المطاعم والملاهي تنتعش بالدولار.. ورواتب موظفيها تتبخر بالليرة!

معدل أجور عمال المطاعم انهار إلى أكثر من 80 في المئة (مصطفى جمال الدين)
معدل أجور عمال المطاعم انهار إلى أكثر من 80 في المئة (مصطفى جمال الدين)


على الرغم من اتجاه إدارة المؤسسات السياحية والمطاعم إلى فرض تسعيرتها بالفريش دولار، إلا أن ذلك لم ينعكس على واقع العاملين في هذه المؤسسات. إذ ما زالوا يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية.

تتجه عادة المطاعم إلى تغيير تسعيرتها وفق التغييرات الحاصلة في السوق، ومع كل ارتفاع في سعر صرف الدولار، تسعى إدارة المطاعم إلى تغيير لائحة أسعار وجباتها. إلا أن تجاوز سعر الدولار حاجز 106000 ليرة لبنانية، دفع بالعديد من المطاعم وتحديداً الشعبية منها، إلى التحول نحو فرض أسعارها بالدولار، أو ما يوازيه حسب سعر السوق الموازية، فأصبح على سبيل المثال، سعر سندويش الفلافل نحو 220 ألف ليرة، أي أكثر من دولار ونصف الدولار تقريباً، فيما وصل سعر سندويش الشاورما إلى ما يقارب 4 دولارات، ومقابل ذلك، فإن رواتب العاملين بالقطاع تلامس الصفر.


حقوق مهدورة

اتجاه المطاعم الشعبية إلى فرض تسعيرتها بالدولار، لم يأخذ بالاعتبار حقوق الموظفين والعمال في هذا القطاع، وهو ما قد يهدد مستقبل هذه القطاعات. يعمل هادي نور الدين في أحد مطاعم الوجبات السريعة في العاصمة بيروت، من الساعة 10 صباحاً إلى ما بعد منتصف الليل. يتقاضى ما يقارب 200 دولار. يقول لـ "المدن": قبل العام 2019، كانت رواتب العاملين في هذا القطاع تبدأ من 450 دولاراً وتصل تدريجياً إلى نحو 2000 دولار، فيما كان يتقاضى العامل بدوام جزئي، ما بين دولارين وثلاثة دولارات في الساعة الواحدة، لكن بعد الأزمة، تبخرت هذه الأرقام، وانهارت معها رواتب موظفي المطاعم والمقاهي بشكل دراماتيكي.

وتوضح دراسة صادرة عن نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي في لبنان، إلى أن العمال والموظفين كانوا الأكثر تأثراً بارتدادت الأزمة الاقتصادية، خصوصاً بعدما اضطر أكثر من 50 في المئة من أصحاب المطاعم والملاهي إلى إقفال أبواب مؤسساتهم، والاستغناء ما لا يقل عن 25 ألف موظف وعامل.


رواتب مختلفة

بنظرة بسيطة إلى ما قبل العام 2019، وصل راتب الطاهي التنفيذي إلى ما بين 1800 و2000 دولار أي نحو ثلاثة ملايين ليرة، فيما يتقاضى رئيس الطهاة ما بين 1200 و1600 دولار، أي ما يقارب مليونين وأربع مئة ألف ليرة وتنخفض الرواتب إلى ما بين 600 و800 دولار، نحو مليون و200 ألف ليرة، بالنسبة لموظفي الصالة، أو النادل وما إلى ذلك. في حين أن معدل أجور عمال المطاعم (من معلم السناك وصولًا إلى موظف الكول سنتر) انهار إلى أكثر من 80 في المئة. إذ وفي أفضل الأحوال يتقاضى النادل نحو 8 ملايين ليرة، فيما يصل راتب "معلم السناك" إلى 14 مليون ليرة، أي ما يوازي 140 دولاراً.

ووفق بيان صادر عن مجلس نقابات موظفي الفنادق والمطاعم والتغذية واللهو، فقد تم تحديد رواتب العاملين في القطاع على النحو التالي: النادل ومساعد النادل ما بين 200 إلى 300 دولار، المدير المسؤول عن الصالة براتب يصل إلى 500 دولار، فيما يصل راتب مدير المطعم أو المؤسسة السياحية إلى 1000 دولار، أما العمال في المطبخ، فقد حددت النقابة رواتبهم بدءاً من 250 دولاراً وصولاً إلى الطاهي ومعلم الحلويات براتب يقارب 800 دولار.

هذه الأجور غير حقيقية، حسب محمد شبيب -طاه تنفيذي- يعمل في القطاع منذ 12 عاماً. لم يعد شبيب يتقاضى راتبه كالسابق، فقد انخفضت قيمة راتبه لأكثر من 75 في المئة. يتقاضى 200 دولار ونحو 14 مليون ليرة، ويعمل لمدة 5 أيام أسبوعياً.

يقول "الراتب تقريباً شبه ثابت ولا يلحظ الارتفاع اليومي للدولار، مما يفقده جزءاً من قدرته الشرائية، في حين أن المطاعم تتقاضى من زبائنها بالدولار الفريش أو حسب سعر الصرف الذي يتحدد بشكل يومي".


رؤية خاصة

يرفض رئيس نقابة اصحاب المطاعم والملاهي اللبنانية، طوني الرامي، اعتبار الموظفين الحلقة الأضعف، ويؤكد لـ"المدن" بأن العلاقة بين أصحاب المطاعم والعمال هي علاقة شراكة أكثر مما هي علاقة وظيفية. ولذا، فإن العديد من المطاعم والمؤسسات السياحية الكبرى تدفع نصف رواتب موظفيها بالفريش دولار، والنصف الآخر بالليرة، على اعتبار أن الحفاظ على جودة الخدمات يتطلب أيضاً الحفاظ على اليد العاملة والماهرة، وإعطائها حقوقها كاملة.

قد تكون بعض المؤسسات السياحية اتجهت فعلاً إلى تسديد الرواتب بالدولار، لكن ذلك ليس معمماً على جميع المطاعم و"السناك" التي تقدم وجبات سريعة. ووفق الرامي، فقد يكون من الصعب إلزام هذه المؤسسات الصغيرة بتسديد رواتب العاملين بالدولار، إذ يبقى لكل إدارة رؤيتها واستراتيجيتها، خصوصاً وأن عمل المطاعم و الملاهي بات شبه موسمي.

سارة قباني، تركت مجال المطاعم والسياحة واتجهت إلى قطاع الترجمة، بعدما تلاشت مستحقاتها المالية. تتقاضى نحو 14 مليون ليرة، أي 140 دولاراً بمعدل ساعات عمل تصل إلى 280 ساعة. تقول لـ"المدن": "تصرّ إدارة العديد من المطاعم الكبرى على تحميل الموظفين تبعات الأزمة الاقتصادية، من خلال وضع جدول للرواتب لا يتعدى حاجز 12 مليون ليرة، بدوام عمل يتخطى 10 ساعات". بدأت قباني منذ 5 سنوات العمل في هذا المجال، بنظام جزئي، تعمل لمدة 6 ساعات وتتقاضى 3.5 دولارات في الساعة الواحدة، فيما اليوم انخفضت التسعيرة وتتراوح ما بين 7 سنتات ونصف دولار تقريباً في الساعة الواحدة.

ترى قباني أن قطاع المطاعم تحديداً لم يتأثر بالأزمة كباقي المؤسسات السياحية، إذ حافظ على هامش الربحية، وتحديداً بعد قرار وزارة السياحة السماح بدولرة الفاتورة النهائية، في المؤسسات التي تمكنت من الصمود خلال السنوات الماضية.

تعليقات: