قرّرت #القاع ومشاريعها الحدودية أن ترفض منذ اليوم اتّباع نهج "النعامة" في موضوع النازحين السوريين فتدفن رأسها في الرمل، وتتجاهل ما يدور حولها من خطر أمنيّ وديموغرافي واجتماعي واقتصادي، وأن تكون فريسة سائغة لأفراد من النازحين الخارجين عن القانون.
لذلك عقدت البلدة بسلطتها المحليّة والأهليّة العزم على حلحلة المشكلات الناجمة عن وجود النازحين، خصوصاً الأمنية منها.
رئيس بلدية القاع بشير #مطر تحدث لـ"النهار" عن أن وجود النازحين السوريين في البلدة ومشاريعها أوجد واقعاً غير صحيّ، وهو يُلقي على المنطقة أعباءً ثقيلة. وطالب المعنيين بتحمّل المسؤولية، وفي مقدّمهم المنظمات الدولية المانحة، في الوقت الذي توجّه بالشكر إلى القوى الأمنية على جهودها، محذّراً من الفشل في تهدئة الأهالي في كلّ مرّة تكون فيها عمليّات سلب وسرقة وترويج وتهريب للمخدرات.
وبعد مرور أكثر من ١٢ عاماً على الأزمة السورية واللجوء، ازدادت الأحوال الاقتصاديّة سوءاً، وبدأت المشكلات تتفاقم. أمنياً، تشهد البلدة ومشاريعها عمليات تهريب للمخدرات والأدوية المزوّرة إلى جانب أعمال السرقة التي زادت وتيرتها مع بداية فصل الشتاء، فضلاً عن أعمال الشّغب بين النازحين أنفسهم، حيث اتّضح أن 85 في المئة من الجرائم يرتكبها نازحون سوريون في المنطقة، وفق تحقيقات القوى الأمنية، في وقتٍ يفتقد فيه المجلس البلدي القدرة على ضبط التجاوزات، وعمليات التهريب.
وسأل مطر: "لماذا لا يكون هنالك قرار حاسم في #لبنان لحلّ هذه المشكلة، خصوصاً أن 80 في المئة من المناطق السورية أصبحت آمنة؟ حتى إن زائري هذه المناطق اليوم يؤكّدون ذلك، ما يبرز أنّه لم يعد هنالك من مبرّر لبقاء هذا الكمّ الهائل من النازحين. وذلك ينفي أيضاً وجود أيّ ذريعة أمنيّة لعدم عودتهم، ولا سيّما أن الكثيرين يدخلون الأراضي السورية بسهولة، ويعودون منها إلى الداخل اللبناني وفق ما يحلو لهم، ولا يعانون من أيّ عقبات مع النظام السوري. فليعودوا إذن، وليشاركوا الدولة السورية في جهودها لإعادة إعمار بلادهم، وهذا سينعكس إيجاباً على الجميع"، علماً بأنّ النسبة الكبرى من هؤلاء - بحسب مطر - نزحت خوفاً على حياتها وليس لأسباب سياسية، لافتاً إلى أن عدداً كبيراً من هؤلاء قاموا بتسوية مع النظام السوري لدخول #سوريا يومياً تحت شرط عدم الإقامة هناك، مستخدمين المعابر غير الشرعية في المنطقة للدخول والعودة إلى لبنان، من أجل الاستفادة من المساعدات التي تقدّم لهم شهرياً.
لكن مطر يُشير إلى حاجة القاع الموسميّة لليد العاملة السورية، خصوصاً في القطاع الزراعي، لكنّه يدعو إلى تنظيم هذه اليد، وأن تُحدَّد صفة النازح من عدمه، وأن تطبّق القوانين اللبنانية والدوليّة في هذا المجال.
اقتصادياً ومالياً، يستفيد النازحون من الخدمات المدعومة من الدولة، بالإضافة إلى استهلاكهم للبنى التحتية كالطاقة وغيرها، وينافسون القاعيّين في أعمالهم.
بيئياً، عدا عن مشكلة الصرف الصحّي، ثمة تلوّث المياه الآسنة المتسرّبة من المخيّمات إلى المياه الجوفية.
أمّا ديموغرافياً، فازدياد عدد النازحين في البلدة يغيّر البنية الديموغرافية وطابعها المسيحيّ، ويؤثّر على أسس حسن الجوار والعيش المشترك، فيما تشير الأرقام حالياً إلى خلل فاضح بوجود أكثر من 30 ألف نازح سوري من الطائفة السُنيّة.
وفي السياق، تطرّق مطر إلى مسألة دفن موتى النازحين العشوائيّ ضمن أراضي القاع من دون رقيب أو حسيب، داعياً وزارة الداخلية والبلديات ومفتي بعلبك الهرمل للطائفة السنية الشيخ بكر الرفاعي إلى المساعدة في حلّ هذه المشكلة.
الوضع صعب
مصدر أمني متابع لوضع النازحين في المنطقة وصف لـ"النهار" الوضع بـ"الصعب"، بالرّغم من كل جهود القوى الأمنية في المنطقة، لأن ملفّ النازحين خاضع للتجاذبات السياسية.
ويرى المصدر أنّ من حسن الحظّ أن المنطقة لم تشهد حتى اليوم وجود تنظيمات مسلّحة للنازحين، معتبراً أنّ هذا الخطر يسري على معظم المناطق اللبنانية لا فقط على القاع، في ظلّ توافر تقارير أمنية تفيد بوجود أسلحة في داخل المخيّمات، على الرغم من عمليات الدهم والمراقبة التي تنفذها القوى الأمنية هناك.
وفيما يرى المصدر الأمني أنه يتعذّر ضبط الحدود نظراً للطبيعة الجغرافية في المنطقة إلى جانب وجود عدد كبير من المعابر غير الشرعية، وتأليف شبكات تعمل على تأمين سمات دخول وخروج النازحين بشكل غير قانوني، حذّر من أن الظروف الاقتصادية المتدهورة في البلد والعمليات الإجرامية من قبل بعض النازحين الخارجين عن القانون تزيد من المخاطر في القاع وغيرها من المناطق اللبنانية.
تعليقات: