المنتجات الثانويّة لشجرة النّخيل: ثروة عربيّة مهدورة

من نخيل الامارات العربية
من نخيل الامارات العربية


"الأمة العربية هي المالك الحقيقي لثروة نخيل التمر؛ فعندها تقريباً 80% من هذا النخيل، إضافة إلى ميراث حضاري وتقني ثري عن النخلة واستخداماتها المختلفة في كل مناحي الحياة. وهذا الكتاب هو دعوة عالمية إلى إعادة اكتشاف منتجات نخيل التمر علمياً وتكنولوجياً".

بهذه العبارات بدأ الأكاديمي المصري الدكتور حامد الموصلي حديثه مع "النهار العربي"، متطرقاً إلى كتابه الجديد الذي نشره بعنوان "المنتجات الثانوية لنخيل التمر: قاعدة مادية مستدامة للاقتصاد الحيوي الدائري"، وإلى أهمية هذه الشجرة المباركة وضرورة الاستفادة منها في دفع عجلة التنمية في البلاد العربية.

ويشرح الموصلي، أستاذ الهندسة في جامعة عين شمس المصرية، ورئيس مجلس إدارة "الجمعية المصرية للتنمية الذاتية للمجتمعات المحلية"، أن الإصدار الجديد يمثل دعوة للجميع، ولا سيما الدول العربية، إلى بناء قدراتها العلمية والتكنولوجية الذاتية من خلال الاستخدام الرشيد والمبتكر لكل موارد هذه الشجرة المباركة، من خلال التفاعل علمياً وتكنولوجياً وتنموياً مع هذا الكنز المستدام من المواد المتجددة.

ويلفت الموصلي إلى أن الكتاب الصادر بالإنكليزية عن دار نشر Springer التي تعد من أكبر دور النشر في العالم، وساهم معه في إعداده د. محمد الميداني ود. إيمان درويش، يدعو الأمة العربية إلى التعامل مع المنتجات الثانوية لنخيل التمر كقاعدة مستدامة لعشرات الصناعات التي يمكن أن تقام في الدول العربية وتوفر الملايين من فرص العمل المستدامة في مجالات متنوعة.


أهميّة حضاريّة وإيكولوجيّة

يوضح الموصلي أن المنتجات الثانوية لنخيل التمر هي الأوراق ونهايات الأوراق والعراجين وأكواز حبوب اللقاح والليف ونوى التمر، وهي تنتج من عمليات التقليم السنوي، وكذلك جذوع النخيل غير المنتج من عمليات تجديد زراعات النخيل. ويعرب عن أسفه لأن هذه الثروة المستدامة من المواد المتجددة غالباً ما تعامل كنفايات، فتُحرق حرقاً مكشوفاً أو تُرسل إلى مدافن النفايات، مع أنها يمكن أن تمثل قاعدة مادية مستدامة للعديد من الأنشطة الصناعية التي تلبي حاجات أساسية للمجتمعات العربية، وتعتبر منطلقاً لبناء الاقتصاد الحيوي الدائري Circular Bioeconomy.

ويشير إلى الأهمية البالغة التي احتلتها شجرة النخيل في المجتمعات، باعتبارها كانت مكوّناً أساسياً لغذائهم، كما أنها من الناحية الإيكولوجية مثلت أساس الحياة النباتية والحيوانية والإنسانية في شبه الجزيرة العربية، حيث كانت توفر المناخ المحلي للتغلب على ظروف شدة الإشعاع الشمسي وارتفاع الحرارة والرياح الصحراوية والجفاف الشديد، وتعمل على توفير المحتوى الرطوبي العالي للتربة الذي يحتاج إليه النبات كي ينمو.


المنتجات الثانويّة

استخدمت هذه المنتجات سابقاً في مجالات عدة كالتسقيف والتسوير والأثاث وصناعة الأقفاص والقوارب، وصناعة الحبال والشباك والحقائب والمقشات، إضافة إلى دعائم البناء وصناعة الأبواب.

ويعدد الموصلي أهم الاستخدامات الحديثة والمستقبلية لهذه المنتجات، ومنها استخراج البيروكسيداز Peroxidase، وهو إنزيم ذو قيمة مضافة عالية، من خوص النخيل ونوى التمر، كما تم استخدام خوص النخيل وجريده في إنتاج البروتين الميكروبي، واستخلاص الكاروتينات Carotenoids من مخلفات التمر. كذلك استخلصت كريمات مقاومة للشيخوخة وأنواع من الشامبو، إضافة إلى الشمع الطبيعي المستخدم في منتجات التجميل والأغراض الصيدلانية.


وتستخلص من المنتجات الثانوية أيضاً الألياف السليلوزية، والأليف النسيجية، وبدائل الأخشاب، ومواد تستخدم في أغراض البناء كبديل للخرسانة والصلب، ومواد لها خواص العزل الحراري، ومواد تستخدم كمخصبات عضوية وأعلاف للحيوانات، إضافة إلى مواد تسهم في معالجة مياه الصرف الصحي عبر إزالة الكادميوم والمواد السامة الأخرى منها.

ويقول الموصلي إن هناك دراسات أظهرت إمكان إنتاج الإيثانول من مخلفات التمور ونواتج تقليم نخيل التمر، وبذلك تعتبر مصدراً للوقود الحيوي الذي بات الطلب عليه كبيراً في دول العالم. كما أظهرت دراسات أخرى استخدام بعض المنتجات الثانوية نخيل التمر في الصناعات الكيماوية كمذيب في صناعة الراتنجات، وكمذيب لفصل المركبات المشبعة من غير المشبعة في صناعات تكرير البترول ووقود الديزل، وكمبيد للفطريات والأعشاب.

مزرعة الراجحي.
مزرعة الراجحي.


تعليقات: