لجين إسماعيل في شخصية معاوية بن أبي سفيان
تونس | كما كان متوقّعاً، بدأت ردود الأفعال تتوالى حول مسلسل «معاوية» (تأليف خالد صلاح ــ إخراج طارق العريان) الذي يُصوَّر في تونس منذ الخريف الماضي. في أحدث تعليق على المشروع الدرامي الذي يتناول سادس الخلفاء في الإسلام ومؤسّس الدولة الأموية في الشام وأوّل خلفائها معاوية بن أبي سفيان، طالب زعيم التيّار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، أخيراً شبكة mbc السعودية المنتجة للعمل بصرف النظر عن عرضه لأنّه يجدّد «الجرح الإسلامي». وكتب الصدر على حسابه على تويتر: «أرى من الأجدر والأفضل بل المتعيّن أن تتراجع قناة الـ «أم بي سي» عن بثّ مسلسل درامي بخصوص (معاوية)، فهو رأس الفتنة الطائفية وأوّل من سنّ سبّ الصحابة، وأوّل من خرج على إمام زمانه وشقّ صفّ الوحدة الإسلاميّة، وأوّل من قتل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم». واعتبر في الوقت نفسه أنّ «بثّ هذه المسلسلات مخالف للسياسات الجديدة المعتدلة التي انتهجتها المملكة العربية السعودية الشقيقة». وأضاف: «لا داعي لجرح مشاعر إخوتكم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها».
تدور كاميرا طارق العريان في تونس منذ الصيف الماضي، بين مدن الحمامات والمنستير والقيروان وتوزر، فيما خُصّصت له ميزانية ضخمة تُقدّر بـ 100 مليون دينار تونسي (حوالي ثلاثة ملايين دولار أميركي)، ومن المقرّر أن يشارك في السباق الدرامي في رمضان عام 2023. العمل الذي تدور أحداثه في إطار ملحمي، يتطرّق إلى الفتنة الكبرى التي أحدثت شرخاً للأمة الإسلامية، أي الفترة التي تبدأ بالفتنة، بعد استشهاد الخليفة عثمان بن عفان، مروراً بتولّي الإمام علي، ثم استشهاده وتولي الحسن، ثم تنازله وتولي معاوية، وتولي يزيد، وحتى استشهاد الحسين في كربلاء. كما يتناول أحداث معركتَي الجمل وصفين.
على صعيد الممثّلين، يؤدي السوري لجين إسماعيل دور معاوية في حين يجسّد الأردني إياد نصّار دور علي بن أبي طالب، كما يشارك فيه عدد كبير من الممثلين التونسيين، من بينهم: عائشة بن أحمد، وجميلة الشيحي، وسهير عمارة التي تقدّم شخصية هند بنت عتبة، وجمال المداني، ومنصف العجنقي، ومراد الغرسلي، وغيرهم. وكان النجم التلفزيوني مهذب الرميلي قد رفض المشاركة في العمل، إذ طالب بأن يكون أجره مساوياً لأجور الممثلين العرب.
إذاً، يعود المسلسل بالذاكرة العربية الإسلامية إلى مرحلة مفصلية معروفة بـ «الفتنة الكبرى». بدأت الأزمة السياسية بعد مقتل علي وابنه الحسين، وهو الخلاف الدموي الذي كانت فيه عائشة، أصغر زوجات النبي محمد، طرفاً. خلاف حُسم بحدّ السيف وإعلان معاوية نفسه أميراً للمؤمنين وتأسيس الدولة الأموية وتولّي ابنه يزيد الحكم. واقعة أطلقت عليها الباحثة التونسية بثينة بن حسين اسم «الفتنة الثانية». فكيف سيتعامل النص مع شخصية تُعتبر الأكثر مراوغة وغموضاً بين الخلفاء الأوائل حتى يومنا هذا؟ لكن على الرغم من كلّ الملاحظات التي قد تُسجّل على معاوية كحاكم وإنسان، لا شكّ في أنّه سياسي بارع استطاع أن يظلّ خليفة للمسلمين لما يقرب عشرين عاماً، مُسيطراً على إمبراطورية هائلة بلا منازع.
ومن المتوقّع ألّا يتوقّف الهجوم على المسلسل عند مقتدى الصدر، خصوصاً مع اقتراب شهر الصوم. هناك من يرجّح أن تشمل «الأزهر» أيضاً، الذي اعتاد الاعتراض على ظهور الصحابة. فظهور علي بن أبي طالب سيكون موضع جدل تماماً كما حدث مع عمر بن الخطّاب سابقاً. جدل لا بدّ من أنّ صنّاع المسلسل يتوقّعونه، ما دفعهم إلى إحاطة «معاوية» بالكثير من السرّية والقيام بعمليات التصوير بعيداً عن العدسات والصحافة.
تعليقات: