كشف محاضر التحقيق بعقارية بعبدا: الفساد نمط حياة

نفت أمينة السجل العقاري مضمون كل الإفادات التي تدينها (جورج فرح)
نفت أمينة السجل العقاري مضمون كل الإفادات التي تدينها (جورج فرح)


في الأول من آذار أصدر قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان، نقولا منصور، قراره الظنّي في موظفي عقارية بعبدا، متضمناً اعتبار أفعال 13 شخصاً جناية، وأفعال 23 شخصاً جنحة، داعياً لمحاكمتهم أمام محكمة الجنايات في جبل لبنان، كلّ حسب المواد المدعى عليهم فيها، وذلك بعد إنهاء التحقيقات، التي حصلت "المدن" على نسخة منها.

اعتبر القاضي منصور أفعال أمينة السجّل العقاري في بعبدا نايفة شبو من نوع الجناية، حسب المادة 352 من قانون العقوبات، والظنّ بها بجنحة المادة 14 من قانون التصريح عن الذمة المالية والمصالح ومعاقبة الإثراء غير المشروع رقم 189 عام 2020، وبجنح المواد 351، 357، 371 و373 عقوبات.


التحقيق مع أمينة السجل العقاري في بعبدا

في القرار الظنيّ المكون من 39 صفحة (النص الكامل)، وردت محاضر التحقيقات مع الموظفين، وعلى رأسها أمينة السجل العقاري في بعبدا نايفة شبّو، التي أفادت "أنها باشرت العمل في العام 2008 في المديرية العامة للشؤون العقارية، وتحديدا في أمانات السجل العقارية في بعبدا"، معتبرة "أن كل ما ورد في إفادات الموظفين ومعقبي المعاملات والسماسرة لجهة تقاضيها وقبولها رشاوى لتسيير إنجاز اي معاملة او التخفيض في ثمن العقارات، هو عار عن الصحة ومحض افتراء وتجنٍ".

تقول المدعى عليها أنه "لم يسبق أن وردها أي شكوى بموضوع تقاضي الموظفين رشى مالية، أما فيما خص موضوع حضور معقبي المعاملات في مكاتب الموظفين بشكل دائم وتدخلهم بالمعاملات العقارية، فصرحت أنها أعلمت الإدارة مراراً بذلك، وسبق أن ذكرت هذا الأمر في المذكرات الإدارية التي أصدرتها".

في التحقيق الاستنطاقي مع المدعى عليها نايفة شبو كررت إفادتها الأولية، وأوضحت أنها أمينة السجل العقاري في بعبدا منذ العام 2014، وأنها استبدلت هاتفها لوجود أشياء خاصة على الهاتف، وأن القانون يتيح للجميع الدخول إلى أمانة السجل للمراجعة، شرط أن يكون لديه الصفة التمثيلية للمراجعة، وأن رؤساء المكاتب لديهم مكاتب خاصة ويستقبلون المراجعين، ولا يجوز للمعقبين التواجد داخل المكاتب. وهنا تقصد شبو أن مكتب رئيسة المكتب العقاري في بعبدا فينا يونس غير خاضع لسلطتها، لسوء العلاقة معها، وسبق وأرسلت لها تهديداً، وأن الإدارة على علم بالموضوع وأيضاً التفتيش الإداري. وبسؤالها عن المعقبين الذين يتواجدون داخل مكتبها بالذات، أجابت أن مكتبها يبقى مفتوحاً لاستقبال المراجعات من محامين وأصحاب علاقة.

عند سؤال شبو عن تواجد قريبتها غادة شبو، التي كانت تعمل سائقة لديها، وليس لديها مسمى وظيفياً، في المكاتب، بالقرب من الموظف فادي طليس، أجابت أن غادة مقيمة معها في المنزل وقريبتها، ولم تطلب بحياتها إفادة عقارية.

بالإنكار والنفي كانت شبو ترد لدى سؤالها عن إفادات الموظفين والمعقبين الذين يتهمونها، فنفت ما ورد في إفادة عاصم خليل وفينا يونس لجهة تقاضيها رشى من معقبين المعاملات. وبسؤالها عن ما ورد في إفادة أحمد منصور لجهة تسديده مبالغ بين أربعمئة ألف ليرة، وخمسة عشر مليون ليرة عن المعاملة الواحدة، وأن الأمر حصل معه أكثر من مئة مرة، مقابل إنجاز معاملته بسرعة، وحسب حجم المعاملة.. أنكرت ما ورد في إفادته. وبسؤالها عن ما ورد في إفادة أمين حسن عن تسديده مبالغ بين الخمسمئة ألف ليرة والستة ملايين ليرة لإنجاز معاملات، نفت أيضاً مضمون هذه الإفادة، ورجحت أن تكون الإفادة لإخفاء استيلاء المعقّبين على أموال الزبائن.

وبسؤالها عن ما ورد في إفادة محمود خالوصي، وهو أحد المعقبين، بأنها تتقاضى المال إضافة إلى أنه كان يودع لها المال في المصرف، قالت أنها نظمت له التفويض، بسبب عدم تمكنها من مغادرة عملها لإيداع مبالغ صغيرة تتعلق بألعاب أولادها عبر الإنترنت، وأن مبلغ المئة دولار المذكور في الرسالة كانت بسبب نجاح ابنها، مشيرة إلى أن مبلغ العشرين مليون ليرة الذي أودعه محمود كانت قد أرسلته مع الأخير لتسديد ثمن حجز في مطعم بالاطلال بلازا.


كل التحقيقات والإفادات كانت تُشير إلى تورط شبو، لكنها خلال التحقيق أنكرت ونفت مضمون كل الإفادات.


هدايا وأدوية وحوالات مصرفية

أحد معقبي المعاملات على سبيل المثال (م. خ)، لم ينكر خلال التحقيق بأنه كان يتقاضى بين مليونين و5 ملايين ليرة عن كل معاملة، عازياً ذلك لسوء الأوضاع الاقتصادية، متحدثاً عن علاقته بالموظفين، وكيف كان يؤمن لهم بعض الخدمات مثل تأمين أدوية، حليب، تقديم هدايا الكترونية، المساهمة بتسديد ثمن "بندقية" لأحد الموظفين، حتى أنه كان يودع أمولاً في أحد البنوك لصالح مديرة في العقارية، مشيراً إلى أن جزءاً من هذه الأموال كانت هدية لإبنها بمناسبة عيد مولده، حتى أنه كان يسدد بدلات "عاملة منزلية" تعمل لدى رئيسة المكتب العقاري في بعبدا.

تفاصيل كاملة يرويها الموقوفون في ملف العقارية خلال التحقيقات، تؤكد كيف كانت مغارة "علي بابا" تُدار بالسمسرات والتنفيعات والرشى، وكيف كان المواطن البسيط غير قادر على إنجاز معاملته بالوقت المطلوب، لأن الموظفين لا يقومون بعملهم سوى بعد الحصول على الأموال.

تعليقات: