اربعون الياس الفرزلي: حقيقة لبنان ومعاني العروبة

كانت القضايا الكبرى: قضايا فلسطين، والعراق ولبنان تعيش في ضميره
كانت القضايا الكبرى: قضايا فلسطين، والعراق ولبنان تعيش في ضميره


لئن غيّب الموت جسد الاستاذ الياس الفرزلي شأنه شأن كل البشر، فان صوره الشخصية الفذة التي جسدت حقيقة لبنان، ومعاني وجود العروبة، تبقى خالدة، لأنه الرجل الذي سوف تبقى صورته تجمع باقة حية من الفضائل السامية. وسوف يظل في ذاكرة الأمة، نفحة من نفحات بيروت والقرعون، وكل لبنان، وشامة على حد الثقافة، تزين عواصم العروبة والنضال العربي.

فالياس ظل مؤمناً بالعروبة كهوية وحضارة، بالرغم من تسرّب رياح الشك في مستقبل الأمة، وقد ظل في طليعة من قاوموا موجات التيئيس، ومن جعلوا المقاومة الحضارية هوية ثابتة لهم.

والياس الفرزلي بقي محتفظاً بالحب للجميع، لأن الحب في يقينه يبقى البلسم الشافي لكل أزمات النضال العربي والحياة العربية.

كانت القضايا الكبرى: قضايا فلسطين، والعراق، وفي مقدمتها قضية لبنان تعيش في ضميره. لبنان الذي حاولوا ان يضيّعوه، ويغيّبوا هويته، ويطمسوا دوره الحضاري في حياة الأمة.

الياس الفرزلي حامل الهموم المصيرية، لم يشأ أن يحصر نضاله في مجال واحد او في صفحة واحدة ولا ان يكتفي بأن يكون محامياً لامعاً، يدافع عن حق تعرّض للظلم، وأن يتصدى لأنواع الخلل التي تفسد معنى (العدالة)، ولا ان يكون مجرد كاتب وصحفي ماهر، وهو ما كان فارساً من فرسانه، لأنه كان في ثقافته، وفي مهنته، وفي انشطته البارزة، مرتبطاً بمعنى الرسالة، وما تتطلبه من نضال وفضائل استثنائية.

فالياس - هذا المعلم بدون مهنة - ظل يعطي دروساً في التضحية والعطاء والوفاء، والتنوير، ويقاوم الغش والتزوير في الحياة السياسية، ويحتفظ بالتفاؤل بالرغم من قتام المرحلة.

فغياب الاستاذ الياس، تذكير دائم بهذه الفضائل، التي بقيت حية بفضل هذا المستوى من التجسي الحي للجهاد الحضاري المؤمن بأن طريق الامة صاعد وصاعد، بالرغم من النكسات والازمات.

فالياس، ليس حالة فردية مفردة، بل هو تجربة وطنية وقومية لطليعة الامة.تميز فيها - شأن الكبار من هذا الجيل - بمستوى فذ من المعاناة، فهو يستحق ان يفهم من ابناء جبله، فهما أعمق، ولكي نحسن وضعهم في مستوى الخالدين.

فالياس، اسم يقترن بأنبل الصفات، وبصورة الفارس الامهر والاجمل من فرسان الكلمة.

ان هذه الصورة البهية، سوف تبقى لانها شيعته الى دار الخلود.

تعليقات: