تحقيقات عقارية بعبدا والنافعة ترعب الزلقا.. وستصل إلى \"التربية\"

ثمة إرباك في عدلية بعبدا لناحية تشكيل الهيئة الاتهامية للنظر بملف النافعة (الأرشيف)
ثمة إرباك في عدلية بعبدا لناحية تشكيل الهيئة الاتهامية للنظر بملف النافعة (الأرشيف)


قد لا تصل التحقيقات الحاصلة منذ أكثر من شهر في ملفي النافعة وعقارية بعبدا إلى المكان الذي ينتظره اللبنانيون، بعد عقود من الفساد والسطو على جيوب المواطن. فالتدخلات السياسية كثيرة في هذين الملفين. في المقابل، عدم تسريب معلومات عن التحقيقات يشي بأن الأمور تأخذ منحى جدياً. وهذا معطوف على أن جميع الموقوفين الذين أحيلوا من المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي سامر ليشع إلى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور، صدرت بحقهم مذكرات توقيف وجاهية.


رعب في الإدارات

وبمعزل عن أي تسييس قد يحصل لهذه القضية، تلفت مصادر متابعة إلى أن التوقيفات أحدثت خضة كبيرة في مختلف إدارات الدولة. ففتح الملفات أدى إلى رعب في مختلف الإدارات وخصوصاً بين الموظفين الذين لديهم سلوكيات معينة في الإدارة. فقد وصلت الأمور إلى تحول العديد من الموظفين إلى تجّار طوابع وقناصين لـ"الزبائن" الذين يريدون إجراء أي معاملة، حتى تلك التي لا تحتاج لأكثر من ختم ولا تفرض عليها الدولة أي رسم. لكن العديد من الموظفين كانوا يؤخرون المعاملات كي يمل المواطن ويستسلم للابتزاز بدفع الرشاوى.

أقفل مكتب عقارية بعبدا للأسبوع الثالث على التوالي، بعد توقيف أكثر من 35 موظفاً وسمسار، وأكثر من 11 سمساراً وموظف تُركوا كشهود. وتفيد مصادر مطلعة بأن الملفت في ملفي النافعة والعقارية، صدور مذكرات توقيف وجاهية بحق جميع الموقوفين الذين أحيلوا إلى القاضي منصور. وكانت أخر جلسات استجواب عقد في الملفين يومي الأربعاء لعقارية بعبدا والخميس في ملف النافعة. ولم يصدر أي قرار ترك سبيل في كل الجلسات التي حصلت، والتي يفترض أن تستكمل بعد الأعياد، الأسبوع المقبل.


ينقضي الأمر بتلقي إكراميات

وفيما تعتبر مصادر في عدلية بعبدا بأن مذكرات التوقيف الوجاهية وعدم تسريب أي معلومات عن التحقيق، يشي بأن الملفات تسلك مسارها القانوني لصدور الأحكام المناسبة بحق الفاسدين، قللت مصادر مطلعة على عمل العقارية من شأن التحقيقات الجارية.

وتضيف المصادر أنه يستشف من خلال التحقيقات التي حصلت مع العديد من الموظفين ومع نحو 11 شاهداً، أن الأمور قد لا تصل إلى التوسع في التحقيقات بهذا الملف. فإلى حد الساعة لم يعترف الموظفون إلا ببعض التفاصيل المتعلقة بتلقي "إكراميات" ليس لقاء إنجاز معاملات للمواطنين، بل إن الأخيرين بادروا من تلقاء نفسهم إلى تقديم هديا للموظف الفلاني أو غيره، وبعد إنجاز المعاملة. ولم يتم ابتزاز أي مواطن لدفع رشاوى لقاء إنجازها.

وتضيف المصادر أن استمرار التحقيقات على هذا المنوال يؤدي إلى توجيه اتهامات للموظفين بالتماس إكراميات تقع ضمن مخالفة قانون الموظفين. بمعنى آخر اتخاذ إجراءات تأديبية مثل تأخير تدرجهم أو الحسم من رواتبهم وتنتهي القضية "بفركة دينة"، ويبقى الفساد الأصلي موجوداً. فالمفروض أن تطال التحقيقات التزوير والتلاعب الذي كان يحصل في تسجيل العقارات من الأساس والذي حرم الدولة من إيرادات طائلة. بمعنى الدخول إلى ملفات العقارية وأخذ عينات عن الشقق والعقارات الفارهة وكيف تم تسجيلها من خلال عقود البيع وإجراء تخمينات لها، لمعرفة كيف كانت تتم عملية التزوير والتلاعب بالقيمة التأجيرية وبالرسوم التي سجلت على أساسها. وهذا هو مكمن الفساد في كل الدوائر العقارية.


إرباك حول ملف النافعة

وتضيف مصادر "المدن" أن ثمة إرباكاً في عدلية بعبدا لناحية تشكيل الهيئة الاتهامية للنظر بقرارات قاضي التحقيق الأول منصور في ملف النافعة، بما يشي بوجود تدخلات سياسية كبيرة حول توقيف رئيسة هيئة إدارة السير هدى سلوم ورئيس مصلحة تسجيل السيارات أيمن عبد الغفور. فقد سبق ورد منصور الدفوع الشكلية وأبطل جزئياً التحقيق الذي أجرته المحامي الأول القاضية نازك الخطيب لوجود عيب بالشكل. لكنه أوقف سلوم وجاهياً معتبراً أن وقائع التحقيق معها تشكل جرماً.

وقد طلب محامو سلوم استئناف القرار لإخلاء السبيل، ويفترض أن يذهب الملف إلى الهيئة الاتهامية التي تتألف من ثلاثة قضاة. لكن يوجد عقبات وعراقيل أخرت تشكيل الهيئة إلى الأسبوع المقبل، خصوصاً أن تأجيل تشكيلها ربما مرده لعدم وجود رغبة بإخلاء السبيل عند بعض القضاة، والعكس صحيح عند البعض الآخر. وبالتالي عدم اتخاذ أي قرار بهذا الملف في الوقت الحالي، خصوصاً أن أي قرار سيتخذ (الإبقاء على التوقيف أو إخلاء السبيل) سيكون له وقع مختلف عن الآخر، ويؤدي إلى بلبلة في البلد.


وصولاً إلى وزارة التربية

وتضيف المصادر أن الكل ينتظر ماذا سيحصل مع سلوم ومع عبد الغفور. فالبلد يعيش مخاضاً سياسياً وقضائياً، خصوصاً في ظل الحديث عن فتح ملفات في إدارات أخرى بعد عطلة الأعياد. ويحكي عن اقتراب موعد فتح ملف عقارية الزلقا استتباعاً لعقارية بعبدا، لأن ملفات الفساد فيها لا تقل عن تلك المنتشرة في بعبدا. هذا فضلاً عن وجود همس في عدلية بيروت عن اقتراب فتح ملفات في وزارة التربية، ولا سيما تلك المتعلقة بالحوافز التي تلقاها الأساتذة العام المنصرم، لوجود شبهات حول تلقي أساتذة كثر الحوافز مرتين أو أكثر، عن المدة الزمنية عينها، فيما آخرون لم تصلهم أي حوافز..

تعليقات: