رسمياً: التأمين الإلزامي بالدولار حصراً.. بدءاً من اليوم

رفع قيمة بوالص التأمين الإلزامي ودولرتها لا ينفي وجود مخاوف من تهرّب شركات التأمين (Getty)
رفع قيمة بوالص التأمين الإلزامي ودولرتها لا ينفي وجود مخاوف من تهرّب شركات التأمين (Getty)


تتجه معظم القطاعات إلى دولرة منتجاتها وخدماتها، تفادياً لتداعيات تذبذب سعر صرف الدولار في السوق السوداء. ولعل قطاع الاستشفاء بكافة جوانبه كان السبّاق في دولرة فواتيره، وإن بشكل غير رسمي في السنوات الأولى من الأزمة المالية. أما اليوم، فباتت كافة فواتير الإستشفاء والطبابة والتأمين بالدولار "الفريش"، وآخرها "التأمين الإلزامي" عن الأضرار الجسدية التي تسببها المركبات البرية للغير.

يغطي التأمين الإلزامي الأضرار الجسدية الناجمة عن الحوادث، ولطالما كانت شركات التأمين تتهرب من التغطية الكاملة، تحت ذريعة تغيّر سعر صرف الدولار وتراجع قيمة بوالص التأمين الإلزامي، التي كانت تصدر بالليرة اللبنانية وباتت اليوم بالدولار الأميركي النقدي.

نزولاً عند مطلب شركات التامين ولضمان استمرار تغطيتها للأضرار الجسدية الناجمة عن الحوادث بشكل كامل، عمدت المؤسسة الوطنية للضمان الإلزامي إلى تحضير دراسة بالتسعيرة الجديدة لبوالص التأمين بالدولار نقداً. لاقت الدراسة موافقة وزارة الاقتصاد وشركات التأمين، ومن المقرّر أن يبدأ اعتمادها بدءاً من اليوم، 1 آذار 2023.


فكم بلغت الأسعار الجديدة؟ وهل سيحصل المؤمّن على تغطية كاملة بالفعل؟


تدرّج أسعار البوالص

قبل تسعير بوالص التأمين الإلزامي بالدولار مرت الأسعار بعدة مراحل تصاعدية، بالتوازي مع ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء. لكن المؤمّنين لم يستحصلوا على تغطية استشفائية كاملة عن الأضرار الناجمة عن حوادث السير، طيلة سنوات الأزمة المندلعة منذ العام 2019 وحتى اليوم.

فبوالص التأمين الإلزامي التي كانت تبلغ قيمتها 65 ألف ليرة قبل اندلاع الأزمة المالية عام 2019، وتتمتع بسقف تغطية يصل إلى 75 مليون ليرة، ارتفعت بعد وقوع الأزمة إلى 150 ألف ليرة، بناء على دراسة اكتوارية قامت بها المؤسسة الوطنية للضمان الالزامي، تُحدد فيها السعر الأنسب للبوليصة في ظل سعر الصرف المتغير وفواتير الاستشفاء المتزايدة.

وفي العام 2022 تم رفع سعر بوليصة التأمين الإلزامي إلى 400 ألف ليرة، ثم لاحقاً إلى 800 ألف ليرة، تماشياً مع ارتفاع سعر صرف الدولار. لكن الأمر اللافت أن الارتفاع المستمر في السنوات الماضية لسعر بوليصة التأمين الإلزامي لم ينجح يوماً في تأمين التغطية الاستشفائية الكاملة للمتضررين من الحوادث. فالشركات كانت تغطي جزءاً من فواتير الاستشفاء، في حين تتهرب من التغطية الكاملة، فتفرض المستشفى فارق التغطية على المتضررين من حوادث السير.


التسعيرة الجديدة للبوالص

حالياً أصبحت تسعيرة بوالص التأمين الإلزامي بالدولار النقدي حصراً، وهو ما يُفترض أن يحل أزمة التغطية الاستشفائية لمتضرري الحوادث، ويستلزم من شركات التأمين تغطية الأضرار الجسدية الكاملة وليس الجزئية.

حسب القرار الجديد يبدأ سعر بوليصة التأمين الإلزامي من 35 دولاراً (أو ما يفوق 3 ملايين ليرة على أساس سعر 88000 ليرة للدولار حالياً) وتختلف التسعيرة بين مركبة وأخرى. فبوليصة الـ35 دولاراً مخصصة للسيارات السياحية الخصوصية، ويبلغ سقف تغطيتها 400 ألف دولار، وترتفع قيمة البوالص حسب نوع المركبة (الصورة المرفقة)، فيصل سعرها إلى 750 دولاراً لصهريج المحروقات والمواد المشتعلة والخطرة، في حال كانت سعته تزيد عن 10 آلاف ليتر، ويبلغ سقف تغطيتها 600 ألف دولار.

رفع قيمة بوالص التأمين الإلزامي ودولرتها لا ينفي وجود مخاوف من أن تتهرب شركات التأمين من جديد من التغطية الاستشفائية الكاملة بالدولار، رغم تقاضيها أسعار بوالص التأمين من المؤمّنين بالدولار الفريش. وتعود المخاوف لكون عقود التأمين الإلزامي لا تزال حتى اليوم كما هي ولم يطرأ عليها أي تغيير. وهي تتضمن تعبيراً واضحاً بأن "التغطية تتم في المستشفى حسب درجة الضمان الاجتماعي". وبالتالي، يتخوف خبراء من أن تتمسك الشركات بهذا البند وتتهرب من التغطية بالدولار وتستمر بالتغطية بالليرة اللبنانية.

من هنا يؤكد مصدر رقابي من وزارة الاقتصاد في حديث إلى "المدن" أن التغطية الاستشفائية ستكون بالدولار الفريش حصراً. فالوزارة ستتشدد في تطبيق هذا الأمر، وهي تعمل على إصدار تعميم بهذا الخصوص. كما تلقت تأكيدات من شركات التأمين بالإلتزام بالأسعار الجديدة والتغطية الكاملة لمتضرري الحوادث، من دون تحميل المؤمّنين أي فوارق.

ويلفت المصدر إلى أن العقود تذكر التغطية بدرجة الضمان الاجتماعي والدرجة الثالثة أيضاً وهي (أي الدرجة الثالثة) محصورة بالدولار النقدي. وحسب المصدر، فإن الوزارة ستبلغ شركات التأمين بأن أي شركة ستتهرب من تغطية استشفاء أو تعويض متضرري حوادث السير سيتم منعها من إصدار بوالص التأمين الإلزامي.


تعليقات: