القضاة يعتبرون المساعدات غير كافية (علي علوش)
بعد أن تفاقمت فيه على الدولة والقضاء والأمن، إثر اعتكاف القضاة الأطول في تاريخ لبنان، والذي تخطى الخمسة أشهرٍ متواصلة، أعلن مجلس القضاء الأعلى اليوم الخميس عن انتهاء الاعتكاف القضائي.
في تاريخ 28 كانون الأول الماضي، انعقدت جمعية القضاة العمومية، التي بحثت في الخطوات التي يحاول القضاة المعتكفون تطبيقها والإعلان عنها، كما ناقشت ودرست مطالب القضاة للتوصل إلى حلول تناسب جميع القضاة.
وانتهت الجلسة حينها بوعود مجلس القضاء الأعلى بمعالجة هذه الأزمة القضائية بعد انتهاء فترة الأعياد. صباح اليوم الخميس، 5 كانون الثاني، ووفقاً لمعلومات "المدن"، عقدت جلسة لمجلس القضاء الأعلى لاتخاذ القرار الأخير، وبعد ساعات على الاجتماع أصدر مجلس القضاء الأعلى بياناً أعلن فيه عن انتهاء الاعتكاف القضائي وعن عودة القضاة إلى محاكمهم لمتابعة الدعاوى التي تكدست طيلة الأشهر الفائتة.
حافظ مجلس القضاء الأعلى على موقفه ودعمه للقضاة، مؤكداً "أنه يتبنى مطالب القضاة المحقة"، ولكنه "يدعو القضاة للعودة إلى ممارسة مهامهم، بما يؤمن استمرارية المرفق العام القضائي..".
استثناءات جديدة
وتضيف المعلومات أن القضاة سيعاودون استئناف عملهم بوتيرة أسرع وبنشاطٍ مضاعف لحل جميع الملفات العالقة منذ عام 2022. وأن المناقشة التي حصلت مع الجمعية العمومية للقضاة العدليين أتاحت للقضاة حصر متابعة أعمالهم القضائية في أيام محددة خلال الأسبوع، وذلك لتخفيف تكاليف المواصلات عليهم. من أجل ذلك، ذكر مجلس القضاء الأعلى في بيانه إلى إمكانية "تسيير عمل المحاكم والدوائر القضائية كافة بما يتناسب مع حاجات ووضع كل محكمة ودائرة قضائية وفقاً للإمكانيات المتاحة..".
وحسب مصدر قضائي لـ"المدن"، فإن أجواء جلسة جمعية القضاة العمومية كانت هادئة جداً والأجواء إيجابية. وانتهت الجلسة بموافقة القضاة على استئناف أعمالهم انطلاقاً من الأسبوع المقبل. في حين بدا واضحاً إصرار مجلس القضاء الأعلى خلال الجلسة على ضرورة فك هذا الاعتكاف والعودة إلى متابعة الملفات المتراكمة.
نقابة المحامين
في ظل هذا التضارب الحاصل داخل قصور العدل، بين القضاة ونقابة المحامين، يمكن اعتبار إصرار مجلس القضاء الأعلى لفك الاعتكاف هو نتيجة الضغط الممارس على القضاء من قبل نقيب المحامين، الذي صرّح بأن النقابة "ستتخذ موقفاً حاسماً خلال الأيام المقبلة في حال استمرار الاعتكاف".
وبالرغم من أن بيان مجلس القضاء الأعلى لم يعلن عن التسوية التي حصلت بين القضاة، إلا أن مصدراً قضائياً أكد لـ"المدن"، أن الاتفاق يقضي بحصول القضاة على بعض الإضافات المالية، التي من شأنها أن تحسن رواتبهم، وسيتقاضى القاضي راتبه مضروباً إما ثلاثة أضعاف أو خمسة أضعاف من خلال صندوق تعاضد القضاة، إلى جانب بعض المساعدات المالية الشهرية التي تتراوح بين 500 و1000 دولار أميركي تبعاً لدرجة كل قاض.
داخل قصر العدل في بيروت، ومنذ بواكير الصباح، بدا المحامون متحمسون جداً لفك الاعتكاف، حتى أن بعض المحامين خرجوا عن صمتهم وتداولوا بهذه المعلومات على مجموعات "واتساب" التي تضم عدداً كبيراً من المحامين في مختلف الأراضي اللبنانية، معلنين انتهاء الاعتكاف القضائي اليوم، وعودة العمل القضائي يوم الإثنين المقبل.
أما مجلس القضاء الأعلى الذي كان حاسماً في موقفه تجاه مطالب القضاة والتي اعتبرها مطالب محقة وضرورية في ظل الوضع الاقتصادي الراهن، واعداً إياهم بالسعي لتحقيقها، إلا أنه كان مصراً على معالجة هذا الاختناق القضائي الحاصل والذي من الممكن أن يؤدي إلى تفلت أمني بشكل أكبر.
تحسن رواتب القضاة من شأنه لجم غضبهم الحالي، فالقضاة يعتبرون هذه المساعدات غير كافية، ولكنها حل أفضل لضبط الأمن. علماً أن هذه التحسينات المالية تعود لبنود الموازنة، لا سيما أن المجلس الدستوري أبطل بعض البنود من الموازنة ظهر اليوم، بسبب الطعون التي قدمت من بعض النواب، فهل سيجدد القضاة اعتكافهم في حال أبطلت البنود التي تطال رواتبهم؟
تعليقات: