دمشق:سعر الدولار انخفض.. متى تنخفض أسعار المواد الاستهلاكية؟


لم تُفلح إجراءات النظام التي كبحت انخفاض سعر الليرة أمام الدولار، بتخفيض أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية لتتناسب مع تراجع سعر صرف الدولار، لتصبح قدرة السوريين الشرائية داخل مناطق سيطرته أدنى من مستويات ما قبل التحسن.

ويقول مؤشر "قاسيون" المتخصص بتحديد الحد الأدنى لتكلفة المعيشة، إن الحد الأدنى لمعيشة الأسرة السورية في كانون الأول/ديسمبر، بلغ أكثر من 2.5 مليون ليرة سورية، مما يشير إلى هوّة حادة بين تكلفة الحد الأدنى للمعيشة وبين متوسط الدخل الفردي وبالتالي قدرة العائلة السورية الشرائية على مجاراة الارتفاع الذي وصل إليه سعر صرف الدولار أمام الليرة حينها.

وبحسب مواقع اقتصادية موالية، فإن أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية السكر والسمن والزيت والشاي والأرز بقيت عند حدودها المرتفعة رغم مرور أسبوع على بدء تعافي الليرة السورية أمام الدولار وصولاً إلى تسجيلها 5900 لكل دولار واحد السبت، في حين ارتفعت أسعار مواد أخرى وضمنها الخضار والفواكه عما كانت عليه خلال انهيار سعر الصرف ووصوله عند حدود 7300 قبل نحو أسبوعين.


انخفاض مفاجئ

ويوضح الباحث الاقتصادي رضوان الدبس أن انخفاض سعر الصرف جاء بشكل مفاجئ عقب عملية ضخ كمية من الدولار الأميركي بشكل طارئ في السوق السورية من قبل المصرف المركزي، وهي كميات لا يملكها هو بالأساس، وإنما حصل عليها من الإمارات في محاولة منها لمنع انهيار حكومة النظام.

ويقول الدبس لـ"المدن"، إن التجّار السوريين على دراية بأن الانخفاض مؤقت وليس دائماً، والليرة بطريقها نحو الانهيار مجدداً خلال فترة لن تتجاوز الشهر، في حال عدم تأمين دعم قوي ومستمر لليرة وليس مؤقتاً كما حصل في الحالة الإمارتية، وبالتالي فهم لا يخفّضون أسعار المواد الغذائية والتجارية تماشياً مع حجم تعافي الليرة.

من جهته، يقول الباحث الاقتصادي يحيى سعيد عمر إن الأمر يرجع في جوهره لسببين: الأول هو معدل دوران السلع، والمقصود به المدة الزمنية اللازمة لاستهلاك المخزون من مادة معينة، وهو مرتفع في مناطق النظام بسبب تدني مستوى الدخل، وبالتالي، فالمخزون بحاجة لمدة طويلة نسبياً حتى نفاده وإعادة تجديده بالسعر الجديد لليرة، معتبراً أن الأسعار ستنخفض مع أول تبديل للمخزون.

بينما الثاني بحسب حديث عمر ل"المدن"، هو ضعف رقابة حكومة النظام، والفساد في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، موضحاً أن بعض السلع ذات إنتاج محلي ويفترض ألا تتأثر بشكل كبير بانخفاض قيمة الليرة، لكن ضعف الرقابة يسمح للتجار بالتلاعب في بالأسعار، بالتزامن مع فرض الكبار منهم أسعاراً تناسبهم للمواد.


انخفاض القدرة الشرائية

وبطبيعة الحال، فإن أي انخفاض أو ارتفاع بقيمة الليرة، يتأثر به مباشرةً الأفراد داخل مناطق النظام، فرغم تلك المستويات المنخفضة لليرة أمام الدولار، لكن رواتب الموظفين لاتزال ثابتة عند حوالي 100 ألف ليرة في القطاع العام بينما لا تتجاوز300 ألف بأفضل الأحول في القطاع الخاص.

ويؤكد عمر أن القدرة الشرائية للأفراد تتأثر مباشرة بتغيرات قيمة الليرة، خصوصاً أنها دخول ثابتة أو شبه ثابتة، إضافة إلى أن كل السلع والخدمات في مناطق النظام تُقوّم بالدولار، فأي انخفاض في قيمة الليرة يعني انخفاضاً بذات النسبة على مستوى الدخل، وبالتالي على القدرة الشرائية.

ويقول إن الأرقام تشير إلى أن متوسط الأجور لا يتجاوز 18 دولاراً في القطاع العام و50 في الخاص، موضحاً أن تلك الأرقام تؤشر إلى قوة شرائية متدنية جداً وتحت خط الفقر، فضلاً عن كون الأفراد غير قادرين على مجاراة ارتفاع سعر الصرف وذلك بالنظر إلى متوسط الأجور ومتوسط أسعار المواد الأساسية.

بدوره، يقول الدبس إن القوة الشرائية للسوريين باتت بحكم المعدومة بالنظر لأسعار السلع ومتوسط الأجور، موضحاً أن الأسرة في مناطق النظام تحتاج إلى 700 ألف ليرة سورية في حال كانت تمتلك المنزل الذي تعيش فيه، هي بينما بحاجة إلى أكثر من مليون ليرة في حال كان مستأجراً.

وبيّن الدبس أن القدرة الشرائية للمواطن السوري انخفضت خلال العام الفائت 2022 من 50 إلى 70 في المئة مدعومةً بالتضخم العالمي إلى جانب انهيار سعر صرف الليرة من 4000 ليرة سورية إلى 6000 ليرة.

تعليقات: