بيع الجنسيات وجوازات السفر الأجنبية لأغنياء لبنان: عمل مزدهر

عمل هذه الشركات في لبنان تضاعف 4 أو 5 مرات ما بعد العام 2019 (علي علوش)
عمل هذه الشركات في لبنان تضاعف 4 أو 5 مرات ما بعد العام 2019 (علي علوش)


كانت وجهتي باتجاه منطقة الدورة، فصادفني إعلان على الأوتوستراد يعرض عليّ السفر إلى "العالم" من دون فيزا، مقابل 100 ألف دولار أميركي، فتذكرت إعلاناً على إحدى منصات التواصل شاهدته منذ فترة، يروّج لشركة تبيع جوازات سفر تمنح حاملها صلاحية الدخول إلى 150 دولة في العالم من دون تأشيرة دخول.


الوضع اللبناني.. فرصة

عام 2019 بدأ الانهيار في لبنان، فبات الهروب فرصة لمن هو قادر، سواء من خلال الهجرة، أو من خلال البحث عن فرص عمل بالخارج. هذا بالنسبة للفئة الفقيرة والمتوسطة، أما الأغنياء فلهم عالمهم الخاص، وبإمكانهم شراء جنسية ثانية تمنحهم بلداً جديداً، وفرصة حمل جواز سفر يمكّنهم من دخول حوالى 100 إلى 150 دولة حول العالم من دون تأشيرة.

هذه الفرصة قرأتها مكاتب بيع جوازات السفر، وعلى رأسها الشركة صاحبة الإعلان على أوتوستراد الدورة، والتي يؤكد مدير فرعها في لبنان، خوسيه شارو، أن الشركة التي يعمل بها والتي تأسست في سويسرا منذ أكثر من 20 عاماً، وتعمل في مجال بيع وتسويق الجنسيات، هي من العام 2017 مفوضة رسمياً من حكومات دول الكاريبي التابعة لنظام الكومنويلث لتسويق وبيع جنسيتها، مقابل مبالغ مالية تُقدّم على شكل هبة لصناديق النمو فيها أو على شكل استثمارات.

يكشف المدير في حديث لـ"المدن" أن شركته تتواجد في أكثر من دولة حول العالم مثل نيجيريا سنغافورة، دبي وباكستان، وبيروت منذ العام 2019، وهي معروفة، ومن استفاد من خدماتها معروفون ويؤكدون مكانتها، مشيراً إلى أن الكلفة الأرخص للحصول على الجنسية هي 100 ألف دولار للفرد، و160 ألف دولار لعائلة من 4 أفراد، من دون التكاليف التي تُدفع للشركة والتي قد تصل إلى حوالى 20 ألف دولار، وهي مخصصة لدولتي دومينيكان التي أسست برنامج الجنسية الاقتصادية عام 1993، وسانت لوسيا، مشدداً على أن رفض الطلبات المقدمة عبر الشركة نسبته صفر، وهذا ما يميزهم، كونهم مفوضين رسميين من هذه الدول.


إجراءات الحصول على الجنسية

أبرز ما في الإجراءات هو الفحص الأمني الذي تقوم به الشركة المفوضة من الحكومات، والتي تملك فريقاً من الموظفين، لهم صلاحية الدخول إلى لوائح الأنتربول والتأكد من هوية المتقدمين، بالإضافة إلى الفحوص الطبية الضرورية والتي تُثبت خلو الشخص من الأمراض، ومن ثم يُقدم الطلب الذي يُبت فيه خلال 6 أشهر كحدّ أقصى.


طلب لبناني كبير على جوازات السفر

من يملك المال يهتم كثيراً بخدمة من هذا النوع، خصوصاً اللبنانيين الذي يُعانون من مسألة الحصول أو تجديد جوازات السفر، أو يعانون صعوبات بالحصول على تأشيرات. وحسب معلومات "المدن" فقد تقدّم أكثر من 150 لبنانياً، داخل لبنان وخارجه، بطلبات الحصول على جوازات السفر هذه عبر مكتب واحد عام 2022، وأكثر من 400 لبناني بشكل عام. وتُشير المعلومات إلى أن عمل هذه الشركات في لبنان تضاعف 4 أو 5 مرات ما بعد العام 2019.

لا يدخل مدير إحدى الشركات العاملة في لبنان في هذا المجال منذ ما يزيد عن 4 سنوات، زياد كركجي، بأعداد اللبنانيين الذين حصلوا على الجنسيات، لكنه يُشير إلى أن الأرقام تزداد عاماً بعد عام، أولاً بسبب الأزمة التي نعيشها، وثانياً بسبب "شهرة" الشركة بين اللبنانيين، والتي تزداد كلما حصل لبناني على جواز سفر.

ويضيف عبر "المدن": "نحن نعمل مع شركة محاماة مفوضة رسمياً من الدول التي نبيع ونسوق جنسياتها، وصيتنا نكتسبه من خلال التعامل مع الزبائن".


احتمالات "النصب"

عام 2018 انتشرت قضية بيع جوازات سفر "بريطانية" مزورة، تواجد أبطالها في سوريا وتركيا، وكانت تُباع الجوازات عبر صفحة على "فايسبوك"، منها ما كان مسروقاً، ومنها ما كان مزوراً، فهل يمكن حصول الأمر نفسه في لبنان؟

كثيرة هي الشركات والمكاتب التي تبيع جوازات السفر للدول التي لديها نظام تسويق لجنسيتها، واحتمالات "النصب" قائمة وموجودة، وطريقتها حسب مصادر مطلعة تكون عبر الحصول من الزبائن على دفعات مقدّمة لتقديم الطلب، ومن ثم إبلاغ الزبون أن طلبه تم رفضه من حكومة الدولة التي يرغب بشراء جنسيتها. لذلك على الراغبين بشراء جواز السفر أن يتأكدوا من المصدر والشركة التي يتعاملون معها، على أن تكون ذات صيت حسن وتاريخ نظيف، وأن يكون لديها أسماء معروفة استفادت منها، ويمكن الاستفسار عن الشركة من الأمن العام، لأن جوازات السفر التي تصل إلى لبنان عبر الشركات تصل من خلال جهاز الأمن العام، فالحذر واجب، لأن عملية النصب سهلة والدفعات الاولى تبدأ من 5 آلاف دولار لتقديم الطلب.


7 دول تبيع الجنسية

هناك 7 دول حول العالم، يمكن فيها شراء الجنسية نقداً، ولكل منها نظام جنسية خاص بها، هي "سانت كيتس ونيفيس"، "سانت لوسيا"، "دومينيكان"، "غرينادا"، "أنتيغوا وبربودا"، "تركيا" التي تعتبر غالية بعض الشيء، اذ تُلزم طالب الجنسية بدفع مبلغ لا يقل عن ربع مليون دولار، و"الجبل الأسود" (مونتينغرو).

تعليقات: