قرارات الدولة تحوّل « موعات الدولار» إلى أسواق فلافل وأفوكا!

لم يكن نهار الاثنين يوماً طبيعياً في سوق الدولار الأسود
لم يكن نهار الاثنين يوماً طبيعياً في سوق الدولار الأسود


لا يُبالي الصرّاف الذي يعمل تحت جسر الصفير بكل قرارات الدولة اللبنانية، تحديداً القضائية منها. فلا التهديد بتوقيفه ينفع، ولا الأخبار المتداولة عن قيام جهاز أمن الدولة بمداهمة المضاربين على الليرة اللبنانية تؤتي أكلها: "فعندما تقوم الدولة بواجبها تجاه شعبها، يحق لها عندها فرض قوانينها بالقوة"، يقول الشاب العشريني لـ"المدن".


ضخّ إعلامي وقنابل صوتية

لم يكن نهار الاثنين يوماً طبيعياً في سوق الدولار "الأسود"، فكمية الضخ الإعلامي الذي حملته أيام نهاية الأسبوع بخصوص المصرف المركزي واجتماع مجلسه والقرارات المتوقع أن تصدر عنه كانت كبيرة، وكفيلة بتجميد عمليات البيع والشراء الضخمة التي كانت تحصل يومياً الأسبوع الماضي. فشهد السوق ما يسميه الصرّافون والمضاربون "ترييحة"، خفضت سعر الصرف إلى حدود 57 ألف ليرة عصر الإثنين.

انتهى اجتماع المجلس المركزي وتبين أن اجتماعه تمخّض "فأراً". فمدّد العمل بالتعميم 161، الذي يتيح إجراءات استثنائية للسحوبات النقدية، وذلك حتى 28 شباط 2023، ما يعني أنه مدّد العمل بصيرفة حتى نهاية شباط من دون أن يعلن نيته تعديل سعرها. وهو ما كان سُرّب عبر وسائل الإعلام نهاية الأسبوع. لكن هذا الأمر -حسب مصادر "المدن"- لا يعني أن المصرف قرّر عدم تغيير السعر، إذ أن الخيارات كلها متاحة أمامه، وسعر صيرفة قد يتبدل.

لم يكن لقرارات المركزي التي صدرت تأثير إيجابي على سعر صرف الدولار، فعاد ليرتفع السعر إلى 58500 ليرة، بعد أن اكتشف تجار السوق السوداء أن قرارات المجلس المركزي كانت "قنبلة صوتية" ليس إلا، ولو أن مقربين من المصرف تعمّدوا تسريب أخبار تقول بأن رياض سلامة بصدد اتخاذ تدابير جذرية تخفض سعر صرف الدولار بنسبة كبيرة.

يقول أحد صرافي السوق السوداء لـ"المدن": "تراجع سعر الصرف بسبب عدم طلب مصرف لبنان للدولارات نهاية الأسبوع. وهذا يؤكد ما كنا نقوله بأنه الوحيد القادر على خفض السعر"، مشيراً إلى أن لا داعي لتعاميم وغيره، فعندما يترك المركزي السوق ينخفض السعر بشكل تلقائي.


استهزاء بالدولة ..

إلى جانب انتظار قرار المركزي، كان لافتاً التدخل القضائي بالسوق السوداء الإثنين، إذ "وجّه المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات كتاباً إلى النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، طلب فيه تسطير استنابات قضائية فورية إلى أفراد الضابطة العدلية كافةً (قوى الأمن الداخلي- الأمن العام - أمن الدولة - جمارك - مخابرات الجيش) بغية إجراء التعقّبات والتحقيقات الأولية كافةً والعمل على توقيف الصيارفة المضاربين على العملة الوطنية والتسبّب بإنهيارها، واقتيادهم مخفورين إلى دائرة النيابة العامة المالية لإجراء المقتضى القانوني وإفادته بالنتيجة بالسرعة الممكنة"، لكن لم يكن لهذا القرار مفاعيله الكبيرة، أقله في بيروت وضواحيها، حيث استمر صرافو الشارع بممارسة مهامهم بشكل طبيعي.

لم يكتف الصرافون بمتابعة العمل، بل وصل الاستهزاء بقرارات الدولة إلى حدّ قيام القيمون على "مركزيات" الدولار، و"غروبات" الواتساب، بتغيير أسماء هذه المجموعات، عبر إدخال "الأكل" عليها، فتحولت الأسماء إلى سوق للطعام والخضار والفواكه، وتحول الدولار إلى "أفوكا" على إحدى المجموعات، وإلى فلافل على أخرى، بينما تحولت بعض المجموعات إلى "سوق للألبسة" و"الأحذية".

لا يعكس هذا التصرف سوى "ثقة" المضاربين والصرافين بعدم قدرة الدولة على توقيفهم، لأنهم يعلمون جيداً أن اغلب عملياتهم الكبيرة تهدف لجمع الدولار لصالح مصرف لبنان، الذي يشكل أكبر "مشتري" لدولار السوق السوداء.

تعليقات: