووفق مصادر مطلعة يفترض أن يختار المجلس بالقرعة خمسة أعضاء لانتخاب بدلاء عنهم، لأن الانتخابات السابقة شهدت انتخاب أعضاء المجلس كله. لكن لا توافق حول هذا الموضوع في مجلس النقابة لتجديد المجلس، خوفاً من الانتخابات. هذا فيما يعتبر المدافعون عن "النقابة تنتفض" أن مسألة القرعة غير قانونية وتعرض الانتخابات للطعن. فبسبب تأجيل الانتخابات قرر المجلس السابق أن يصار إلى اعتماد نظام القرعة لإنهاء عضوية خمسة أعضاء لتجديد المجلس سنوياً، كما ينص النظام الداخلي. لكن نزع عضوية عضو منتخب لثلاث سنوات، من دون التوافق معه على تقديم استقالته، يعرض الانتخابات للطعن.
المهندس المتقاعد حيدر عثمان بعد معالجته في المستشفى
تعليقات: