مصر: السجن مدى الحياة لرجل أعمال تنبّأ بانهيار الجنيه


أصدرت محكمة عسكرية مصرية، الأحد، حكماً غيابياً بحبس رجل الأعمال محمد علي، مدى الحياة، لإدانته بالتحريض على التظاهر ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وفق ما أفادت وسائل إعلام مصرية.

ومحمد علي مقاول في قطاع البناء وممثل، وقد اشتهر بعدما انتشرت على نطاق واسع تسجيلات فيديو له في شبكات التواصل الاجتماعي يتّهم فيها السيسي والنخبة العسكرية بالفساد. وكان علي قد ساهم في التعبئة بعد أول انهيار لقيمة الجنيه في العام 2016، وذلك قبل 7 سنوات من أسوأ أزمة اقتصادية تعانيها مصر الآن، وهي ترزح تحت وطأة الديون وتداعيات الحرب بين روسيا أوكرانيا، أكبر مورّدَين للقمح إلى البلاد، وسط نقمة شعبية متزايدة بسبب تدهور الظروف المعيشية.

والفيديوهات التي سجّلها علي في إسبانيا أفضت في أيلول/سبتمبر 2019 إلى تظاهرات نادرة شارك فيها مئات الأشخاص في القاهرة وغيرها من المدن المصرية. وعلى خلفية تلك التحرّكات أوقف أربعة آلاف شخص في أسوأ حملة قمع منذ انتخاب السيسي رئيسا في العام 2014، وفق منظمات تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان. وأفاد الإعلام الرسمي المصري بأن علي، البالغ 48 عاماً، حُكم عليه مع 37 متّهماً بالحبس مدى الحياة، فيما حُكم على عشرات آخرين بالحبس لمدد تتراوح بين خمس سنوات و15 سنة.

وفي مصر لا مجال للطعن في قرارات المحاكم الاستثنائية التي غالباً ما تكلّف قضايا "الإرهاب".

من جهة أخرى، أدرج اسم رجل الأعمال في لائحة "الإرهابيين" فبات ممنوعاً من السفر كما جُمّدت أصوله في مصر. لكن هذه القرارات قد لا تؤثر فيع بما أنه مقيم في برشلونة منذ سنوات. ويقول نشطاء حقوقيون إن الإدراج في لائحة "الإرهابيين" تكتيك يعتمده النظام المصري لمنع المعارضين من مغادرة البلاد.

وتوجّه منظّمات غير حكومية على الدوام انتقادات لمصر مندّدة بوجود أكثر من 65 ألف معتقل سياسي يقبعون في سجونها، متّهمة السلطات بانتهاك حرية الصحافة وقمع أي أصوات معارضة في الميدان أو على شبكات التواصل الاجتماعي، من الإسلاميين إلى الليبراليين. والتظاهر شبه مستحيل وفق القوانين النافذة، والمسيرات الاحتجاجية نادرة للغاية في البلاد التي تحتفل في 25 كانون الثاني/يناير بذكرى مرور 12 عاما على "الثورة" التي أطاحت الرئيس حسني مبارك إبان "الربيع العربي".

من هو محمد علي؟

في العام 2019، بدأ يلمع اسم محمد علي، الذي كان والده بطلاً في لعبة كمال الأجسام، ومثَّل مصر في بطولات عربية وإقليمية، ثم تولى بعد ذلك مناصب عديدة في الاتحاد المصري للعبة، وذلك وفقاً لصحف محلية مصرية، ولما ذكره محمد علي في بعض مقاطع الفيديو التي نشرها في العام 2019.

ونفى محمد علي انضمامه إلى أي فصيل سياسي أو ديني في حياته، كما نفى ما بثته وسائل إعلام محلية اتهمته بأنه يعمل لصالح جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر.

وبدأ الممثل الشاب مشواره الفني من خلال دوره في فيلم "القشاش" الذي أنتج في مصر العام 2013. بعد ذلك، شارك في مجموعة من المسلسلات الدرامية والأفلام، لكن الدور الأبرز الذي سلط الضوء عليه كان في فيلم "البر التاني" الذي أنتجه علي وأدى فيه دور البطولة. ويتناول هذا الفيلم قضية إقدام عدد من الشباب في مصر على الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عبر مياه البحر المتوسط، رغم معرفتهم بالمخاطر التي تنتظرهم.

وشارك محمد علي ممثلاً في أفلام أخرى، مثل فيلم "المعدية" الذي شارك في إنتاجه أيضاً، بالإضافة إلى عدد من المسلسلات الدرامية المصرية، مثل مسلسل "طايع"، و"شارع عبد العزيز2"، و"السيدة الأولى"، و"صفحات شبابية"، وأغلبها من المسلسلات التي حققت نجاحا أثناء العرض في شهر رمضان، الذي يعتبر مهرجانا للدراما التلفزيونية في عدد من البلاد العربية.

ورغم أن عالم الفن كان المدخل الذي تعرف الناس من خلاله إلى محمد علي، أكد الممثل الشاب أنه كان يعمل منذ حوالي 18 سنة في قطاع مقاولات البناء، وأنه دخل في تعاون مشترك في الكثير من المشروعات التي تنفذها الهيئة الهندسية التابعة للجيش المصري، من خلال شركة "أملاك" التي كان علي يديرها. وقال علي في أحد فيديوهاته إن عمله في قطاع المقاولات هو الذي ساعده في دخول عالم الإنتاج السينمائي، وذكر أن فيلم "البر الثاني" بلغت كلفته نحو 27 مليون جنيه مصري.

ونشر محمد علي مقاطع فيديو يعارض فيها ما وصفه بـ"الفساد"، وقال إنه ينشر هذه المقاطع من إسبانيا بعد خروجه من مصر، بسبب عدم حصوله على "مستحقات مالية" عن أعمال يقول إن شركته نفذتها لصالح الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وفقا لما ذكره علي في مقاطع الفيديو التي نشرها.

تعليقات: