الجريمة فيها الكثير من التفاصيل والخلفيات الانتقامية المروعة (يحيى حبشيتي)
تشييع الشيخ الرفاعي: خمسة متهمين اعترفوا بالجريمة!
تعيش بلدة القرقف العكارية، والشمال عمومًا، صدمة كبيرة جراء ظروف مقتل الشيخ أحمد الرفاعي. وعكس مقتل الشيخ مستوى مروعاً من التخطيط الإجرامي، وتطوير القتلة لـ"فنون" الجريمة، بفعل الانتشار العشوائي للسلاح، وازدهار نشاطهم الانتقامي في ظل انحلال الدولة ومؤسساتها.
تفاصيل الجريمة
ويكشف مصدر قضائي متابع للتحقيقات لـ"المدن"، أن مدبري الجريمة هم خمسة أشخاص، معظمهم من آل الرفاعي ومن بلدة القرقف. وأبرز المخططين والمنفذين هو علي الرفاعي، ابن رئيس بلدية القرقف يحيى الرفاعي. وتمكن فرع المعلومات من القبض على هؤلاء، واعترفوا بجريمتهم، وأقروا بمكان إخفاء جثة الرفاعي، بعد وضع سيارته قرب مستشفى الهيكلية. ورمى هؤلاء جثة الشيخ الرفاعي تحت كومة من التراب بعمق ثلاثة أمتار، قرب مكب للنفايات في عيون السمك القريبة من القرقف.
ويكشف المصدر القضائي أن القاتل علي الرفاعي وأعوانه قاموا بتعذيب الشيخ الرفاعي، وضربوه على رأسه، قبل أن يقتلوه بطلقات الرصاص، بانتظار النتيجة الرسمية لكشف الطبيب الشرعي على الجثمان.
وتوجهت القوى الأمنية فجر الأحد إلى مكان إخفاء الجثة، وتمكنت من سحبها ونقلها إلى المستشفى الحكومي في طرابلس. وظهر اليوم، انطلق موكب لنقل جثمان الشيخ من المستشفى الحكومي إلى بلدة القرقف للصلاة عليه وتأدية مراسم الدفن، وسط حالة احتقان كبيرة تعم البلدة وفي نفوس عائلة الشيخ.
خلفيات الجريمة
وسبق أن أكد مصدر قضائي لـ"المدن" أن عملية الاختطاف مرتبطة بإشكال مناطقي مزمن بين الشيخ الرفاعي ورئيس بلدية القرقف الشيخ يحيى الرفاعي وعائلته، قبل أن يتورط ابنه بتنفيذ خطة الجريمة. أي إن الوصف الدقيق لخلفيات عملية الخطف، عائلي - مناطقي، رغم كل محاولات تسييس الجريمة، خصوصًا ما تداول من معلومات بأن رئيس البلدية مع عائلته ينتمون إلى سرايا المقاومة، ولديهم خلاف سياسي كبير مع الشيخ المقتول، الذي كان يركّز بخطب الجمعة على مهاجمتهم ومهاجمة خطهم السياسي.
غير أن الإشكال الفعلي، يعود إلى صراع النفوذ بالمنطقة، وسبق أن قال غيث، نجل الشيخ المغدور، لـ"المدن"، إن والده كان ينوي الترشح للانتخابات البلدية هذا العام. وقال ابنه أيضًا، إن رئيس البلدية مع أعوان له سبق أن أطلقوا الرصاص على شقيق الشيخ أحمد الرفاعي وابن شقيقته، و"قبل نحو عام أرسل مسلحين إلى والدي وهدده بالقتل".
وعلمت "المدن" أن القاتل علي الرفاعي كان لا يتنقل بين أهالي البلدة إلا مسلحًا ومتباهيًا بسلاحه، ويستمد نفوذه من والده ومن حالة التسيب الأمني الشمال، ما يدفع للتساؤل عن مدى تورط رئيس البلدية بالتخطيط للجريمة خارج مسرحها الفعلي.
ويذكر أن الخاطفين القتلة استدرجوا الشيخ أحمد إلى خلف الجامعة العربية في ميناء طرابلس بعد عودته مساء الاثنين الفائت من منطقة البداوي (راجع المدن).
ويقول المصدر القضائي لـ"المدن" إن هذه الجريمة فيها الكثير من التفاصيل والخلفيات الانتقامية المروعة، وسيعلن عنها كاملة لاحقًا.
مواقف رسمية
وعلى الفور، أصدرت عائلة الرفاعي بياناً، اليوم الأحد، نعت فيه الشيخ أحمد شعيب الرفاعي، الذي تعرض للاختطاف والقتل على يد أحد أقربائه. وأعلنت العائلة أن مراسم دفن الشيخ الرفاعي ستُقام اليوم، مناشدة الجميع عدم إطلاق الرصاص. ودعت الجميع إلى التحلي بروح الصبر وعدم الانجرار وراء الفتنة، شاكرة المسؤولين والقوى الأمنية على جهودهم في كشف الحقيقة وتوقيف الجناة والفاعلين.
من جانبه، أكد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أن "خطف الشيخ أحمد شعيب الرفاعي وقتله، حادث مفجع ومؤلم وجريمة مروعة، وهذا أمر محرم شرعاً ولا يمت إلى القيم الأخلاقية والإنسانية". وقال في بيان: "كرامة العلماء ستبقى مصانة، ولن نسمح لأحد بالنيل من العلماء، مهما كان الخلاف إلا تحت القانون بالتعاون مع دار الفتوى الحريصة على علمائها وعلى سلامة وأمن المجتمع اللبناني".
ودعا المفتي أجهزة الدولة الأمنية والقضائية إلى "الإسراع في إنهاء التحقيقات وكشف ملابسات مقتل الشيخ الرفاعي ومعاقبة المجرم وإنزال القصاص العادل بحق الذين ارتكبوا هذه الجريمة النكراء. لنا ملء الثقة بالدولة ومؤسساتها المعنية بمعالجة آثار وتداعيات هذه الجريمة، وندعو كل المواطنين إلى التزام القوانين والأنظمة المرعية الإجراء. ونشكر الأجهزة الأمنية التي سارعت لكشف الجناة ودرء الفتنة ووضع حد للشائعات التي رافقت هذا الحدث الجلل".
كذلك نعت دائرة الأوقاف الاسلامية في عكار الشيخ احمد شعيب الرفاعي، وقالت: "نتمنى لأهلنا في بلدة القرقف أن يكونوا في هذه المأساة الخطيرة أهل حكمة وصبر".
وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي: "هذا الملف قيد المتابعة من قبلنا مع المراجع القضائية والأمنية المختصة، وهناك بعض المعطيات الجديدة التي تجري متابعتها، ومن شأنها كشف الملابسات الكاملة لهذه القضية".
وكان الشيخ الرفاعي، وهو إمام مسجد القرقف الكبير، ينوي الترشح هذا العام إلى رئاسة بلدية القرقف، ضد خصمه الدائم رئيس البلدية الشيخ يحي الرفاعي. وإضافة إلى أدائه خطب الجمعة في مسجد بلدته، لديه مركز لتحفيظ القرآن، وكان متعهداً لأرض زيتون كبيرة في البلدة، وامتلك لفترة وجيزة مولداً كهربائياً، كما يعمل بإمدادات المياه في البلدة. والشيخ الرفاعي البالغ 44 عامًا، متزوج من امرأتين، ولديه من كل زوجة أربعة أبناء.
تعليقات: