ما جرى مع اللواء جميل السيّد هل يتكرّر مع اللواء عباس إبراهيم؟
يتساءل #لبنانيون يتابعون الأوضاع في بلادهم عن السبب الذي حال حتى الآن دون ترتيب وضع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي سيذهب الى التقاعد بعد أقل من شهرين. دافعهم الى التساؤل أن ما يجري حالياً مع اللواء إبراهيم يذكّرهم بما جرى سابقاً مع اللواء #جميل السيد بعد نقله من موقع مساعد مدير المخابرات في الجيش الى موقع المدير العام للأمن العام، إذ نجح السيد في حينه في ترتيب الأوضاع في المديرية المذكورة وتنظيم أعمالها بكل دقة وفي كل أقسامها الأمر الذي دفع في حينه “البطريرك المنصف” نصرالله صفير الى الإشادة بإنجازاته في موقعه الجديد رغم الاختلاف الكبير في السياسة بينهما وفي أكثر من قضية ومشكلة.
الذي جرى كان خروجه من المديرية العامة من دون تمديد له، وكان السبب على الأرجح تاريخه الأمني السياسي الطويل وتمتعه بقدرات مهمة مثل المتابعة والاطلاع والتنفيذ وإسداء النصح والمشورة لرؤسائه وحلفائه في آن واحد من لبنانيين وغير لبنانيين. فضلاً عن طموحه الى الانتقال من العمل الوظيفي وإن أمنياً الى العمل السياسي، هو الذي رافق مسيرة سياسيين كثيرين وأسهم في إيصالهم الى حيث هم الآن وقبل الآن.
طبعاً لم يستحسن أحد طرفي “الثنائية الشيعية” هذا الأمر لأسباب متنوّعة ربما خوفاً من الطموح اللامتناهي للسيد الذي جعله ربما يحلم لا بالنيابة فقط بل بعدها برئاسة مجلس النواب. لكن ظروف اللواء السيد في حينه ربما كانت أفضل من ظروف اللواء إبراهيم في المرحلة الراهنة. فـ”حزب الله” رغم علاقته “المترجرجة” مع السيد يوم كان ضابطاً ذا موقع في البقاع لم ينسَ تعاونه معه بموافقة الدولة في حينه رغم توجّسه من طموحاته. فضلاً عن أنه كان يعرف تعاونه مع سوريا الأسد المكلّفة “مساعدة لبنان لتنفيذ اتفاق الطائف” وعدم ممانعتها بل ربما حرصها على أن ينتقل أي السيد الى العمل السياسي في مجلس النواب. كما كان يعرف أن “صموده” في التحقيقات الدولية التي أُجريت معه بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري قبل إدخاله السجن وبعد قضائه فيه قرابة أربع سنوات هو صمودٌ دفع سوريا الأسد الى الشعور بأنها مدينة له. فأدخلته الى مجلس النواب على لائحة “الحزب” في البقاع – الهرمل. وأعادته نائباً مرة ثانية وعلى لائحة “الحزب” أيضاً رغم أن الأخير ربما كان يفضّل إبقاءه خارج النيابة لكنه آثر عدم إغضاب سوريا.
طبعاً تاريخ اللواء عباس إبراهيم السياسي والأمني والعسكري ليس بغنى تاريخ سلفه اللواء السيد رغم أنه حافظ على ما بلغه #الأمن العام من تطوّر، لا بل زاده وطوّر أجهزته الأمنية ونجح في المحافظة على دوره السياسي المحلي وفي الاضطلاع بدور سياسي بالغ الأهمية لا في الدخل فحسب بل في العالم العربي وتحديداً في دول عدة مهمة فيه وأيضاً في العالم وتحديداً في الولايات المتحدة. بذلك كله تعمّقت تجربته فصار رجل المهمات الصعبة والمعقّدة داخلاً وخارجاً. اعترف له بذلك الأفرقاء اللبنانيون كلهم سواء المختلفون معه في السياسة ذات الانطلاقة الطائفية والمذهبية أو المتوجسين من دورٍ سياسي مهم له بعد انتهاء ولايته في الأمن العام وتحديداً في الوسط الشيعي.
متى تنتهي ولاية اللواء عباس إبراهيم في رئاسة الأمن العام؟
وهل سيبقى فيها في انتظار سنوح فرصة انتقاله الى العمل السياسي؟
وما الطريقة القانونية التي تمكّنه من المحافظة على موقعه الحالي وتالياً انتظار “الترقية السياسية” له من “الثنائية الشيعية” لا من الدولة اللبنانية بعدما صارت أشلاءً ومكّنت الطوائف والمذاهب بل الشعوب المتناقضة من السيطرة عليها؟
تفيد معلومات متابعين أن النية اتجهت قبل أشهر وقبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون الى تدارك فراغات ستقع في مواقع إدارية مهمة مدنية وعسكرية وأمنية وكلها مصنّفة فئة أولى. فأُعدّ مشروع قانون بالتمديد سنتين لكل شاغلي المواقع المذكورة عند بلوغهم سن التقاعد تلافياً للفراغ المقيم من جرّاء الخلافات الحادة داخل الطوائف والمذاهب وبينها على المواقع الرئيسية. لكن طرفاً رئيسياً في البلاد أو ربما أكثر تمسّك بفصل التمديد للمدنيين عن التمديد للعسكريين. فأعدّ مشروع قانون بذلك. وعندما وصل الى مجلس النواب وبصيغة معجّل مكرّر مشروع قانون يتيح بقاء اللواء إبراهيم سنتين على رأس الأمن العام سأل الرئيس نبيه بري من يشمل المشروع فكان الجواب: اللواء إبراهيم وربما غيره. كان ردّ فعله أي بري إيجابياً إذ قال “سجّلوا مشروع القانون”. وعنى ذلك أن طرحه على المجلس للتصويت بالموافقة على الأرجح أو الرفض سيتم. لكن مشروع القانون لا يزال في جوارير مجلس النواب. فهل سيوعز رئيس المجلس بإخراجه منها وعرضه على المجلس والتصويت عليه؟ المدة الباقية لإبراهيم في موقعه الرسمي تقل عن الشهرين ربما بأسبوع، وقد لا تسمح التطورات السياسية السلبية والخلافات بطرحه على المناقشة والتصويت. يعني هذا الأمر أن القلق من نجاح أي موظف شيعي رفيع غير مُلتزم رسمياً بأحد طرفي “الثنائية” وصارت له علاقات داخلية وخارجية مهمة ربما لا يزال يثير المخاوف عند “أصحاب القرار” في طائفته. فهل ينفون ذلك بالتمديد لإبراهيم؟ والجواب هو: العلاقة العضوية بين اللواء السيد وسوريا الأسد وعلاقتها بـ”حزب الله” جنّبتاه البقاء خارج السياسة. إلا أن علاقات إبراهيم العربية والدولية المهمة قد تكون سبب بقائه خارجها.
صورة تجمع اللواء ابراهيم بالنائب جميل السيّد ورئيس بلدية بعلبك العميد حسين اللقيس
الكاتب في جريدة النهار سركيس نعوم
تعليقات: