على وقع طروحات باسيل، تبرز طروحات مضادة لدى حزب الله (Getty)
لم تحقق اللقاءات الداخلية التي قام بها رئيس التيار الوطني الحرّ، جبران باسيل، مع شخصيات سياسية متعددة، النتائج المطلوبة حتى الآن. لكنها عملياً فتحت مساراً سياسياً يسعى إلى تلقف أي تحرك خارجي ربطاً بالملف اللبناني.
سيستكمل باسيل مساره ولقاءاته. وهو من وراء ذلك يقول لحزب الله إنه منفتح على التواصل مع الجميع ولا مشكلة شخصية لديه مع أي طرف. أما بشأن موقفه السياسي، فهو يعتبر أنه ينبع من خلفية عدم تلبية احتياجات الإصلاح وانتزاع ثقة المجتمع الدولي.
العتب الكبير
على وقع ما يقدمه باسيل من طروحات، تبرز طروحات مضادة لدى الحزب، لا تخفي وجود عتب كبير على رئيس التيار. أولها، أن باسيل عمل على تسريب مضمون لقائه مع أمين عام حزب الله، السيد نصرالله، بلهجة هجومية تجاه فرنجية، فيما وافق على لقاء الأخير برعاية رجل الأعمال علاء الخواجة. وهنا تعتبر مصادر الثنائي الشيعي أن طروحات باسيل وذرائعه الإصلاحية لا يمكن أن تتوافق مع لقاءاته وتنسيقه مع الخواجة، الذي يعبر عن تسوية محاصصة حصلت بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل. وهذا يتناقض مع مبدأ الإصلاح.
ومن المستجدات التي برزت على الساحة، هو دخول قضائي أوروبي على خط التحقيق في الدعاوى المرفوعة بحق حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، في دول اوروبية عديدة. إذ تم توجيه مراسلات إلى القضاء اللبناني لإجراء التحقيقات. وهذه الدعاوى تقدم بها -حسب مصادر- مقربون من التيار الوطني الحرّ.
مثل هذه الخطوة لم تمر بسلاسة لدى حزب الله، الذي ينظر بعين الريبة إلى مثل هذا التدخل، كي لا يشكل سابقة تتكرر لاحقاً في ملفات أخرى، فيصبح دخول التحقيق الدولي تلقائي في تفجير المرفأ أو حادثة الاعتداء على اليونيفيل أيضاً. وهذا يرفضه الحزب بشكل قاطع تحت عنوان رفض المس بالسيادة القضائية. ويعتبر أن هذه المحاولة قد تشكل فرصة لفرض وصاية جديدة على لبنان، يكون من مندرجاتها بعض الانعكاسات السياسية على أي تسوية مقبلة.
الخروج من 8 آذار
ثاني درجات العتب لدى الحزب على باسيل، أنه يعمل وفق اجندة خاصة بعيدة عن وحدة الصف والموقف داخل تحالف قوى 8 آذار. وهنا تتساءل المصادر القريبة من الحزب عن الأسباب الحقيقية التي تدفع باسيل إلى مثل هذه المواقف. وهل هي فقط تتعلق بحسابات سياسية داخلية معطوفة على إيجاد حلّ لمسألة العقوبات المفروضة عليه؟ أم أنها ترتبط بأهداف سياسية أخرى لها اعتبارات خارجية؟ في كل الاحوال، هناك انتظار لمبادرة باسيل بعد عيد رأس السنة والتي بموجبها يفترض أن يلتقي بالحزب وبرئيس مجلس النواب نبيه برّي.
برّي والبطريرك
على وقع حركة باسيل، تراجع رئيس مجلس النواب نبيه برّي عن الدعوة إلى عقد جلسة حوار. إذ قال إنه حاول مرتين ولم يلب الأفرقاء دعوته. فيما برز عتاب هاتفي بين البطريرك الماروني بشارة الراعي وبرّي خلال اتصال تهنئة بعيد الميلاد. خلال الاتصال شدد الراعي على ضرورة انتخاب رئيس، فأجاب برّي: "أنا دعوت للحوار ولم يلبوا". حينها رد الراعي: "المطلوب انتخاب رئيس وليس عقد حوار". يستغرب برّي هذا الموقف، معتبراً أنه كيف يمكن الوصول إلى اتفاق على رئيس من دون التحاور بين الافرقاء. كما يستغرب دعوة باسيل إلى حوار مسيحي في بكركي ورفض عقد حوار وطني. ويحاول باسيل في لقاءاته طرح معادلة ثنائية متلازمة تتعلق برئاسة الجمهورية والحكومة معاً.
اجتماع باريس
وفيما تستمر هذه الحركة الداخلية، تشير مصادر ديبلوماسية غربية إلى أن باريس تعمل على وضع اللمسات الأخيرة لعقد اجتماع رباعي في باريس، يضم فرنسا، الولايات المتحدة الاميركية، المملكة العربية السعودية ودولة قطر، في منتصف الشهر المقبل، للبحث في الملف اللبناني.
وتؤكد المصادر ان هذا الاجتماع سيضع خريطة طريق واضحة للخروج من الأزمة اللبنانية، وآلية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتشكيل الحكومة بعده. لا تجزم المصادر أن اللقاء سيؤدي إلى تحقيق نتائج سريعة، لكنها تشير إلى أنه سيضع مساراً لآلية الحل. وسيكون هناك حاجة إلى وقت طويل ربما ليتبلور ويتحقق.
تعليقات: