مصرف اللبناني الفرنسي في محلة المنارة ـ زحلة
بطريقة استفزازية لا تخلو من العمل الجرمي، يجري سلب أموال النازحين السوريين عنوة، من دون حسيب أو رقيب. بكل بساطة يحصل الأمر. يقف ستة شبان أمام مصرف اللبناني الفرنسي في محلة المنارة ـ زحلة، يفرضون سطوتهم على النازحين السوريين، يصولون ويجولون أمام ماكينة الصراف الآلي، وتحت أنظار الحارس الأمني للمصرف، ويقتطعون من قيمة المساعدات المالية المرسلة لهم من قبل المفوضية العليا لشؤون النازحين السوريين مبلغ 800 ألف ليرة.
أمام المصرف الوحيد الذي خصص لدفع المساعدات، ويقصده آلاف السوريين من كلّ البقاع وبعلبك الهرمل (باستثناء عرسال لتخصيص المصرف اللبناني الفرنسي صرافاً آلياً لها)، ينتظر مئات السوريين دورهم لقبض المساعدة المالية والغذائية، فيما الشبان الستة ينهرون هذا، ويتلفظون بعبارة بذيئة بحق ذاك، ويأخذون مسألة القبض من الصراف الآلي على عاتقهم. بطاقات الغالبية معهم، وينظمون الدور على أولوية من منحهم البطاقة وسلمهم أمره، فيقبضون الأموال مقتطعين ما قيمته 800 ألف ليرة لبنانية من كل اسم وبطاقة، وإذا سألهم أحدهم بأن المبلغ ناقص يكون الردّ: «هلقد جاييك مصاري، وهلقد طلع من الماكينة». وفي حال ذهب أحدهم أكثر في الاعتراض يبدأ التهديد: «روح افرقنا بريحة طيبة يا...».
هذه إحدى العبارات التي وجهت للسوري محمد خ. الذي أكد لـ«الأخبار» أن ما لفت انتباهه هو التواطؤ بين الشبان ورجل الأمن الذي يضع على صدره بطاقة المصرف. الرجل المعيل لخمسة أولاد وزوجة أكد أنّه يستحق، بموجب الرسائل المرسلة له من المفوضية، ما قيمته أربعة ملايين ليرة، إلا أنه «بعد الصراخ والإهانات، أخذ أحدهم البطاقة مني وأعطاني 3 ملايين و 200 ألف ليرة وغادرت مع ابن عمي الذي كان برفقتي وقبض أيضاً مساعدته ناقصة 800 ألف» .
أحمد ع. تعرّض للأمر نفسه، وأوضح لـ«الأخبار» أنّه رفض بداية تسليم البطاقة، إلا أن الشباب «كانوا يسيطرون على المشهد بأكمله، مع شتم وتهديد للذي يقترب من الماكينة، ما اضطرني لتسليمهم إياها». وقد تواصل أحمد مع مندوبة المفوضية وسألها ما إذا كانت تقتطع مبلغ 800 ألف ليرة من كلّ نازح، فنفت الأمر. أما السؤال المطروح من قبل الذين تعرّضوا للسرقة والترهيب «كيف يمكن للشبان أن يفعلوا ذلك أمام فرع مصرف، والحارس الأمني والموظفون موجودون في الداخل، من دون أن يتدخل أحد منهم؟».
جهاز أمن الدولة في زحلة، وبعد كشف بعض المعطيات من قبل عدد من النازحين السوريين أمامه، رصد الحركة أمام المصرف في محلة المنارة دوار زحلة، قبل أن توقف دورية تابعة له اللبناني ي.ج. وهو من بلدة الفاعور، والسوري أ. و.، لإقدامهما على سرقة مبلغ مالي من كلّ سوري يقبض مستحقاته من الصراف الآلي. وأشارت مصادر أمنية متابعة للتحقيق أنه جرى توقيف الشابين بينما كانا يقبضان للسوريين باستعمال بطاقاتهم وكلمات السر، مدّعين أنهما «يقومان بذلك لقاء بدل مالي قيمته 100 ألف ليرة فقط لا غير، وهي بدل لمساعدتهم في قبض مستحقاتهم». المصادر الأمنية أكدت أن التحقيق متواصل مع الموقوفين اللذين ضبط بحوزتهما مبلغ مقداره خمسة ملايين ليرة.
في عرسال يختلف المشهد، حيث أن النازحين السوريين يطلبون من سائقي وسيلة النقل الصغيرة «التوك توك»، التوجه إلى الصراف الآلي المخصص لقبض مساعداتهم من المفوضية لقاء مبلغ 150 ألف ليرة متفق عليها في ما بينهم.
تعليقات: