دعاوى قضائية تنهال على المصارف.. والعقوبات تقترب من سلامة

وقع سجال بين أصحاب المصارف في اجتماعهم الأخير (Getty)
وقع سجال بين أصحاب المصارف في اجتماعهم الأخير (Getty)


تستمر المصارف اللبنانية بإغلاق أبوابها في إطار إضراب مفتوح، احتجاجاً على القرارات القضائية التي طالت عدداً من المصارف، لاسيما بنك عودة، على خلفية تمنّع المصرف عن الاستجابة لطلب معلومات مصرفية.

لم تُحرَج ولم تخجل جمعية المصارف من تبرير إضرابها بضرورة تشريع قانون الكابيتال كونترول، لوقف الحجوزات على موجوداتها، ولإسقاط طلبات رفع السرية المصرفية عن حسابات مدرائها. باختصار، تقفل المصارف أبوابها منذ مطلع الأسبوع الجاري لابتزاز السلطة من خلال المودعين والعملاء المصرفيين، بهدف إقرار قانون يعفيها من الملاحقات القضائية ويعلّق مسار العدالة.


خلافات حول التصعيد

تقفل المصارف أبوابها بوجه العملاء منذ أيام، مع الإبقاء على صرافاتها الآلية في خدمة شريحة من الزبائن خصوصاً الموظفين، غير أن المرحلة الثانية من الإضراب بدءاً من يوم الأربعاء 16 شباط، لم تكن كما المرحلة الأولى. إذ أن شكل الإضراب بدأ يعكس الخلافات الواقعة بين أعضاء جمعية المصارف، فمنها من استمر بإغلاق الفروع المصرفية وتغذية الصرافات الآلية بالليرة والدولار، ومنها من توقف عن تغذية غالبية الصرافات الآلية خصوصاً بالدولار، وإن لم تُعلن ذلك رسمياً، إلا أن عملائها يفضحون ممارساتها.

وحسب المصادر، فإن سجالاً وقع بين أصحاب المصارف في اجتماعهم الأخير دار حول تصعيد الإضراب واغلاق الصرافات الآلية. وقد جبه هذا الطرح برفض العديد من المصارف، ما دفع ببعضهم إلى تجفيف الصرافات الآلية والإبقاء على قلة منها.

وفي ظل المستجدات الأمنية المرتبطة بإحراق مجموعة من المودعين عدداً من الفروع المصرفية يوم الخميس في منطقة بدارو، تتجه المصارف إلى تشديد الضغط على السلطة السياسية، في سبيل صوغ حلول تحميها من فورة الشارع والدعاوى القضائية، كي لا تضطر إلى الإغلاق بشكل تام في الأيام المقبلة.


من القضاء إلى الخزانة الأميركية

ممارسات المصارف وتصعيدها في مواجهة القضاء، وضربها حقوق المودعين عرض الحائط، دفع بالعديد من المتضررين إلى اللجوء للقضاء لإحكام الخناق على المصارف. ومن المرتقب أن تبلغ المواجهة بين المصارف والقضاء ذروتها خلال الأيام القليلة المقبلة، مع إقامة دعاوى قضائية جديدة من جهة، والبت بشكوى النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون ضد عدد من المصارف، التي لم تتجاوب مع قرار رفع السرية المصرفية.

وعلى الضفة الأخرى من القطاع المصرفي، يترقّب مصرفيون بقلق بالغ ما ستؤول إليه التحرّكات الأميركية تجاه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، فيما لو صحّت التسريبات عن أن وزارة الخزانة الأميركية كشفت علاقة سلامة بحزب الله، وأنها على مسافة خطوة واحدة من فرض عقوبات عليه. فلن تكون تلك العقوبات -في حال ثبتت صحتها- بمنأى عن مصرفيين كانوا ولا يزالون شركاءه في كل ما حيك في كواليس البنك المركزي، وراحت ضحيّته المليارات من أموال المودعين.


دعاوى بالجملة

منذ أكثر من 3 سنوات لم تتخذ السلطات في لبنان، بما فيها القضاء، أي إجراءات قانونية فعلية لتنظيم القطاع المصرفي ولجم تطاوله على أموال المودعين، ما دفع بالمودعين أفراداً وجماعات إلى التحرك بوجه المصارف. وقد رفع الحكم اليتيم الذي صدر بحق فرنسبنك مؤخراً مستوى الآمال بنصرة بعض القضاة للمودعين، وترافق ذلك مع إضراب المصارف وتعنّتها، فانهالت الدعاوى على المصارف في الداخل كما الخارج.

وحسب المعلومات، تتّجه رابطة المودعين إلى التقدم بدعوى أمام قاضي الأمور المستعجلة، لإلزام المصارف بالفتح في حال استمرت بالإضراب، لافتة إلى عدم الرضوخ لابتزاز المصارف، التي تمارس الضغوط في سبيل إقرار قانون الكابيتال كونترول لإعفائها من الملاحقات القضائية.

وحسب الرابطة، فإن اغلاق المصارف يؤكد مفهوم توقفها عن الدفع، وتالياً يستلزم تطبيق القانون 2/67 وكف يد مجالس الإدارة وإخضاع المتورطين للتحقيقات، وتعيين مجالس إدارة جديدة.

من جهة أخرى، أعلنت رابطة المودعين أنها تطلق قريباً دعوى ضد مصرف عودة من سويسرا. داعية على كل من يرغب بالانضمام لهذه الدعوى إعلامها سريعاً، وليس شرطاً أبداً أن يحمل الجنسية السويسرية أو الإقامة في سويسرا. مع الإشارة إلى أن مصاريف الدعوى ستكون مدفوعة مسبقاً.

وتفيد المعلومات أيضاً بدرس عدد من المحامين في نقابة محامي بيروت، تحركات قريبة على جبهة القضاء في وجه المصارف، فيما لو استمرت بالإغلاق المتعمّد، واتخاذ اللبنانيين رهينة وحرمانهم من أبسط حقوقهم.

وقد أقامت الدائرة القانونية في تجمّع "روّاد العدالة" دعوى قضائية خلال الأيام القليلة الماضية، عبر المحامييّن هيثم عزُّو وشادي البستاني بوكالتهما عن المودع جلال ناصيف وآخرين على بنك الكويت الوطني ورئيس وأعضاء مجلس إدارته، وذلكَ أمام النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، بجرائم إساءة الأمانة والاحتيال والإفلاس التقصيري والعمدي وضروب الغش، إضراراً بالدائنين وتبييض الأموال والنيل من مكانة الدولة المالية ومتانة النقد الوطني.

وكانت الجمعية اللبنانية لأولياء الطلاب في الجامعات الأجنبية قد تقدّمت بإنذار وإخبار إلى النيابة العامة التمييزية بحق سليم صفير وجمعية المصارف وكل من يظهره التحقيق، وتتجه الجمعية إلى الإنضمام إلى الدعاوى الجماعية بحق المصارف.

إلى ذلك، تقدم محامو تحالف متحدون يوم 15 شباط أمام دائرة التنفيذ في جبل لبنان بوكالتهم عن المودعين المدّعين علاء خورشيد ورفاقه، من جمعية صرخة المودعين، بطلب إعلان الحجز الاحتياطي على أصول وأموال كل من المدّعى عليهم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيسة لجنة الرقابة على المصارف ميه دباغ ومصرف SGBL وصاحبه أنطون صحناوي وشركتي مكتف وPwC.

وعلى صعيد الدعاوى الجماعية للمودعين، فقد سبق لرجلي الأعمال الأردني طلال أبو غزالة والإماراتي خلف الحبتور أن أعلنا التحرك في اتجاه إقامة دعاوى جماعية باسم المودعين خارج لبنان بحق المصارف اللبنانية ومقاضاة المتورطين في اختلاس الودائع المصرفية.

تعليقات: