سباق الداخل والخارج: تسوية خلال أسابيع أو الفوضى العارمة

لم يعد أمام لبنان سوى انتظار ما يمكن أن يأتي من الخارج (علي علوش)
لم يعد أمام لبنان سوى انتظار ما يمكن أن يأتي من الخارج (علي علوش)


يشهد لبنان سباقاً بين تطورات الداخل والخارج. داخلياً، تتفاقم الأزمات على أصعدة مختلفة. من الانهيار المستمر بسعر الليرة اللبنانية، عطفاً على التحقيقات الأوروبية التي تجري بملفات مالية، إلى الأزمة السياسية المستمرة والتي يتجلى فيها الاستعصاء بانتخاب رئيس جديد للجمهورية. أما خارجياً، فثمة حركة إقليمية يمكن للبنان الاستفادة منها، في حال وصلت إلى نتائج إيجابية، وتمت معرفة تجيير تأثيرها على الساحة اللبنانية. تلك الحركة ترسي تسوية في اليمن، وتقارباً عراقياً مع دول الخليج. بالإضافة إلى كلام إيراني واضح حول الاستعداد للحوار مع السعودية ووصوله إلى نتيجة، في مقابل كلام وزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان حول التواصل مع إيران، وإيجاد صيغة تؤدي إلى حصول تفاهمات.


التوتر السياسي

بالنسبة إلى الواقع الداخلي، فإن التسابق قائم بين الانفجار واحتمال قطع طريقه بناء على معطيات خارجية تفرض تسوية معينة. كل ظروف الانفجار الاجتماعي تتقدم، من الأزمة المالية والاقتصادية المستمرة، إلى الدخول القضائي الأوروبي على التحقيقات في تفجير المرفأ وفي الملفات المالية، ما يعني اعتبار الدولة اللبنانية غير مؤهلة للقيام بذلك.

وهنا لا تنفصل الانقسامات بين القوى السياسية حول التحقيقات بتفجير المرفأ، والانقسامات بين أهالي الضحايا وأهالي الموقوفين. على ضفة أخرى، فإن التوتر السياسي يبلغ أشده ويأخذ طابعاً طائفياً هذه المرّة، من خلال تنامي الحديث عن الفيدرالية أو اللامركزية المالية والإدارية الموسعة، أو البحث عن صيغة أخرى للنظام في حال نجح حزب الله بإيصال مرشحه لرئاسة الجمهورية.

مثل كل هذه المواقف المتزاحمة من شأنها أن تنفجر بأي شكل من الأشكال، في حال استمر الاستعصاء قائماً، والتصعيد متوالياً.


من الخليج إلى فرنسا

وعليه، لم يعد أمام لبنان سوى انتظار ما يمكن أن يأتي من الخارج، وسط رهانات على تحقيق تقدم أو المزيد من التهدئة بين طهران والرياض، خصوصاً في ظل ترقب طهران لتصعيد غربي بوجهها. ولذلك هي تريد ترتيب علاقتها مع دول الخليج. وهنا تقول مصادر متابعة إن مواقف وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان كان واضحة في هذا السياق. تزامناً، يستمر الرهان اللبناني على اجتماع باريس، وإذا ما كان سيقارب الملفات السياسية إلى جانب ملف المساعدات الإنسانية. وفي هذا الصدد برز تصريح للسفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو بعد لقائها برئيس الحكومة نجيب ميقاتي إذ قالت: "التقيت الرئيس ميقاتي في إطار اللقاءات المعتادة معه، ووضعته في أجواء اللقاءات المشاورات التي عقدتها في باريس حول لبنان مع رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون. وعرضنا في هذا اللقاء أيضاً الأوضاع السياسية والمؤسساتية في البلد. وشددتُ على ضرورة سير عمل كل المؤسسات، ومن بينها انتخاب رئيس للجمهورية وضرورة وجود حكومة بإمكانها العمل لحل كل المسائل التي يريد اللبنانيون إجابات عليها". ورداً على سؤال عن المشاورات الفرنسية مع الولايات المتحدة والسعودية من اجل انتخاب رئيس للجمهورية، قالت: "إن فرنسا تعمل مع كل الشركاء حول هذه المسألة".


سلوك حزب الله

وهنا لا بد من العودة إلى بدايات التفكير في انعقاد لقاء باريس، والذي كان فكرة لدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. إذ طرح الأمر على المسؤولين السعوديين، ولكن اقتراحه في حينها تضمن إمكانية دعوة إيران، ولذا رفض السعوديون ذلك. فيما بعد، تحول النقاش إلى عقد لقاء بين فرنسا، أميركا، السعودية وقطر، للبحث في الأمور السياسية والمساعدات الإنسانية، وتمت الموافقة من حيث المبدأ، فيما استمر التواصل من أجل تحديد موعد هذا اللقاء، وسط تضارب في التقديرات حول ما يمكن أن يحققه اللقاء.

في موازاة ذلك، يبرز السؤال الأساسي في الداخل، إذا ما كان هناك إمكانية لحصول تسوية سعودية إيرانية حول لبنان؟ خصوصاً أن سلوك حزب الله يشير إلى الانفتاح والسعي إلى اتفاق، بالإضافة إلى ترتيب علاقاته مع غالبية القوى، ولا سيما التهدئة مع السنّة. وربما ذلك ينعكس في محاولات الحزب للتخفف من العلاقة مع التيار الوطني الحرّ، فيما هناك من ينقل عن رئيس مجلس النواب قوله بأنه في حال أحسنت الإدارة، يمكن الوصول إلى تسوية خلال أسابيع. دون ذلك، ثمة مؤشرات أكثر خطورة عن حالة الفوضى المرتقبة والتي ستتزايد في المرحلة المقبلة، بحال لم يتم التوصل إلى صيغة تسوية.

تعليقات: