القاضية عون تقابل عويدات.. والاستجواب الأوروبي لسلامة مؤجل

الادعاء اللبناني على سلامة غيّر مسار التحقيقات الأوروبية (عباس سلمان)
الادعاء اللبناني على سلامة غيّر مسار التحقيقات الأوروبية (عباس سلمان)


تُصرّ النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان، القاضية غادة عون، على متابعة معركتها القضائية مع المصارف. ويظهر واضحاً تمسّكها بملفاتها الموجهة ضد حاكم مصرف لبنان، ومجموعة من المصارف، من خلال زيارتها اليوم للمدعي العام التمييزي، القاضي غسان عويدات، في قصر العدل ببيروت، والتي أتت بعدما طلب منها التوقف عن إجراءاتها القضائية والاستقصائية، لحين البت في قضية مداعاة الدولة ضدها.. غير أن "إجراءات" عون الأخيرة تحولت إلى أحد أهم البنود القضائية، التي جرى مناقشتها اليوم في جلسة مجلس القضاء الأعلى.

لا يتردد كثيرون من متابعي الملفات القضائية في القول إن قضية انفجار المرفأ وملف حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، يتصدران المشهد القضائي، وأنها متشابهة، نظراً لما تشهده من صراعات قضائية وتدخلات سياسية وعراقيل مستمرة. وبينما يحصل كل ذلك، يحاول بعض القضاة إيجاد مخرج قانوني قادرعلى تحريك الملفات المجمدة وإخراج القضاء من النفق المظلم.


لقاءات قضائية

تتفاوت الآراء حول صراع عون والمصارف، بين من يصف إجراءاتها "تنفيذاً لأجندات سياسية وحزبية"، وبين من يعتبرها "بطلة المواجهات والصراعات مع السياسيين".

لذلك، ولمعالجة التصادم حول "رفع السرية المصرفية" بين عون والمصارف، وانطلاقاً من صلاحيات رئيس النيابات العامة الواسعة، أصدر عويدات تعميماً اعتبر كأنه الخط الفاصل بين حق القضاء في التحقيق في الملفات المشبوهة وبين حق المصارف في حماية معلوماتها الخاصة بالمودعين والموظفين، ليعود ويطلب من عون التوقف عن إجراءاتها القضائية والاستقصائية خلال هذه الفترة.

من أجل ذلك، توجّهت عون لقصر العدل، صباح اليوم، الخميس 2 آذار، للاجتماع بعويدات في مكتبه، وفور وصولها للنيابة العامة التمييزية، سارعت مجموعة من المحامين إلى استقبالها معلنين التضامن معها، وتوجهت أيضاً للقاء رئيس مجلس القضاء الأعلى، سهيل عبود.


دراسة قانونية

لا شك أن لهذه الزيارة هدفاً أساسياً وهو تسليم دراسة قانونية مؤلفة من حوالى أربع صفحات للقاضي عويدات، للاطلاع عليها. هذا وقد أوضحت عون أمام المحامين وبعض الصحافيين "أن مضمون هذه الدراسة يركز على عدم جواز وقف التحقيق لمجرد وجود دعوى مداعاة الدولة التي قدّمت في غياب الهيئة العامة لمحكمة التمييز".

هذا واعتبرت مصادر "المدن" أنه "من المتوقع أن تتوقف عون حالياً عن متابعة ملفاتها حتى يوم الإثنين المقبل، ريثما تحصل على إجابة من عويدات حيال هذه الدراسة التي تقدّمت بها".


التحقيق مع البيطار!

في السياق نفسه، التأم مجلس القضاء الأعلى بعد عدة أسابيع من التأجيل، وشارك 7 قضاة بالجلسة، ومن بينهم القاضي غسان عويدات. وجرت مناقشة عدة بنود قضائية، ومن بينهم البند المتعلق بالقاضية عون.

وحسب مصدر قضائي لـ"المدن"، فإن عويدات قد أطلع أعضاء المجلس على الإجراءات الأخيرة التي اتخذها، أي تعميمه الأخير، وطلبه من عون التوقف عن عملها خلال هذه الفترة بسبب قضية مداعاة الدولة ضدها، في حين بدت الأجواء إيجابية داخل الجلسة، بعدما أشاد القضاة بعمل عويدات، معتبرين أنها الخطوات القانونية اللازمة لمعالجة هذا الصراع.

هذا وقد علمت "المدن" أن رئيس مجلس القضاء الأعلى، سهيل عبود، يتجه في الفترة المقبلة لتعيين قاض للتحقيق مع المحقق العدلي طارق البيطار، إضافة إلى هيئة اتهامية سيعينها مجلس القضاء الأعلى للنظر في صوابية القرار الذي يتخذه قاضي التحقيق، الذي سيجري تحقيقاً مع البيطار في إدعاء عويدات عليه بجرم "اغتصاب السلطة".


تأجيل زيارة الوفد الأوروبي؟

وأمام هذه المعطيات، تتوجه الأنظار إلى التطورات البارزة المرتقبة في ملف رياض سلامة. ولا نبالغ في القول أن العيون مصوبة على قاضي التحقيق الأول، شربل أبو سمرا، الذي استلم ملف رياض سلامة يوم الثلاثاء، 28 شباط. فالجميع بانتظار معرفة موعد عودة الوفد الأوروبي إلى بيروت لاستكمال تحقيقاته، ونتيجة التحقيقات اللبنانية في هذا الملف.

لذا، يؤكد مصدر قضائي لـ"المدن"، أن الموعد الرسمي الذي كان من المفترض فيه حضور الوفد الأوروبي إلى بيروت كان في السادس من آذار الجاري، إلا أن الادعاء اللبناني على سلامة غيّر المسار واختلفت الأمور. والملف في قبضة أبو سمرا، وأمامه مجموعة من الخيارات حالياً، فإما سيطلب تأخير الاستنابات القضائية (في حال طلبت الوفود الأوروبية تحديد موعد) وتأجيل موعد زيارتهم، ريثما ينهي تحقيقاته، أو بإمكانهم حضور تحقيقاته ومشاركتهم في جلسته، في حال وافق، ويحق له الرفض طبعاً. ومن الممكن أيضاً أن يُرسل أبو سمرا تحقيقاته في هذا الملف إلى الأوروبيين ليطلعوا عليه عوضاً عن حضورهم إلى لبنان. ويحق له الرفض أيضاً".

وهذا يعني أن قاضي التحقيق الأول هو سيد الملف حالياً، وقرار حضور الوفد الأوروبي أو تأجيل موعد زيارته سيحدده أبو سمرا فقط.

وحسب معلومات "المدن"، فإن مراسلة من القضاء السويسري وصلت إلى قصر العدل، وهي عبارة عن "CD". وفور وصوله، أرسل إلى االقاضي أبو سمرا للاطلاع عليه.

ربما خلال الأيام المقبلة ستصل إحدى الاستنابات القضائية إلى القضاء اللبناني، للمطالبة بتحديد موعد لاستكمال المرحلة الثانية من التحقيقات، التي سيجرى استجواب كل من رياض سلامة وشقيقه رجا سلامة. وهنا سيعلن أبو سمرا قراره الأخير. فهل ستؤجل زيارة الوفد الأوروبي؟ أم سيطلب منه الحضور في جلسات تحقيقاته؟

تعليقات: