اعتقال ويليام نون: العاجزون عن ملاحقة المجرمين يلاحقون الضحايا!

الاعتداء على المعتصمين أمام مركز أمن الدولة في الرملة البيضاء (علي علّوش)
الاعتداء على المعتصمين أمام مركز أمن الدولة في الرملة البيضاء (علي علّوش)


لا قضاء يعمل على كشف الحقيقة في ما حدث يوم 4 آب. ولا عدالة تحققت للبنانيين. ولا أمن استتب للبلد. لكن العقاب لمن يطالب بكل هذا.

الدولة العاجزة على أن تكون دولة، العاجزة عن ملاحقة المجرمين "تنتقم" من حقيقتها هذه من الذين يطالبونها أن تكون دولة قوية، قانوناً وعدالة وأمناً.

هذا باختصار ما حدث مساء الجمعة. السيناريو نفسه للأجهزة الأمنية منذ سنوات مديدة حين صارت أجهزة "قوية" فقط على الذين تمنوا أن تكون قوية على الجميع.


المداهمة والتوقيف

"عازمينك عالقهوة"، هي العبارة التي استعملها جهاز "أمن الدولة" لدعوة ويليام نون، شقيق ضحية تفجير المرفأ جو نون، إلى جلسة تحقيق سريعة، بعد أن داهموا منزله في منطقة مشمش، لإلقاء القبض عليه.

وقد جرى توقيف نون بموجب إشارة من النيابة العامة الاستئنافية، جرّاء تصريحه التلفزيوني الأخير ليل الخميس، خلال مشاركته في برنامج "صار الوقت" مع الإعلامي مارسيل غانم، معلناً عن استعداده لمواجهة العدلية بالشغب والديناميت.

وكان تحري بيروت قد استدعى نون وعدداً من أهالي ضحايا المرفأ إلى التحقيق، إثر اتهامهم بأعمال الشغب في العدلية (راجع "المدن")، ولكن المستدعين تمنعوا عن الحضور، وأبلغوا تحري بيروت رغبتهم بتأجيل جلسة التحقيق حتى يوم الإثنين.. سيما أن تصريح نون أمام مدخل العدلية، يوم الخميس، طالباً من القاضي زاهر عبود (الذي استدعى الأهالي إلى التحقيق) "تبليط البحر"، ومعلناً رغبته بتكسير قصر العدل ببيروت، بعد أن توعد تحري بيروت باتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المستدعين. وهو ما أثار حفيظة القاضي زاهر حمادة


"الاستضافة"

وفي التفاصيل التي حصلت عليها "المدن"، فإن مجموعة من أمن الدولة توجهت نحو منزل نون عند الواحدة والنصف ظهراً، وفتّشت منزل العائلة بحثاً عن الديناميت، غير أنها لم تجد سوى صور الضحية جو نون، فطلبت النشرة القضائية لوالدة نون. وبعد إعلامهم بوجود نون في بيروت، اتصلوا به طالبين منه زيارة مديرية أمن الدولة في الدكوانة "لشرب القهوة".

لبى نون دعوة أمن الدولة، وبعد وصوله برفقه محاميه رالف طنوس، رفضوا إطلاق سراحه، وجرى نقله إلى مديرية أمن الدولة في الرملة البيضاء، ثم إلى مركز السوديكو. دامت استضافة أمن الدولة لنون أكثر من ثماني ساعات، لم يطلب خلالها النشرة القضائية لنون ولم يحقق معه أو يُفتح أي محضر، رافضين فيها إطلاق سراحه قبل تسليم هاتفه الخلوي لمراقبة محادثاته الأخيرة، ولتفريغ المعلومات بريعة معرفة المحرضين له على أعمال الشغب.

عند العاشرة مساءً، تهافت الناشطون وأهالي ضحايا المرفأ نحو منطقة السوديكو، للمطالبة بإطلاق سراح نون، فوقفوا حاملين مظلاتهم تحت الأمطار، وحملوا هواتفهم لإضاءة الطريق المظلمة. أما عناصر أمن الدولة فحاولت قمع المحتجين، ومنعتهم من التحرك أو ركن سياراتهم عند جوانب الطريق، كما اعتدوا على ناشط بالضرب المبرح، بعد أن حاول الترجل من سيارته للمشاركة بالتجمع. كما أقفلت طريق منطقة الصيفي وأوتوستراد جبيل بالإطارات المشتعلة احتجاجاً على الاعتقال التعسفي لنون، وانضم عدد من النواب إلى المحتجين.


القضاء والأهالي

وحسب معلومات "المدن"، فإن تأخير طلب النشرة القضائية لنون حتى الحادية عشر مساءً، كان هدفها المماطلة لمنع إطلاق سراحه، واعتقاله حتى يوم الإثنين. علماً أن النائب ملحم خلف إنضم إلى حشد المحتجين أمام مديرية أمن الدولة في السوديكو.

وعلى ما يبدو، فإن المواجهة بدأت بين القضاء اللبناني وأهالي ضحايا المرفأ، بل ويبدو أن العدالة في لبنان تقضي بمحاسبة أهالي ضحايا المرفأ عوضاً عن معاقبة المجرمين في تفجير المرفأ. في حين يعتبر الأهالي أن القضاء يحاول كم أفواههم و"اليوم سيكون يوم الإعلان عن بداية ثورة جديدة" إن لم يطلق سراح نون الذي ما زال معتقلاً حتى لحظة نشر هذا التقرير بساعات الفجر الأولى.

تعليقات: