يوم طويل لاهالي ضحايا المرفأ ينتهي بالإفراج عن ويليم نون

والدة ويليم نون أمضت ليلتها في مركز أمن الدولة (المدن)
والدة ويليم نون أمضت ليلتها في مركز أمن الدولة (المدن)


اطلق بعد ظهر اليوم سراح ويليم نون، شقيق جو نون ، أحد شهداء المرفأ، بعد يوم طويل امضاه أهل الضحايا وعدد من نواب المعارضة امام مركز أمن الدولة في الرملة البيضاء.

وقال محامي نون لـ"المدن" رالف طنوس أن موكله وقّع تعهداً بعدم التعرض للقضاء مجدداً، وأنه سيمثل الإثنين أمام القضاء مجددا مع آخرين".

وكان المحامي العام الاستئنافي في بيروت، القاضي زاهر حمادة، يعتقد أن العبارة التي وُجّهت إليه من شقيق الشهيد جو نون، ويليم نون، "يروح يبلّط البحر"، أمام قصر العدل، يوم الخميس 11 كانون الثاني، تستحق المعاقبة والتأنيب.


العدالة أولاً..

ولا شك أن تصريح نون الأخير، أثناء مشاركته في برنامج تلفزيوني، مبدياً رغبته "بتفجير العدلية بالديناميت" قد أثار حفيظة القضاء اللبناني، معتبراً أن أهالي ضحايا المرفأ يشكلون خطراً مباشراًعلى الأمن والأمان، ومن الممكن أن يتجهوا إلى تفجير العدلية وأن يُعاد تفجير المرفأ مرة أخرى!.

استمر التحقيق مع نون لأكثر من ثماني ساعات، وُضع خلالها في غرفة تحت الأرض داخل مديرية أمن الدولة في منطقة الرملة البيضاء. فُرغّت المعلومات من هاتفه، راقبوا اتصالاته الأخيرة محاولين الوصول إلى هوية بائع الديناميت، وحاولوا معرفة الجهة الداعمة لأهالي ضحايا المرفأ والتي ترغب بتدمير العدلية.

منذ البارحة ونون موقوف لدى جهاز أمن الدولة، الذي حقق معه أكثر من 9 ساعات متواصلة، والتي اعترف فيها أن كلامه عفوي، فهو لا يملك أي مواد للتفجير ولم يسبق له التعامل مع بائعي الأسلحة، ولكنه يرغب فقط بمعاقبة قاتلي أخيه، ما يعني أنه يريد العدالة فقط.

وبعد انتهاء التحقيق، عند الساعة التاسعة صباحاً، قرّر القاضي حمادة إطلاق سراحه، في محاولة منه لتخفيف التحركات الشعبية أمام منطقة الرملة البيضاء، ولكنه تراجع عن قراره وطلب تأجيل اطلاق سراحه ولم يعد يجيب على هاتفه.

وكانت والدة نون، الذي طلبوا لها "النشرة" لدى أمن الدولة، قد باتت ليلتها مع شقيقة أحد الضحايا والنائب خلف، في مبنى أمن الدولة، فيما بقي ىخرون على الطريق في سياراتهم حتى الصباح.


مداهمات وتفتيش

وكان طُلب، صباح اليوم، من دورية أمن الدولة مداهمة منزل بيتر بو صعب، شقيق الشهيد جو بو صعب، وهو من المستدعين إلى تحري بيروت. ليتبين لاحقاً أن بو صعب لا يقيم مع عائلته في منطقة عين الرمانة، وفُقد بعدها التواصل معه، حيث أقفل خطّه وتوارى عن الأنظار، ولم تتمكن دورية أمن الدولة من دعوته "لشرب فنجان قهوة" في مديرية أمن الدولة في منطقة الرملة البيضاء. ويؤكد محامي بوصعب، رالف طنوس، أن وكيله لم يتبلغ بقرار توقيفه أو بصدور قرار البحث والتحري عنه، بالتالي لا يحق لهم قانونياً مداهمة منزله.

من أجل ذلك، رفض القاضي حمادة إطلاق سراح نون قبل وصول بوصعب للتحقيق معه في مركز أمن الدولة. وبالرغم من تأجيل موعد التحقيق مع أهالي الضحايا حتى يوم الإثنين، إلا أن اللافت صدور بلاغ بحث وتحرٍ بحق جميع المستدعين من أهالي الضحايا إلى تحري بيروت بشكل فجائيّ، يوم الجمعة 13 كانون الثاني.

في بلد طبيعي، تقضي مهمة أجهزة أمن الدولة بمداهمة المجرمين ومعاقبتهم، وفي قضية المرفأ، من المفترض أن يعاقب المسؤول عن وصول النيترات إلى عنابر مرفأ بيروت، ولكن اليوم المشهد كان مختلفاً، إذ داهم أمن الدولة بيوت أهالي الضحايا بحثاً عن الديناميت والمواد المتفجرة، فقاموا بالتفتيش في أغراض الشهيد جو بوصعب، وعبثوا داخل غرفة الشهيد جو نون التي لا تزال مقفلة منذ الرابع من آب عام 2020، وغادروا بعد أن تأكدوا أن الأهالي يحتفظون بصور ضحاياهم ولا يملكون المواد المتفجّرة.

وعلى ما يبدو فإن القضاء اللبناني يتجه إلى إقفال قضية المرفأ بالطريقة التي تناسب المنظومة الحاكمة، التي تحاول التعدي على القانون وتعيين محقق عدلي رديف لإطلاق سراح الموقوفين في قضية المرفأ.


سجال وتضارب

وبالرغم من تجمع أهالي الضحايا أمام مديرية أمن الدولة في الرملة البيضاء بالطرق السلمية، إلا أن بعض الأجهزة الأمنية حاولت التعدي على بعض الناشطين لمنعهم من اقفال الطريق بأغصان الشجر اليابسة أو من التقاط الصور لبعض العناصر. كما تصادم الأهالي والناشطون مع المواطنين أثناء اقفال الطريق، حين دعوا المواطنين إلى الوقوف إلى جانبهم ومساندتهم في هذا التحرك.


دعم سياسي

وانضم عدد من النواب إلى تحرك الأهالي لمساندتهم ومنهم: إبراهيم منيمنة، ميشال معوض، ملحم خلف، وضاح الصادق، مارك ضو، نجاة صليبا، غسان حاصباني، رازي الحاج. في حين اعتبر وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال، ناصر ياسين، "أن كل التجاوزات التي تواجه أهالي ضحايا المرفأ تفرض على جميع الوزراء والنواب التدخل لوقفها ولتحقيق العدالة".


سطوة سياسية؟

وبحسب مصادر مطلعة على ملف تحقيقات المرفأ، فإن هذا التحرك القضائي ممنهج ومقصود، وله أبعاد سياسية، فيما أكدت بعض المعلومات لـ"المدن" أن وكيل النائب غازي زعيتر، محمد زعيتر، كان متواجداً في غرفة القاضي زاهر حمادة، أثناء انعقاد جلسة القضاء الأعلى، في حين يعتبر المحامي زعيتر أن هذه المعلومة هي معلومة مفبركة وتهدف لإساءة سمعته، مؤكداً لـ"المدن"عدم تواجده في العدلية آنذاك.

وتزامناً مع وصول وفد القضاء الأوروبي إلى بيروت الآتي من لوكسمبورغ، يوم الإثنين 16 كانون الثاني، يبدو أن القضاء اللبناني الذي يحاول اليوم طمس الحقيقة وإحداث الفوضى في الشارع مع أهالي ضحايا المرفأ، أمام مسار قضائي جديد. ومن المرجح أن مواجهة القضاء لأهالي ضحايا المرفأ هي مواجهة مقصودة لدفع اللبنانيين إلى الشارع ليتواجهوا مع المنظومة وعناصرها، ريثما ينهي الوفد الأوروبي تحقيقاته في لبنان. فبات من المؤكد أن تزامن موعد انعقاد جلسة مجلس القضاء الأعلى "الاستثنائية" مع موعد جلسة التحقيق مع أهالي ضحايا المرفأ ليست صدفةً.

من أجل ذلك، اعلن أهالي ضحايا المرفأ اعتصامهم المفتوح أمام مركز أمن الدولة حتى اطلاق سراح نون، في حين يعتبر يوم الإثنين يوم مصيري لأهالي الضحايا، الذين سيمثلون أمام القضاء اللبناني للتحقيق معهم، وستصل الوفود القضائية الأوروبية إلى بيروت التي طالبت بلقاء القاضي طارق البيطار. ويبقى السؤال هل سيؤدي انفجار التحركات الشعبية إلى تدخل الوفد القضائي الأوروبي في تحقيقات هذه القضية؟

تعليقات: