تُقدَّر مساحة التعديات بستين ألف متر مربع (Getty)
هدأت العاصفة الاعتراضية على قرار إقفال منتزهات الوزاني، الذي صدر عن وزير السياحة وليد نصار، والتي أرجع سببها إلى "الشكاوى التي قدمتها قوات اليونفيل إلى الجيش اللبناني في العام 2013، بناء على احتجاج من العدو على قيام سرب من البط في أحد المنتزهات بخرق الخط الأزرق، فحولتها إلى وزارة الدفاع والداخلية ثم القضاء، الذي وجد باباً للادعاء عبر ملف التراخيص التي لا تحوزها تلك المنتزهات. وقد لاقى القرار، حملة اعتراض كبيرة واتهام الوزير نصار بـ"العمالة".
بلا مسوغ قانوني
لكن أبعد من نظرية "استهداف المقاومة" عبر هذا القرار، فإن ما يحصل في الوزاني يعود إلى العام 2017، (تحقيق نشرته "المدن")، حين حصلت أكبر عملية سرقة وتزوير للمشاعات والأملاك العامة في المنطقة، وتم الانقضاض على مشاعاتها من قبل أفراد من بلدة الخيام، الذين استملكوا ما تسمى بآبل القمح الموزاية للحدود مع فلسطين المحتلة، حيث بُنيت المنتزهات من دون أي مسوغ قانوني، لا بل عملوا على الاستحصال على مستندات علم وخبر بطريقة غير شرعية من قبل أحد مخاتير بلدة الخيام.
وحسب معلومات "المدن"، فأنه بناءً على طلب بلدية الوزاني عام 2019، عمدت وزارة الطاقة والمياه، إلى تكليف فريق من المهندسين من الوزارة لإجراء مسح شامل لمجرى النهر، حيث تبين بأن جميع المنتزهات على ضفاف الواني هي ليست فقط مخالفة، بل متعدية على أملاك العامة للدولة. كما جرى التلاعب في مجرى النهر وتضييقه، بعد حفر جوانبه وتغيير مجراه.
وثائق وخرائط
وقد حصلت "المدن"، على نُسخة مقدمة إلى وزارة الداخلية والبلديات بناءً على إخبار بلدية الوزاني، والتي على أثرها كُلفت وزراة الطاقة والمياه بإجراء مسح للمنطقة، وتقديم معطياتها إلى كل من وزارتي الطاقة والداخلية. والوثيقة الصادرة في العام 2019، أي في عهد وزيرة الطاقة ندى البستاني، طالبت بحماية مجرى النهر وإزالة التعديات الحاصلة التي شوّهت مجرى النهر، وتكليف من يلزمه في دائرة المسح بإجراء عملية إظهار حدود للمجرى، لتحديد ماهية التعديات ومقارنة الوضع مع الخرائط القديمة الموجودة في دائرة الشؤون الجغرافية للجيش اللبناني. وقد تطابق مسح وزارة الطاقة مع مسح أجرته بلدية الوزاني عن طريق خبراء مُحلفين.
ووفق معلومات لـ"المدن"، تُقدَّر مساحة التعديات بستين ألف متر مربع يجب أن تكون أملاكاً عامة، مُسحت خلال أعمال التحديد التي جرت عام 2009. وهي بأجمعها المخالفات للمنتزهات السبعة القائمة على مجرى النهر.
وأكثر من ذلك، فإن جميع المنتزهات الموجودة لم تستحصل على أي ترخيص من البلدية المعنية، لا بتشغيلها ولا بأعمال البناء التي قام بها أصحاب المنتزهات، ناهيك عن التهرب من دفع الضرائب إلى البلدية.
الوزير نصار والرئيس برّي
من جهته، وزير السياحة وليد نصار، وفي تصريح لـ "المدن"، قال إنه "طلب من أصحاب المنتزهات تسوية أوضاعهم، وإصدار تعهد من كاتب العدل لتقديم المستندات اللازمة، والوزارة ستسهل الأمور الإدارية كما يحصل مع كل المنتزهات السياحية في لبنان". ولدى سؤال "المدن" عن قضية التزوير الحاصلة في المنطقة، قال نصار إنه "لا يملك أي معطيات بهذا الشأن، وسيستمع إلى وجهة نظر بلدية الوزاني ليبنى على الشيء مقتضاه". ويبدو أن الوزير نصار لم يكن لديه علم بالوثيقة أو المستند الصادر عن وزراة الطاقة والمياه في العام 2019.
رئيس مجلس النواب نبيه برّي طلب من الوزير نصار حل الموضوع بعد اتصاله به، قائلاً له: "كنت صريحاً بأن هناك أطراً قانونية يجب عدم تجاوزها، وعلينا حلها بعيداً عن البلبلة التي حصلت في التهم، ولعدم تقديم خدمة للعدو الإسرائيلي في إقفال المنتزهات".
من الواضح أن الوزير نصار لا يملك المعطيات الكافية في موضوع الوزاني، المطروح منذ العام 2017. فكيف للوزير الإغفال وعدم الإحاطة بكل جوانب هذا الملف. كما يُطرح سؤال هل ستُتم معالجة التعديات على الأملاك النهرية، وغيرها من التعديات على الأملاك البحرية، والمشاعات من الجنوب حتى الشمال، على طريقة "المونة"، ووضعها في أدراج الدوائر القضائية والعقارية؟
يبدو الأمر كذلك، فقد أصدر الوزير نصّار تعليماته للجهات الرقابية في الوزارة بفضّ الأختام عن المؤسسات السياحية الموجودة على ضفاف نهر الوزاني "بعد إتمام الإجراءات اللازمة من قبل أصحاب المؤسّسات".
* المصدر: المدن
تعليقات: