لك التكريم يا قمر المعالي فيك تجمعت زين الخصال بعلمك قد علوت اليوم قدراً فقدرك بين كل الناس عالي فعذراً يا رب الأجيال عذراً بحقك لن يفي اليوم مقالي.
كان معلمي ثورة مستمرة من اجل العقل والاعتدال وصنع التقدم.
وكانت حياته غنية بالعطاء، حتى تخال صاحبها عاش عدة قرون، وإنتاج في عدة محاور :
فهو في آن :
-المفكر الاسلامي.
– والدبلوماسي.
– وأستاذ علم السياسة.
– والفيلسوف العقلاني.
– ومفكر الإنماء.
– والمناضل اللبناني – العربي.
-ورجل الحوار من الطراز الأول.
كان معلمي يؤمن بأن للعقل العربي دوراً يجب ان يلعبه في الحضارة الإنسانية. وأن الشعب الذي أفرز يوماً ابن خلدون وابن رشد وسواهم قادر ان يلعب الدور الرائد في العالم من جديد. وكان يعتقد ان التواصل الحضاري بين الامم هو الطريق الى المستقبل، وطريق العرب بشكل خاص. وفي هذا المجال قدم كتابه الرائد «تحديث العقل العربي».
وكان في أبحاثه عن الانماء يستحضر حالة العرب المتردية ويؤكد أن الإنماء يعني قيام حركة في المجتمع العربي، قادرة على ان تُعيد اليه قدرته على التجدد ذاتياً وتفتح أمامه باب الابداع والتطوير. وهذا لا يتأتى إلاّ بتحرير الانسان العربي من العوز والجهل، وتحرير العقل العربي من رواسبه المتحجرة التي ترفض الاجتهاد والتجديد.
وكان يردد في كل مناسبة أن الإنماء هو إنماء الانسان، كل الإنسان، وان إنماء الاقطار المتخلفة لا يتم إلاّ بوجود مؤسسات فيها قادرة على توفير الضمانات لاحترام حقوق الانسان وحرياته الاساسية، وتحرير الارادة والارض والتراث من التبعية أو السيطرة الاجنبية، والاسهام في مسيرة الحضارة الانسانية، والاستفادة من ابداع الغير دون محاكاته، والاعتماد على أفضل ما في التراث دون التقوقع فيه.
وكان معلمي يعتقد أن تحقيق الإنماء يحتاج إلى قادة إنمائيين، وان هؤلاء لا يستطيعون التخطيط للإنماء وتنفيذه إلاّ بتسلّمهم مقاليد الحكم في الدولة. لقد كان بذلك متأثراً إلى حد كبير بنظرية أفلاطون والفارابي التي تعتبر ان صلاح المجتمع مرهون بصلاح الرئيس (أي الفيلسوف عند افلاطون والامام عند الفارابي) وان المجتمعات الفاضلة هي المجتمعات التي يتزعمها ويسوسها الفلاسفة والحكماء. والحكيم، في عُرف معلمي الراحل، هو صاحب الرأي السديد في عملية الإنماء. وإيمانه العارم بالإنماء وبوجوب إنجازه في لبنان.
كان معلمي مؤمناً بالحياة وبقوة الحياة. شعلة ايمان تتغذى من نارها الدائمة. يؤمن بالانسان وبقدرته وبتخطيه لنفسه كما تخطى هو اقداره، كان يلتقط كل جذوة حياة تتألق في عين انسان ويحاول رعايتها واطلاقها، وكانت الحياة نفسها تتألق في عينيه وتختصر حضوره حتى في مراحل التعب والمرض.
معلمي ابا حسان يكفيني فخراً انك أسهمت في تربية أجيال، وأغنيت الفكر العربي بثمرات ستبقى ذخراً لكل راغب في خدمة مجتمعه.
اذكره اليوم في ذكرى عيد المعلم ولا شك في انه يقرأ.
معلمي أنت الشجرة التي نستظل بظلها ونأكل من ثمرها فنزداد بها علما ونرفع بها مكانة وأنت الزهر الذي ينبت في قلوبنا فيرويها علماً.
فإليك مني دكتور حسن أجمل تحية وتقدير واحترام.
محمد ع. درويش
تعليقات: