إقفال الدوائر الرسمية مستمر: المواطنون خارجون عن القانون

النافعة، العقارية، الادارات العامة، المدارس الرسمية.. شلل شبه تام(المدن)
النافعة، العقارية، الادارات العامة، المدارس الرسمية.. شلل شبه تام(المدن)


"نصحني أحد الأصدقاء أن أتوجه الى أقرب محل لتحويل الأموال وأدفع مستحقات "الميكانيك" على سيارتي، قبل رفع السعر من قبل المجلس النيابي، خصوصاً أن "الميكانيك" يُدفع من دون إجراء معاينة بسبب إقفال المركز والخلافات الكبيرة التي تُرافق عمل الشركة المشغلة لهذا المرفق. شعرت بسعادة عارمة بعد نجاحي بمعاملة الميكانيك عبر النظام الذي يعمل كل ثلاثاء، أربعاء وخميس. فدفع مبلغ 8 دولارات تقريباً في هذا الزمن لهذه الخدمة يعتبر بمثابة إنجاز بظل توقف كل المعاملات الرسمية الأخرى في الدولة اللبنانية". هو لسان أحد المواطنين في وصف "إنجازه" معاملة يفترض أن تكون بديهية.


دوائر رسمية "ما في"

رغم كل محاولات ترميم أحوال الموظفين في الدولة اللبنانية، بقيت المعالجات قاصرة عن تأمين سير المرافق العامة بشكل طبيعي، فأصبح الشعار "دوائر ما في"، يعكس صورة انهيار البلد. ومعلوم أن الدوائر المتوقفة عن العمل تُعتبر رافداً أساسياً من روافد الخزينة العامة للدولة، وغيابها يعني خسارة مالية كبيرة لا تُعوض سوى بطبع مزيد من العملة، أي مزيد من الإنهيار.

ما بين إضراب الموظفين، وحملات مكافحة الفساد في الدوائر، لم يعد بالإمكان إنجاز أي معاملة، ما يعني أن كثيراً من اللبنانيين سيجدون أنفسهم "خارجين عن القانون" على الطرقات العامة. فلا إمكانية للحصول على دفاتر قيادة لمن لا يملكها، ولا فرصة لتسجيل سيارة قبل وضعها على الطرقات، بسبب إقفال النافعة، ولا إمكانية بحسب معلومات "المدن" سوى لدفع الميكانيك و تجديد رخص السوق البيومترية عبر المشغل البريدي، مثل "OMT".

بحسب مصادر مطلعة، لا يبدو أن النافعة ستعمل قريباً. فالموظفون انفسهم يسألون ولا يحصلون على جواب بشأن العودة الى العمل، وتكشف المصادر أن هناك صعوبات يستوجب حلها قبل العودة إلى العمل، منها ملف التوقيفات الذي أثّر على حسن انتظام المرفق، ووضوح الصلاحيات الإدارية للموظفين، الى جانب مسألة الرواتب وبدلات النقل، معتبرة أنه بحال فتحت الدوائر أبوابها فسيكون إنتاجها قاصراً عن تلبية كل الاحتياجات، ما يعني استمرار هذه الازمة.

لا تتعامل القوى الأمنية بحزم مع عدم تجديد دفاتر السوق، لكن شركات التأمين بحسب مصادر "المدن" تفعل ذلك، فهي تنتظر الثغرة القانونية التي تنفذ منها لعدم تغطية الزبون، ولا شكّ أن إغلاق النافعة يؤذي المواطنين من هذه الناحية. أما لجهة عدم تسجيل السيارات وقيادتها، فهنا تكون القوى الأمنية بالمرصاد، وتتشدد بهذه المسألة، بحسب المصادر.


العقارية.. كالنافعة

ليست النافعة وحدها من تُقفل أبوابها بوجه اللبنانيين، فالعقارية أيضاً مقفلة بعد توقيفات بالجملة في أكثر من مركز، وبسبب إضراب الموظفين فيها بسبب ارتفاع أسعار المحروقات. وبالتالي، لا إمكانية للحصول على رخصة بناء أو إزالة إشارة عن عقار أو تسجيل عقار أو أرض. وفي هذا السياق، يبدو ملفتاً للإنتباه أعداد اللبنانيين الذين ينتظرون كل ثلاثاء وخميس من كل أسبوع للحصول على موافقة "الإسكان" لتسديد قروضهم بكاملها بظل انهيار الليرة، حيث تُشير معلومات "المدن" الى وجود آلاف الطلبات المقدمة للتسديد، والتي تُلبى من قبل عدد صغير جداً من الموظفين، وبحسب المعارف.

تشير مصادر متابعة إن إضراب "العقارية" مستمر مع إضراب رابطة موظفي الإدارة العامة، وبحال عادت الأخيرة عن إضرابها تفتح العقارية أبوابها، في المراكز التي يوجد فيها موظفون.


حتى الرشوة لا تلبي الطلب

بانتظار البدء بآلية جديدة منذ السادس من آذار المقبل للحصول بشكل شبه عادي على جواز السفر، كما جاء على موقع الأمن العام ، فان ذلك صعب جداً إلى اليوم. كما ليس سهلاً الحصول على إخراج قيد بسبب أزمة نقص الطوابع المالية، والتي سيبدأ حلها خلال أيام من خلال دفع بدل الطابع نقداً لدى أمانة السجل العدلي، أو عبر دفعها بمراكز تحويل الأموال، مقابل الحصول على "إشعار" بالدفع يمكن المواطن من طلب اخراج القيد أو وثائق الولادة والوفاة.

رغم ذلك، يمكن"التفاؤل" بالنظر إلى "النصف الممتلئ من الكوب" في هذه الأزمة وهي توقف الرشوة، فحتى لو أراد المواطن والموظف التورط برشوة، لن يكون ذلك سهلاً بسبب إقفال الإدارات والدوائر. ومن سخرية الأمور في لبنان أنه، حتى الرشوة، لم تعد قادرة على تأمين متطلبات المواطنين، وهذا يعكس انحلال الدولة بشكل كامل.

بعد زمن الكورونا، نشأت اجيال في لبنان من دون تعليم،. والطلاب في المدارس الرسمية يعانون من الإضرابات الطويلة. ومن انضم لأسر المدارس الخاصة يُعاني من الأقساط المرتفعة. فالدولة عاجزة عن ضمان حق التعليم، ناهيك عن حقوق إنسانية أخرى كالطبابة والسكن، وهي عاجرة عن تأمين ابسط المعاملات الرسمية، والاوراق الثبوتية، فما الذي بقي من مفهوم الدولة"؟

تعليقات: